حذّرت منظمات حقوقية في الداخل الفلسطيني، اليوم الخميس، من تبعات مشروع قانون إسرائيلي يمسّ بخصوصية المواطنين من خلال استخدام كاميرات التعرّف على الوجوه في الحيّز العام، ويسمح لأجهزة الأمن باستخراج معلومات منها من دون استصدار أمر قضائي.
وقالت مؤسسة ميزان الحقوقية في الناصرة، إنّ مشروع القانون الذي صادقت عليه اللجنة الوزارية للتشريع، في جلسة خاصة عقدتها أخيراً، أيّده وأبدى الدعم له المفتش العام للشرطة الإسرائيلية، يعقوب شبتاي، الذي يزعم أنه يوفر أداة ضرورية للشرطة في إطار الخطوات التي تدفع بها الحكومة لمكافحة الجريمة في المجتمع العربي.
وأكدت "ميزان"، أنّ "تمرير هذا القانون سيؤدي إلى المزيد من انتهاكات خصوصية المواطن، والتضييق أكثر على حريته الشخصية تحت شماعة (محاربة الجريمة والعنف) في المجتمع العربي، مع العلم أنّ الشرطة التي تتقاعس وتتواطأ في محاربة الجريمة المنظمة في المجتمع العربي، هي نفسها التي استطاعت أن تقضي على منظمات الجريمة الكبرى وأن تخفض من معدلاتها في المجتمع اليهودي، وذلك يعطي مؤشراً على أنّ الشرطة قادرة على تحقيق نتائج ملموسة حين تريد ذلك ومن دون الأدوات التكنولوجية المتطورة التي تمس بالخصوصية".
واعتبرت أنّ "تشغيل الكاميرات البيومترية للتعرّف على وجوه الأشخاص في الأماكن العامة، ليس فقط لمحاربة الجريمة، بل الخطورة هنا أنّ الجميع سيصبح مراقباً في كل تحركاتهم وسكناتهم من قبل الأجهزة الأمنية التي تريد من الأساس أن تكون لديها المعلومات والتفاصيل الدقيقة عن كل شخص لاستعمالها لأهداف وأغراض تصل إلى درجة انتهاك خصوصية الأشخاص إلى حد يتجاوز ما هو مطلوب".
"ميزان": تمرير هذا القانون سيؤدي إلى المزيد من انتهاكات خصوصية المواطن، والتضييق أكثر على حريته الشخصية تحت شماعة محاربة الجريمة والعنف
وأوضحت أنّ "الأجهزة الأمنية لن تستعمل هذا القانون في حالات معينة، كما هو الواقع، لأنها في الكثير من الحالات هي التي تنتهك القانون ويتجاوزه ومن المتوقع أن تسيء استخدامه ليصبح المواطنون بالنسبة للأجهزة الأمنية مجرد أرقام، وكل له سجله وتفاصيله الكاملة التي ستكون عرضة لانتهاك الخصوصية والتضييق أكثر على الحرية الشخصية في الحيز العام والخاص على حد سواء، وهذا ما يتماثل تمامًا مع ممارسات الأنظمة الديكتاتورية التي تتجمل بالديمقراطية والحفاظ على قيم ومبادئ الحرية الشخصية".
مركز حملة: انتهاك الحق في الخصوصية والتجمع السلمي
بدوره، حذّر المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي "حملة"، من مشروع قانون يتيح للشرطة الإسرائيلية، تثبيت كاميرات التعرّف على الوجوه في الحيز العام، مؤكّداً أنّ ذلك انتهاك جسيم للحقوق الرقمية والحق في الخصوصية والتجمع السلمي.
وينصّ مشروع القانون، الذي صادقت عليه اللجنة الوزارية للتشريعات، الاثنين الماضي، بالسماح للشرطة الإسرائيلية بتركيب كاميرات تشتمل على تكنولوجيا التعرّف على الوجوه، وجمع المعلومات البيومترية للأفراد، في بلدات ومدن مناطق 48.
وذكرت "حملة"، في بيان، أمس الأربعاء، أنّ "مشروع القانون خلق حالة تذكر برقابة (الأخ الكبير) التي تعمل على مدار الساعة، وتمنع أي نوع من الخصوصية للمواطنين وبخاصة الفلسطينيين في الداخل، إذ يركز مقترح القانون على البلدات والمدن الفلسطينية في الداخل، بحسب تصريحات الوزيرين إيتمار بين غفير وياريف ليفين، المبادرين له".
ويأتي مشروع القرار بموافقة "ضابط شرطة"، يُفعّل تشغيل الكاميرات البيومترية، ويُبرر القانون، وتتم محاولة شرعنته تحت سياق مكافحة الجريمة المنظمة في المجتمع الفلسطيني بمناطق 48.
وشدّد مركز "حملة" في بيانه على أنّ "هذا القانون يشرعن التجسّس على الحيّز العام، ويسهّل تحويل هذه الكاميرات إلى وسيلة لتخويف المواطنين، ومنعهم من ممارسة حقوقهم بشكل طبيعي، كما يتيح استغلال المعلومات الشخصية كوسيلة لابتزازهم وانتهاك خصوصيتهم. إضافة إلى ذلك، يمكن استخدام هذه المعلومات في قمع المظاهرات، والأنشطة الاجتماعية والسياسية، خصوصاً في المجتمع الفلسطيني".
وأوضح أنّ "خطورة هذا القانون تكمن كذلك في تغييب أي جهة إشراف رقابية، ومنح الشرطة الإسرائيلية صلاحيات واسعة في استخدام الكاميرات البيومترية دون رقابة، ودون الحاجة لإصدار مذكرة قضائية، حيث يمكّن الشرطة ومن دون تحديد رتبة العنصر تشغيل هذه الكاميرات، مما يفتح الباب أمام انتهاكات واسعة تمس المواطنين، وتعرضهم لخطر الاعتقال والاستجواب والاحتجاز التعسفي".
وذكر أنّ مشروع القانون الجديد، "يأتي استكمالاً لمنظومة المراقبة الشاملة، التي تمكّن تداول المعلومات بطرق لا تلتزم بمعايير الخصوصية، بحسب مواثيق ومعاهدات حقوق الإنسان الدولية بين السلطات الإسرائيلية، مثل الجيش والشرطة وأجهزة المخابرات، وتشمل أيضاً منظومة (عين النسر) التي تراقب حركة الأفراد والسيارات في الداخل، وتخزن معلومات تنقلها، ومنظومة (الأداة) التي تراقب الهواتف النقالة وتخزن معلوماتها ومناطق تنقلها".
وأكد "حملة" أنّ "هذا القانون يشكّل تهديداً كبيراً للحقوق الأساسية للأفراد، بما في ذلك حقوقهم الرقمية، والحق في الخصوصية وفي التجمّعات السلمية، والتعبير، والتنقل، وقد يستخدم لاستهداف المجتمع الفلسطيني في الداخل، وقمع الحريات الأساسية، وزيادة التقييدات على الفلسطينيين، ونشاطاتهم الاجتماعية والسياسية، بسبب المراقبة الدائمة".
وشدّد على "ضرورة تحرك منظمات الحقوق الرقمية وحقوق الإنسان في المنطقة، ضد الانتهاكات الإسرائيلية للحقوق الرقمية الفلسطينية".