عقب توقيع اتفاقية بين الحكومة السودانية والحركات المسلّحة، وتأخير تنفيذ اتفاقية دمج هذه القوات داخل الجيش السوداني، برزت مخاوف المواطنين والسكّان من مظاهر التسلّح، ووجود القوات التي تحمل السلاح بين المدنيين في العاصمة الخرطوم.
كاميرا "العربي الجديد" رصدت هذه المخاوف من خلال آراء المواطنين. ويقول محمد سعيد حلفاوي، المتخصّص في شؤون الحركات المسلّحة، إنّ تعدّد القوات المسلحة داخل العاصمة، شكّل عامل قلق وخوف كبيرين لدى المواطنين، بعد عقد اتفاقية السلام في جوبا، في أكتوبر/تشرين الأول 2020، التي لم توضح الفترة الزمنية للترتيبات الأمنية ودمج القوات في الجيش السوداني.
وتابع حلفاوي: "هناك أسئلة عديدة يطرحها الشارع السوداني حول مدى إمكانية تحوّل هذه القوات إلى جيش موحّد، ولا سيما أنّ الحكومة السودانية لا تقدّم إجابات واضحة حول المدة الزمنية لفعل ذلك، رغم انتشارها بشكل واضح خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة".
ويشبّه المتخصّص في شؤون الحركات المسلّحة اتفاق السلام الأخير بـ"وصفة الحرب، لأن اتفاق جوبا ركّز على نشر هذه القوات في العاصمة، ما خلق خوفا لدى المواطنين من السير في الشوارع بحرية، خاصة مع استمرار الاحتجاجات منذ اندلاع الثورة، ووجود سخط شعبي كبير على الحكومة الانتقالية الحالية، وكون الوضع السياسي غير مفهوم في عموم البلاد".
ويشير حلفاوي إلى أنه تتردّد أنباء حول استمرار هذه الترتيبات بشأن الحركات المسلّحة في السنوات المقبلة، متسائلاً كيف ستنظم الانتخابات في نهاية الفترة الانتقالية والجيش السوداني غير موحّد؟
المهندس السوداني أحمد عباس يرى أنّ دخول القوات التابعة للحركات المسلّحة إلى العاصمة أمر مقلق للغاية للمواطنين، ويشير إلى أنّه منذ قيام الثورة على نظام عمر البشير، كان الجميع يأملون بأن يكون في السودان جيش موحّد نظامي.
ويؤكد عباس أنّه كان يجب أن تتم الترتيبات اللازمة قبل دخول الحركات المسلّحة إلى العاصمة، بدلاً من وجود أفرادها في الأحياء والشوارع بطرق عشوائية وفي الحدائق، دون تخصيص معسكرات لهم. و"هم الآن يسيرون في الشوارع حاملين الأسلحة، الأمر الذي يدفع المواطنين إلى التسلّح للدفاع عن أنفسهم بعد الانفلات الأمني".
وتنتقد المواطنة مآب الميرغني اهتمام الحكومة الانتقالية بتوزيع المناصب والعلاقات الخارجية، لكن ليس هناك في الأساس بنية تحتية أمنية، رغم تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد.
أما المواطنة وفاء حسن بلال، فتؤكد أنّ الحركات المسلّحة بالعاصمة كثيرة ومتفرّعة وقد تسبّبت في تأخير إنجاز الملفات الأمنية، رغم أنه من المفترض في هذه الآونة أن يكون تحقيق السلام أولوية، ثم دمج هذه الحركات في القوات المسلّحة السودانية. ولفتت إلى أنّ تأخيرها خلق توترا بين المواطنين، بل وحوّل العاصمة إلى شبه معسكر أمني، لكن ليس فيه أمان.