نفى رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي، انتهاء عمليات التعذيب في السجون العراقية، مؤكداً أنها تمارَس بحق المعتقلين من أجل انتزاع اعترافات غير حقيقية منهم. وذلك رداً على تصريحات لوزير الداخلية عبد الأمير الشمري، والتي قال فيها إن عمليات التعذيب في السجون "انتهت".
واليوم الأربعاء، قال رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان، أرشد الصالحي، في تصريحات للصحافيين بالعاصمة بغداد: "هناك الكثير من عمليات التعذيب تحدث لبعض المعتقلين لدى الجهات الأمنية، وهناك شكاوى كثيرة تصل إلينا بهذا الخصوص"، مبيناً أنه "كان لنا تحرك لوقف تلك العمليات ومحاسبة أي شخص وجهة متورطة".
التعذيب لانتزاع الاعترافات
وأكد الصالحي أنه "لا يمكن انتزاع أي اعتراف بالتعذيب، وهذا يخالف كل القوانين ومبادئ حقوق الإنسان"، كاشفا عن تسجيل حادثة وفاة لمعتقل جراء التعذيب قبل أيام في بغداد.
وتابع "سنعمل على متابعة كل حالات الاعتقال والاعترافات، كما ندعو إلى الإبلاغ على أي عملية تعذيب، حتى يتم محاسبة المتورطين، فلا يمكن انتزاع أي اعتراف بالطرق غير القانونية وبطرق أصلاً القانون يحاسب عليها".
وبشأن وسائل التعذيب التي تمارَس داخل السجون العراقية، بيّن رئيس لجنة حقوق الإنسان البرلمانية أن "الوسائل كثيرة، وهي مرفوضة ولا يمكن القبول بها، وهناك متابعة لنا مع المسؤولين لإيقافها، وستكون لنا زيارات دورية لكل السجون لكشف هكذا حالات والتحقيق فيها".
الناشط الحقوقي العراقي أحمد حقي، قال إن الشهر الحالي شهد وفاة 3 معتقلين في مراكز التحقيق جراء التعذيب وسوء المعاملة الجسدية، أحدهم من محافظة ميسان عن تهمة تجارة مخدرات، والآخر من الأنبار، والثالث من بغداد.
وأكد أن "تصريحات الوزير لم تكن منطقية من الأساس. كان عليه الاعتراف بها وأن يتعهد بالقضاء عليها، لذا لم يتعاط الإعلام مع تصريحات الوزير الشمري على محمل الجد، لأن الواقع يؤكد استمرار التعذيب والابتزاز والرشوة أيضا من قبل القائمين على التحقيقات"، معتبرا تصريحات رئيس لجنة حقوق الإنسان البرلمانية أرشد الصالحي بأنها "شجاعة".
وفي السابع من الشهر الحالي، أصدرت السلطات القضائية العراقية، حكما بالسجن لمدة 6 سنوات بحق ضابط تحقيق، بعد إدانته بالتسبب في وفاة أحد الموقوفين من جراء التعذيب.
ووفقاً لبيان للمركز الإعلامي لمجلس القضاء الأعلى، فإن "محكمة جنايات الرصافة أصدرت حكما بالسجن لمدة 6 سنوات بحق ضابط تحقيق، بعد إدانته لتسببه في وفاة أحد الموقوفين جراء التعذيب، إذ أنه قام بالاعتداء بعد ضرب المجني عليه وتعذيبه، مما أدى إلى وفاته جراء ذلك".
وأضاف البيان، أن "الحكم صدر استنادا لأحكام قانون العقوبات العراقي"، من دون ذكر مزيد من التفاصيل.
وفتح رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، ملف انتزاع الاعترافات قسرا خلال التحقيقات القضائية، والتي زج بسببها آلاف العراقيين داخل السجون خلال السنوات السابقة، فيما خصص بريداً إلكترونياً لاستقبال شكاوى من تعرّضوا للتعذيب.
وتم لاحقاً الإعلان عن تسلم الحكومة 5 آلاف شكوى عن حالات تعذيب وانتهاكات داخل السجون، ووسط دعوات إلى معالجة الملف، لم تكشف الحكومة والجهات المسؤولة عن خطوات لمعالجة الملف.
وكان أعضاء في البرلمان العراقي قد كشفوا العام الماضي (2023) خطورة ما أسموه بـ"التعذيب الممنهج" داخل سجن الحوت جنوبي العراق، وأكد النائب رعد الدهلكي في حينها، أن السجناء يفكرون في "الانتحار" للتخلص من التعذيب.
ولا توجد إحصائية رسمية لعدد السجناء في العراق، لكن أرقاماً متضاربة تؤكد أنها تقارب المائة ألف سجين، يتوزعون على سجون وزارات العدل والداخلية والدفاع، إضافة إلى سجون تمتلكها أجهزة أمنية مثل جهاز المخابرات والأمن الوطني ومكافحة الإرهاب والحشد الشعبي، وسط استمرار الحديث عن سجون سرية غير معلنة تنتشر في البلاد وتضم آلاف المعتقلين.