يخلق تفشّي جرائم الشوارع في باكستان حالة قلق وخوف كبيرين في بلد يفتقر إلى آليات الرقابة الاجتماعية، ويعاني من ضعف كبير في نظامه للعدالة الجنائية. وتشمل الجرائم كل الأقاليم، لكن المدن الكبرى تعتبر الأكثر تأثراً بها، وتحديداً كراتشي عاصمة إقليم السند، ولاهور عاصمة إقليم البنجاب.
وأعلنت شرطة مدينة كراتشي وقوع أكثر من 60 ألف جريمة شوارع في عام 2022، وأوضحت أن هذا الرقم أكبر من أرقام عام 2021، لكنها استدركت بأنها تبذل قصارى جهدها من أجل التصدي لهذه الجرائم التي ترى أنها ترتبط بدوافع كثيرة في المدينة التي تصنّف بأنها العاصمة الاقتصادية لباكستان.
وقال نائب رئيس شرطة كراتشي، محمد عالم أدهو، في مؤتمر صحافي، إن "الشرطة وأجهزة الأمن حققت إنجازات كبيرة خلال العام الماضي، لكن معدل الجرائم ما زال كبيراً، وجعل المدينة تتكبد خسائر ضخمة في الأرواح والأموال، إذ قتل 109 أشخاص على أيدي لصوص وخلايا إجرامية العام الماضي، في مقابل 75 شخصاً عام 2021، علماً أن جرائم الشوارع زادت بنسبة 7 في المائة مقارنة بعام 2021. تم اعتقال 8866 مشبوهاً بارتكاب جرائم شوارع، و110 مشبوهين في قضايا ابتزاز مالي، و5420 في قضايا سرقات مختلفة، بينها سيارات، وإحالتهم إلى المحاكم".
وأشار أيضاً إلى مقتل 129 مشبوها خلال 889 مواجهة حصلت مع رجال الشرطة في عام 2022، وإلقاء القبض على أكثر من 38 ألف متهم آخرين، و8632 تاجر مخدرات، وأن المخدرات والأسلحة غير الشرعية شكلت دائماً مشكلة كبيرة للشرطة. وشدد على ضرورة مساءلة ضباط الشرطة في حال إثبات ضلوع بعضهم في تلك القضايا، وكشف عن تسجيل 58 قضية ضد أفراد من الشرطة وضباط متورطين في جرائم، كما قتل 10 من رجال الشرطة وجرح 70 في العمليات ضد الخلايا الإجرامية.
إلى ذلك، خطفت خلايا إجرامية، في 6 مارس الماضي، أربعة تجار قماش في منطقة كتشي قرب مدينة كراتشي في إقليم السند، وذلك بعدما استدعاهم الخاطفون بحجة رغبتهم في شراء أقمشة لتوزيعها على الفقراء خلال شهر رمضان. وجاء التجار الذين خطفوا من مدينة ملتان بإقليم البنجاب، وجلبوا معهم كميات كبيرة من الأقمشة بحسب ما اتفقوا مع أعضاء الخلية الإجرامية، وحين وصلوا إلى مدينة كراتشي استدعوا إلى منطقة كتشي بحجة أن القماش سيوزع على فقراء فيها، وأنها ستشكل سيتم فيها دفع الأموال مقابل القماش والتفاوض على مزيد من الأعمال، ثم خطفوا.
وقالت شرطة إقليم السند في بيان إنها تحاول الوصول إلى الجناة الضالعين في قضية خطف التجار من أجل الإفراج عنهم، موضحة أنه جرى خطف عشرات من التجار وأصحاب الأموال في المنطقة بذرائع مماثلة.
وفي 23 مارس الماضي قتل 4 سارقين رجلاً في وضح النهار في سوق مكتظ بالناس بمدينة كراتشي. وأظهرت كاميرات المراقبة أن السارقين قدموا على متن دراجات نارية، وأوقفوا رجلاً بين الناس أخذوا منه مالاً وهاتفاً خليوياً تحت تهديد السلاح ثم أطلقوا النار عليه من دون أن يقاوم، في وقت اكتفى مارة بمراقبة هروب السارقين، ثم توفي الرجل لاحقا متأثراً بالجروح التي أصيب بها.
وفي 5 إبريل الجاري، ظهر 4 أولاد للقتيل في شريط فيديو نشر على منصات التواصل الاجتماعي، وطالبوا الحكومة بالمساعدة في اعتقال القتلة وتوفير مساعدة مالية لهم خلال شهر رمضان الذي يفترض أن يأخذ الآباء ملابس لأولادهم ولكن أباهم قتل، ما يعني أنهم لن يحصلوا على ملابس في عيد الفطر المقبل.
ويقول الناشط الاجتماعي في مدينة كراتشي، أويس أحمد، لـ"العربي الجديد": "ليست جرائم الشوارع في مدينة كراتشي وضواحيها وليدة اليوم، بل تعود جذورها إلى وقت طويل لكنها تشهد ارتفاعاً غير مسبوق في هذه الأيام، تحديداً شهر رمضان. والمستغرب أن الضالعين في القضايا لا يخافون من الشرطة والمواطنين، إذ ينفّذون عملياتهم غير القانونية في وضح النهار وأي ساعة وأي مكان، ويفعلون ما يريدون ويهربون".
ويوضح أن "أسباباً اجتماعية وأمنية تقف وراء هذه العمليات، وبينها البطالة المستشرية، والإدمان على المخدرات، فكثير من مدمني الحشيش ضالعون في هذه القضايا، لكن الأخطر هو تورط ضباط في جهاز الشرطة، وهو ما ثبت في حق عشرات منهم أصدرت المحاكم عقوبات ضدهم. والقضية لا تنحصر في إقليم دون آخر أو مدينة دون أخرى، بل تشمل كل الأقاليم لكن بوتيرة مختلفة، أما مدينة كراتشي فتظهر في واجهة الأحداث، وتعتبر أكثر تأثراً بالجرائم مقارنة بباقي المدن والأقاليم".