يعدّ تأمين المياه واحدة من أبرز أولويات النازحين في المخيمات المنتشرة شمال غربي سورية في مناطق ريف إدلب غير الخاضعة لسيطرة النظام، فتأمينها هو حلّ للمعضلة بالنسبة لكثير من النازحين، نظرا لمشقة وصعوبة الحصول عليها.
ورغم الجهود التي يبذلها بعض المنظمات والجهات الإنسانية، تبقى الحاجة كبيرة وقد تفوق قدرة هذه الجهات على توفيرها.
مدير مخيم أهل التح في بلدة باتنته بريف إدلب، عبد السلام يوسف، تحدّث عن مشكلة المياه التي يعاني منها النازحون في المخيم وقال لـ"العربي الجديد": "الكميات لا تكفي ومخصصات الفرد الواحد 25 لترا فقط وهي لا تغطي حاجياته لا سيما مع قرب حلول فصل الصيف، كما يتم تزويد المخيم بالمياه عن طريق جلبها من خزانات كبيرة غالبا ما تكون مكشوفة مما يؤدي لوجود حشائش وجراثيم فيها، وأغلب الأسر لا يمكنها شرب مياه الصهاريج بسبب كميات المياه القليلة وغير الصحية، وعلى الرغم من كميات الكلور الموجودة فيها إلا أن هذا لا يكفي، والخزانات أيضا في المخيم غير كافية".
أما في مخيم البركة بالقرب من بلدة دير حسان، فتصل إمدادات المياه إلى النازحين من قبل إحدى المنظمات بشكل يومي، وهي تسد الحاجة، لكن تبقى المشكلة بالنسبة للعوائل في تأمين مياه الشرب، حيث تبيّن الثلاثينية أم محمد، المهجرة من منطقة الحولة في ريف حمص الشمالي لـ "العربي الجديد" أن المنظمة توفر المياه للمخيم لكن في المقابل لديها خزان صغير بسعة 500 لتر، وفي كثير من الأحيان لا يكفي عائلتها، فضلا عن أن شراء مياه الشرب بشكل يومي هو أمر مرهق ويستنزف العائلة التي يبلغ عدد أفرادها 6 أشخاص.
ومن التهديدات التي تتعرض لها مشاريع توفير المياه للنازحين في المخيمات، إيقاف برامج الدعم من قبل الجهات المانحة، ما يجعل النازحين دائما تحت خطر فقدان مصادر المياه، في ظل عدم وجود بدائل.
ومن المنظمات التي تعمل على توفير المياه للنازحين في إدلب، منظمة "إحسان للإغاثة والتنمية"، حيث عملت على إعادة تأهيل 40 محطة مياه منذ تأسيسها حتى نهاية عام 2020. وهي توفر دعما بالمياه لنحو 30 ألف عائلة في ثمانين مخيما، شمال غربي سورية. وتقدر حصة الفرد الواحد يوميا من المياه ما بين 25- 35 لترا في اليوم. ووفقا لأحد المسؤولين في المنظمة، فإن إيقاف الدعم من الجهات المانحة هو السبب الرئيسي في تعطل مشاريع المياه في عدد من مخيمات إدلب.
بهجت أبو عهد مدير مخيم الدير الشرقي، تحدث عن التهديد الذي يواجه النازحين بحال توقف إمداد المخيم بالمياه وقال لـ "العربي الجديد": "المياه مقدمة من مؤسسة إحسان للإغاثة والتنمية وهي متوفرة نوعا ما بحسب كمية كل فرد، لكن هناك الكثير من العائلات غير القادرة على تأمين المياه لعدم وجود ثمن المياه ونقلها، مؤسسة إحسان حلت هذه المشكلة بتأمين المياه".
بدوره، أوضح محمد خليل المقيم في تجمع مخيمات أطمة لـ"العربي الجديد"، أنه بالنسبة لمخيمات الجولان والرعاية والخليج العربي وملحقه، وزهرة الجولان والنصر والمجد والغروب وملحق الغروب، هناك منظمة تمدّ هذه المخيمات بالمياه، عن طريق بئر تم حفرها بمكان قريب، مضيفا أنه يتم كذلك توفير المياه للنازحين عن طريق الصهاريج، وبالنسبة لمياه الشرب أوضح أنه بصدد تأمين محطة تنقية منزلية صغيرة للخلاص من معضلة توفير مياه الشرب وشرائها.
ومشاريع المياه بالنسبة لكثير من المنظمات مرهونة بالتمويل الذي يحدد مدة زمنية لدعم المخيمات بالمياه، ما يجعل منها مشاريع إسعافية في غالب الأوقات، في حين أنها بحاجة لتمويل مستمر لتشغيل مضخات المياه وسيارات نقلها، فضلا عن متطلبات الصيانة المستمرة.