بيلاروسيا توقف جوازات السفر في القنصليات لإعادة معارضين
بعدما توقفت القنصليات البيلاروسية عن إصدار جوازات سفر للمغتربين، تنفيذاً لقرار إلزامهم بالسفر إلى وطنهم لتجديد الأوراق، يجد آلاف البيلاروس الذين يقيمون في الخارج ممن لهم توجهات معارضة وأشهروا مواقفهم، أنفسهم أمام خيارين صعبين، أولهما البقاء في غربتهم بلا أوراق، والثاني التوجه إلى وطنهم بتذكرة ذهاب بلا عودة مضمونة.
يشعر بروخور، وهو طالب بيلاروسي في الـ25 من العمر يدرس اللغويات بألمانيا، بخوف على مستقبله في ظل بقاء أقل من عام ونصف العام على انتهاء فترة سريان جواز سفره البيلاروسي، وخشيته من العودة بعدما شارك في احتجاجات مناهضة لإعادة انتخاب الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو عام 2020.
وقمعت السلطات البيلاروسية هذه الاحتجاجات، واعتقلت آلافاً تعرّض بعضهم لتعذيب فيما قُتل آخرون، كما أصدرت أحكاماً قاسية واعتمدت النفي القسري.
ويقول بروخور الذي فضل عدم ذكر اسمه الكامل، لـ"العربي الجديد" من العاصمة الألمانية برلين: "اضطررت بسبب مشاركتي في احتجاجات ببيلاروسيا إلى مغادرة البلاد باتجاه جورجيا أولاً، ثم توجهت إلى ألمانيا لمواصلة دراستي بخاصة أنني أعلم أن عودتي إلى بيلاروسيا تنطوي على مخاطر".
وحول العقبات التي قد يواجهها بسبب منع تجديد جوازات السفر، يقول: "جددت جواز سفري لمدة عامين قبل إصدار قرار منع التجديد في القنصليات، ويمكن استخدامه داخل بلد الإقامة فقط، والعودة إلى بيلاروسيا تحديداً. ونظرياً يمكن أن أقدم طلباً لاستخراج وثيقة سفر ألمانية للأجانب، لكن هذه الطلبات من مواطني بيلاروسيا تحديداً تقابل برفض لأن ألمانيا تسعى إلى الحدّ من عدد اللاجئين، وبيلاروسيا ليست مصنفة كبلد خطر".
وتؤكد ألمانيا أنها تواجه ضغطاً كبيراً في استقبال اللاجئين عند حدودها مع بولندا، ما أجبر حكومة المستشار أولاف شولتز على اتخاذ تدابير للحدّ من دخولهم إلى البلاد. ويثير هؤلاء جدالاً حيوياً في البلاد يساهم في صعود اليمين المتطرّف المناهض للهجرة في استطلاعات الرأي.
وإلى جانب عمله في جمع أوراق تثبت أن عودته إلى بيلاروسيا غير آمنة، قدم بروخور طلباً للحصول على وثيقة سفر في بولندا، لكن القنصلية البولندية رفضت الطلب بحجة أن بروخور لم يدخل الاتحاد الأوروبي بتأشيرة بولندية كما ينص عليه اتفاق دبلن، رغم أن بولندا هي الدولة الأوروبية الوحيدة التي تعترف في شكل غير مشروط بخطر عودة البيلاروس إلى وطنهم، وسبق أن منحتهم أكثر من 100 ألف وثيقة سفر.
ويستبعد بروخور احتمال عودته إلى بيلاروسيا في الأفق القريب طالما يبقى لوكاشينكو ونظيره الروسي فلاديمير بوتين على رأس السلطة في بلديهما، ويتابع: "طالما بوتين في الحكم، ستبقى بيلاروسيا منصة عسكرية روسية، وستساهم موسكو في قمع المعارضة البيلاروسية حتى لا تخرج مينسك عن سيطرتها".
ويقول المرشح الرئاسي البيلاروسي السابق، نائب رئيس حركة "من أجل الحرية" المعارضة، أليس ميخاليفيتش، لـ"العربي الجديد": "يريد النظام الحاكم في بيلاروسيا محاكمة من غادروا البلاد، ومن لا تريد غالبية الدول تسليمهم. وسيخلق ذلك بالطبع مشكلات للمعارضين البيلاروس في الخارج".
لكن ميخاليفيتش يتوقع أن يستطيع المعنيون بالموضوع تسوية أوضاعهم في أوروبا حتى من دون تجديد جواز السفر البيلاروسي، "إذ يمكن أن يحصلوا على وثائق سفر دول الإقامة، وتسمح بولندا بذلك لجميع البيلاروس الذين يحملون إقامات داخل أرضها".
إلى ذلك أثار منع تجديد الجوازات البيلاروسية في القنصليات مخاوف المعارضين الروس في المنفى من اتخاذ سلطات موسكو قراراً مماثلا لتضييق الخناق عليهم وعلى الفارين من التجنيد، بخاصة أنّ وزارة الخارجية الروسية اقترحت في سبتمبر/ أيلول الماضي، رفع رسوم استخراج جوازات السفر الروسية في الخارج، ولو بنسبة بسيطة، كما رفعت رسوم التخلي عن الجنسية الروسية، وغيرها.
ويعلّق المدون الروسي المعارض الهارب مكسيم كاتز بالقول إن "العديد من الروس تخيّلوا أنفسهم بدلاً من البيلاروس، وروسيا تستنسخ الممارسات القمعية للنظام البيلاروسي مع تأخر نحو عامين".
وفي مقطع فيديو حصل على أكثر من 600 ألف مشاهدة على "يوتيوب"، حث كاتز الروس الذين يقيمون في الخارج على التأكد من أن فترة سريان جوازات سفرهم لا توشك على الانتهاء واستخراج جواز سفر ثان، وهو ما يسمح به القانون الروسي لمدة عشر سنوات.
وكان لوكاشينكو وقع مطلع سبتمبر/أيلول الماضي، على مرسوم لوقف إصدار وتجديد جوازات السفر للمواطنين البيلاروس المقيمين في الخارج، على أن تقتصر مثل هذه الإجراءات على "جهات الشؤون الداخلية في محلات التسجيل الأخيرة بمحل الإقامة". ومع ذلك يمكن للبيلاروس في الخارج الذين انتهى سريان مفعول جوازات سفرهم التوجه إلى البعثات الدبلوماسية لاستخراج وثيقة العودة إلى بيلاروسيا.
تابع آخر أخبار العربي الجديد عبر Google News
