استمع إلى الملخص
- الضغوط الحياتية والأزمات المعيشية تدفع الطلاب للبحث عن وسائل للهروب من الواقع، مما يزيد من انتشار المخدرات ويؤدي إلى تدهور المستوى التعليمي وارتكاب الجرائم.
- برلمان إقليم السند يطالب بسن قوانين صارمة للحد من تعاطي المخدرات في الجامعات والمدارس، مع تأكيدات على الحاجة الملحة للتصدي لهذه الظاهرة لحماية مستقبل البلاد.
تشهد المدارس والجامعات انتشاراً للمخدرات بين الأطفال والشباب، الذين يسهل عليهم الحصول عليها وتعاطيها. وليست قضية تفشي المخدرات داخل المدارس والجامعات أمراً جديداً، وقد أثيرت من طرف السياسيين والإعلاميين والناشطين في المجتمع المدني، واتخذت الحكومة بعض الخطوات وتوعدت الضالعين في القضية ومروجي المخدرات داخل المدارس والجامعات. إلا أن الخطوات كانت آنية، وليست مبنية على خطة ممنهجة لاستئصال أزمة تفشي المخدرات في المراكز التعليمية، خصوصاً الجامعات.
في هذا السياق، يقول الناشط الباكستاني عابد مسعود، وهو من سكان مدينة بشاور شمال غرب باكستان، لـ "العربي الجديد": "عندما تمشي إلى جامعة بشاور العريقة والكبيرة في إقليم خيبربختونخوا شمال غربي البلاد، ستشم بعد صلاة المغرب رائحة الحشيش تفوح من كل مكان بسبب كثرة المدخنين، وستجد مجموعات من الطلاب يجلسون تحت الأشجار وفي ساحات الجامعات وباحاتها ويدخنون الحشيش وهم مجمومات وعلى مرأى من الجميع، أي أساتذة وإداريين. لكن مع الأسف الإدارة لا تبالي بالقضية، حتى إن بعض الأساتذة يتعاطون المخدرات.
يضيف أن التعامل مع الأمر، خصوصاً من أصحاب السلطة، لا يساهم فقط في إفشال الجهود الرامية إلى التصدي لظاهرة تفشي المخدرات داخل الجامعات، بل يشجع المزيد من الطلاب على تعاطي المخدرات، وذلك لأسباب عدة: أولاً، لأن المخدرات موجودة في كل مكان والعثور عليها سهل، كما أنها رخيصة ما يسهل على الطلاب شراءها. وعندما يجلس الطلاب في المجالس، يتعاطون المخدرات مع أقرانهم من دون شرائها.
ويوضح أنه في السابق، وخلال حكومة عمران خان المقالة، أجريت بعض الإصلاحات في أقسام الشرطة والأمن، وكانت عناصرها والإدارات في الجامعات مرغمة على اتخاذ إجراءات بشأن تفشي المخدرات، وكان الطلاب المدمنون على المخدرات يتعاطونها في الغرف والأماكن البعيدة عن أنظار الناس. لكن في الوقت الحالي، عادت الأمور إلى سابق عهدها وسط غياب الرقابة وانعدام الخوف من الشرطة وعناصر الأمن والإدارات. وأصبحت المخدرات موجودة في كل مكان وفي متناول الجميع. ويتهم مسعود الحراس والشرطة بتأمين المخدرات، موضحاً أنها أصبحت تجارة رابحة لرجال الأمن والحراسة.
من جهته، يقول الطالب في الجامعة عرفان خان، لـ "العربي الجديد"، إن أسباب تفشي المخدرات ليست محصورة بتعامل السلطات والإدارة فحسب، بل ثمة أسباب أخرى منها ضغوط الحياة الكثيرة التي يواجهها الطلاب في الجامعات، والأزمات المعيشية، إذ إن الكثير من الطلاب لا يمكنهم دفع الرسوم الجامعية وغيرها من الأساسيات، وتصبح المخدرات خياراً يهدئهم ولو نسبياً، ووسيلة للهرب من الضغوط اليومية. يضيف: "الكثير من الطلاب بدؤوا يتعاطون المخدرات أيام الامتحانات"، لافتاً إلى أن صعوبة الامتحانات قد تجعل الكثير من الطلاب يلجؤون إلى تعاطي المخدرات.
والأمر لا ينسحب على الجامعات فقط، بل أيضاً على المدارس خصوصاً الثانويات، حيث تتفشى المخدرات بسرعة كبيرة. ويقول خان إن المدارس الباكستانية، ولا سيما الثانويات، تشهد إقبال الطلاب على تعاطي المخدرات، وهو أمر مخيف. وربما لا يعرف هؤلاء أن تعاطي المخدرات قد يقودهم إلى ارتكاب جرائم.
ولعلّ ما أثير على وسائل التواصل الاجتماعي، من تأثير المخدرات على الطلاب والطالبات، دفع برلمان إقليم السند المحلي في جنوب باكستان، إلى إصدار قرار في الـ 27 من شهر مايو/ أيار الماضي، مطالباً الحكومة بسن قوانين صارمة تحد من تعاطي المخدرات داخل الجامعات الباكستانية. وبعد نقاش طويل، قرر البرلمان أن يطلب من الحكومة العمل من أجل سن قوانين جديدة وصارمة للحد من تفشي المخدرات داخل الجامعات والمدارس. وقالت وزيرة الصحة في ولاية السند، عذرا فضل بشوشو، في كلمة لها أمام البرلمان في الـ 27 من شهر مايو/ أيار الماضي، إن المراكز التعليمية تشهد انتشاراً كبيراً للمخدرات، وهناك حاجة ملحة إلى التصدي لها، موضحة أن الطلاب وبسبب ضغوط الامتحانات، يلجؤون إلى تعاطي المخدرات كما أن الحصول عليها سهل للغاية. وعادة ما يطلبون المخدرات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويوصلونها إليهم بسهولة، وهي رخيصة أيضاً وفي متناول الجميع.
وذكرت الوزيرة أنه في ظل انتشار تعاطي المخدرات، هناك تدهور كبير في المستوى التعليمي والدراسي للطلاب، كما ارتفعت وتيرة الجرائم في المراكز التعليمية، خصوصاً الجامعات، موضحة أنه ثمة مشكلة أخرى وهي أن الكثير من الآباء أيضاً مدمنون على المخدرات، فالطلاب يأتون إلى الجامعات والمدارس آخذين معهم المخدرات من منازلهم، ولا بد للحكومة اتخاذ خطوات مفصلية من أجل القضاء على هذه الظاهرة التي تدمر مستقبل بلادنا.