يبدي المرضى في بريطانيا قلقهم من تأثر الخدمات الطبية بشروع الأطباء المتمرّنين والمبتدئين في تنفيذ إضراب بدءاً من الثالث من يناير/ كانون الثاني الجاري.
ويفترض أن يمتد إضراب الأطباء ستة أيام لمطالبة الحكومة البريطانية بإقرار زيادة في الأجور بنسبة 35 في المائة، حتى على مراحل، في وقت تستمر الحكومة في رفض تقديم عروض مناسبة.
وأعلن الرئيسان الشريكان للجنة الأطباء المبتدئين روبرت لورينسون وفيفيك تريفيدي أن عدم تحقيق تقدم في المفاوضات مع الأطباء أمر مخيّب، وقالا إن "الجمعية الطبية البريطانية (BMA) مستعدة لإنهاء الإضراب إذا قدمت الحكومة عرضاً موثوقاً به".
يقول مستشار العلاقات العامة والإعلام في الجمعية الطبية البريطانية، جوناثان بيسبي، لـ"العربي الجديد": "أوضحنا في بيان أصدرناه في 3 يناير، أنّ الأطباء كانوا يأملون بدء العام الجديد بعرض للرواتب يؤدي إلى خدمات صحية أفضل، لكن بدلاً من ذلك لا يزال من المقرّر أن يتقاضى الأطباء 15.50 جنيهاً إسترلينياً (19.6 دولاراً) في الساعة، لذا وجدوا أنفسهم مرغمين على العودة إلى الإضراب. يشدّد المشاركون في الإضراب على الاستمرار في الانفتاح على الحوار شرط حصولهم على عرض معقول. وهم يشيرون إلى أنّ 15 عاماً من تآكل الأجور تعني خفض قيمتها الحقيقية بنسبة 26 في المائة".
وتؤكد مسؤولة العلاقات الإعلامية في المجلس الطبي العام، جوليا ديفيس، لـ"العربي الجديد"، أنهم نشروا في ديسمبر/ كانون الأول الماضي بياناً أبدوا فيه قلقهم العميق من تأثير الإجراء على المرضى، وأكدوا عدم الانحياز إلى طرف في الخلافات، لكن استمرار الفشل في التوصل إلى اتفاق يزيد المخاطر على المرضى.
تتابع ديفيس: "نقلنا موقفنا إلى جميع الأطباء المسجلين لدينا، كما شاركناه مع الجمعية الطبية البريطانية ووزارة الصحة والرعاية الاجتماعية وخدمات الصحة العامة، وهو يتمثل في أن أي طبيب يشارك في الإضراب يجب أن يستمر في اتباع مبادئ الممارسة الطبية الجيدة، ومن المهم أن يتعاون الأطباء مع فريق الرعاية الصحية للحفاظ على سلامة المرضى. يمنح القانون الأطباء حق المشاركة في الإضرابات، ولا يوجد في الممارسة الطبية وإرشاداتها التوضيحية ما يمنع الأطباء من تنفيذ ذلك شرط أن يستمروا في اتباع مبادئ دعم سلامة المرضى. وسواء شارك الأطباء في الإضراب أم لا، فإنهم سيحتاجون إلى التفكير مسبقاً في كيفية تأثير الإجراءات على وضع أقسام الطوارئ عبر مناقشة أصحاب العمل والزملاء".
ويعلّق طبيب لأمراض القلب في مستشفى "رويال برومبتون" فضّل عدم ذكر اسمه، بالقول: "أعتقد أنّ الجمعية الطبية تحفّز على تنفيذ هذا الإضراب لأسباب سياسية، كما تحثّ المستشارين على المشاركة فيه. أعارض شخصياً فكرة الإضراب، وبالتحديد عندما يتعلّق بقضايا طبية، وأرى أن تنفيذه لمدة ستة أيام متتالية مهزلة، والمتمرّنين تحديداً يجب أن يكونوا متحمسين لاكتساب مزيد من الخبرات قبل أي شيء آخر، لكنني أؤيد أيضاً تحسين الرواتب".
ويقول استشاري الغدد الصماء والسكري بمستشفى ويلز الجامعي، محمد الحاج علي، لـ"العربي الجديد": "ليس جميع الأطباء المضربين مبتدئين بل يمارس العديد منهم المهنة منذ أكثر من خمس سنوات، لذا من الأفضل تسميتهم بالمتمرّنين". ويوضح أنّه "بينما يستمرّ الإضراب ستة أيام متتالية في إنكلترا سينفذ لمدة يومين في ويلز بدءاً من 15 يناير الجاري. أدت أسباب عدة إلى التجاوب مع الإضراب، منها الضغط الاقتصادي على الأطباء الذين يشعرون بإجحاف لدى مقارنة رواتبهم بتلك لوظائف أخرى". ويدعو إلى زيادة عدد الأسرّة في المستشفيات، وقبول مزيد من طلبات الطب في بريطانيا لزيادة الكوادر الطبية في المستقبل، وتخفيف الضغط عن الأطباء، وتقليص قوائم الانتظار الطويلة للمرضى.
من جهتها، تقول إليسيا، لـ"العربي الجديد": "تتدهور الرعاية الصحية في بريطانيا بشكل لافت. وبعد عامين من الانتظار لعلاج الدوالي المؤلمة في ساقي أرجأ الإضراب موعد عمليتي إلى أجل غير مسمى". وتعبّر عن غضبها من فترات الانتظار الطويلة التي تعاني منها كل مرّة تحاول فيها الحصول على موعد من طبيب، ثم تقابله لبضع دقائق أو تتصل به هاتفياً من دون أن يكشف عليها للتحقق من حالتها الصحية.
وتذكّر لين نولان، من مكتب إعلام الكلية الملكية للجراحين في إنكلترا، في حديثها لـ"العربي الجديد" بتداعيات الإضراب على العمليات الجراحية، وأن الجراحين المتدربين يمثلون جزءاً مهماً من هيئة الخدمات الصحية الوطنية. وتشير إلى أن الأطباء المبتدئين يعانون من إرهاق وتحديات مالية مع التحديات في مجال التوظيف، إضافة إلى ضغوط تزايد الطلب السريري.