تصاعدت حدّة دعوة رئيس بلدية بولو التركية، تانجو أوزجان، اللاجئين السوريين للعودة إلى بلدهم في الآونة الأخيرة، ورُفعت أول من أمس، لافتات، باللغتين العربية والتركية بعنوان "نداء أخير" تدعوهم للمغادرة بشكل نهائي.
وخاطبت اللافتات اللاجئين السوريين، بالقول: "حان وقت سفركم إلى بلدكم، لأنكم قلتم قبل 11 سنة إنكم أتيتم إلى هنا كضيوف، والآن طالت هذه الضيافة كثيراً، ترون الأزمة الاقتصادية في بلدنا، شبابنا بدون عمل، وعائلات تعيش الجوع، بهذه الظروف لم يبق لدينا خبز أو ماء حتى نشاركه معكم".
guests of our country and the Turkish people have been protecting and doing their best for years, but this hospitality has taken a very long time.The mayor of the Turkish Bolu municipality in known for his hostile stances against the presences of the Syrian refugees in Turkey. pic.twitter.com/9IkjVGospI
— afrin activists (@afrinactivists) May 19, 2022
هي خطوة قوبلت باستياء واسع من قبل أتراك وسوريين، تحدثوا عن استمرار البلدية ورئيسها منذ سنوات في التحريض عليهم، وتمّ بحسب مدير الهجرة والدعم المعنوي، جلال ديمير، رفع دعاوى عدة على البلدية ورئيسها، بتهمة التحريض والحض على الكراهية، منها دعوة رفعتها النيابة العامة التركية ومنها ما رفعتها منظمة حقوق اللاجئين.
في المقابل، لم يعر رئيس البلدية اهتماماً لهذه الدعاوى، وأكد خلال تصريحات صحافية، أمس، أنه غير نادم على ما يقوم به وسيستمر بنهجه حتى ولو تم سجنه لأجل هذه القضية، مشيرا إلى أنّ حزب الشعب الجمهوري المعارض، الذي ينتمي إليه يؤازره وقد اعترض على رفع النيابة العامة دعوى قضائية.
وأوضح مدير الهجرة والدعم المعنوي، جلال ديمير، لـ"العربي الجديد"، أن رئيس بلدية بولو هو واحد من بين 550 رئيس بلدية بتركيا، تابعة لـ81 ولاية، بمعنى أنه لا يمثل إلا "نفسه المريضة" ومن يشبهه، من حمَلة الأفكار العنصرية، لكننا كأتراك، أو معظمنا قلوبنا مفتوحة وسنبقى السند للإخوة السوريين".
وكانت بلدية بولو ورئيسها المعروف بتوجهاته المعادية للسوريين، قد طالبا السوريين بالعودة إلى بلدهم، بعد رفعها أسعار الخدمات، الماء والكهرباء على الأجانب بالولاية وفرض معيقات حول إيجار المنازل والمعاملات الرسمية، خاصة الزواج، ما زاد من انتقاد تانجو أوزجان على وسائل التواصل ونعته بـ"الشعبوي الفاشي" مذكرين بدعواته التحريضية منذ عام 2019، ومنها قطع المساعدات الاجتماعية، ومطالبين بتقديم شكوى ضده بتهمة التمييز العنصري.
وتقول الأستاذة بجامعة محمد الفاتح بإسطنبول، عائشة نور: "إن تلك السلوكيات تعكس رأي وقناعة من يقولها، آسفة لما يتعرّض له السوريون من حملات تحريض وتحميلهم ما لا ذنب لهم به.
وتضيف الأكاديمية التركية لـ"العربي الجديد"، إنّ على المحرضين أن يعلموا أن سورية بلد غير آمن، لذلك لا يحق لأي دولة مضيفة طرد اللاجئين، كاشفة أنها قامت مع زملائها بحملة فضح تلك النداءات العنصرية وتبيان واقع سورية من خلال نشر فيديو مجزرة التضامن وتوضيح مدى إجرام النظام، "نشرنا آراء الأتراك وقمنا باستطلاعات رأي في محاولة لتوضيح الظلم والخطر على السوريين".
وتؤكد مصادر خاصة لـ"العربي الجديد"، أن مؤسسة حقوق الإنسان والمساواة التركية (TİHEK) قد فرضت غرامة إدارية قدرها 40 ألف ليرة تركية بحق بلدية بولو، على خلفية قرار للبلدية بفرض تعريفات مختلفة للمياه والزواج للأجانب الذين يعيشون في الولاية، وذلك بالاستناد إلى المادة 10 حول "المساواة أمام القانون" في الدستور التركي، والمادة 17 حول "حصانة الإنسان ووجوده المادي والروحي"، والمادة 41 حول "حماية الأسرة وحقوق الطفل"، وأحكام المادة 14 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، التي تضمن حقوق الأقليات، والمادة 12 من الاتفاقية بعنوان "الحق في الزواج"، إضافةً إلى المادة 23 من ميثاق الأمم المتحدة الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بشأن الحق في الزواج.
وتبيّن المصادر أن هذه الغرامة لا تشمل الدعاوى القضائية التي رفعت أمس واليوم، بعد "إيغال البلدية ورئيسها بالتحريض" ورفع اللافتات التي برأيها تزيد من احتقان بعض الشارع التركي على اللاجئين" خاصة أنه يعزف على وتر المعيشة ويحمّل اللاجئين مسؤولية ذلك"، مشيرة إلى أن مجلس إدارة مؤسسة حقوق الإنسان والمساواة التركية، قد أقر "بغالبية الأصوات" الغرامة على بلدية بولو لإخلالها بقانون حظر التمييز.
وفي وقت تتعالى أصوات تركية لطرد السوريين واستخدام أحزاب المعارضة "السوريين كورقة انتخابية"، أكد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قبل أيام، أن موقف بلاده الرسمي باستمرار استقبال اللاجئين، "لن ندفع اللاجئين السوريين أبدًا للعودة إلى بلدانهم لأن العودة ستكون على أساس طوعي ونحو مناطق آمنة"، مضيفاً خلال خطاب متلفز أن "استضافة أولئك الذين يحتاجون إلى الحماية جزء من التقاليد التركية".
يذكر أن تركيا تؤوي 5.29 ملايين لاجئ أجنبي منهم 3.7 ملايين سوري تحت بند الحماية المؤقتة، يعيش نحو 1.4% منهم في محافظة بولو.