على الرغم من النقص الحاد في الإمكانات والتجهيزات، تمكّنت فرق الإطفاء التابعة لهيئة السلامة الوطنية الحكومية في ليبيا من إخماد عدد من الحرائق التي اجتاحت أكثر من منطقة، من جراء موجة الحر التي تشهدها البلاد هذا الصيف.
وأعلن المركز الوطني للأرصاد الجوية، مطلع الأسبوع الماضي، ارتفاع درجات الحرارة لتلامس في بعض المناطق الداخلية 49 درجة مئوية، وقد يمتد تأثيرها لأكثر من أسبوع. كما حذرت مديرية أمن طرابلس المواطنين والمؤسسات من خطر اندلاع حرائق، من جراء موجة الحر الشديدة.
وناشدت المديرية، في بيان، المواطنين بتجنّب رمي أعقاب السجائر في الشارع، والامتناع عن إشعال النيران في المناطق المفتوحة، ما قد "يرفع خطر اندلاع حرائق، إذ إن الأجواء الحارة ووجود أعشاب قابلة للاشتعال، وغيرها من الظروف، كلها أمور تشكّل ظروفاً مواتية لاندلاع حرائق، وترفع من احتمالية حدوثها".
كما حثت المديرية المواطنين وأصحاب المحال على ضرورة اتباع توجيهات الأمان والسلامة، كفحص شبكة الكهرباء، وعدم ترك أجهزة التكييف والأجهزة الكهربائية مشغلة من دون رقابة، والإبلاغ عن أية حريق أو حدث طارئ لوحدات الطوارئ.
ونجحت فرق هيئة السلامة الوطنية الحكومية من السيطرة على خمسة حرائق في مختلف مناطق البلاد خلال يومين، بحسب بيان للهيئة، وأشارت إلى أن تلك الحرائق وقعت في الواحات جنوبي البلاد، والأبيار التي تقع شرقي مدينة بنغازي، بالإضافة إلى كل من طرابلس وغريان (شمال غرب البلاد) وقصر الأخيار (شرق العاصمة طرابلس).
وأوضحت الهيئة أن فرقها سيطرت على حريق شب في أحد أدوار مجمع المحاكم في طرابلس يوم 22 يوليو/ تموز الماضي، بالتزامن مع السيطرة على حريق شبّ في منزل أحد المواطنين بمنطقة الأبيار.
واستمر اندلاع الحرائق خلال الأيام القليلة الماضية، إلا أن فرق الهيئة تمكنت أيضاً من السيطرة عليها. ومؤخراً، سيطرت على حريق شب في مزارع بوادي بن جبارة شرقي طرابلس، كما أخمدت حريقاً اندلع داخل الحرم الجامعي في مدينة غريان، وآخر في غابة منطقة ترت شرقي البلاد. ولم تسجل أية إصابات بشرية، واقتصر الضرر على الماديات، منها تلف ملفات من جراء الحريق الذي شبّ في أحد أدوار مقر مجمع المحاكم بطرابلس، وتضرر 250 شجرة نخيل في مزارع وادي بن جبارة، بحسب الهيئة.
ويعد الحريق الذي شب في واحة جالو شمال شرق البلاد في مايو/ أيار الماضي، أحد أكبر الحرائق التي شهدتها البلاد خلال موسم الصيف الحالي، وقد التهم أشجار نخيل تمتدّ على مسافة نحو كيلومترين، وأدى إلى تضرر ثماني مزارع تحتوي على نحو ألفي شجرة نخيل، ومن بينها 4 مزارع احترقت بالكامل، و4 أخرى خسائرها متوسطة.
وعزت بلدية جالو توسّع رقعة الحريق إلى التأخر في السيطرة عليه، بسبب عدم توفر الإمكانات، مشيرة إلى أن البلدية لا تملك إلا سيارة إطفاء واحدة، وهو ما أظهرته مقاطع فيديو تناقلها ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي من غياب السلطات الرسمية، وبذل الأهالي جهوداً كبيرة لإخماد الحريق، ومن بينها استخدام الجرارات الزراعية الخاصة لنقل أتربة، من أجل الإطفاء وجلب المياه من المزارع المجاورة.
ويقول عبد السيد العيساوي، الذي شهد احتراق منزل أحد جيرانه بسوق الجمعة (شرق مدينة طرابلس)، لـ "العربي الجديد": "تأخرت فرق الإطفاء لأكثر من ساعة، وكل الجهود التي جرت بها محاصرة النيران كانت من الجيران". وتظهر الصور التي نشرتها الهيئة نقصاً في الإمكانات لدى فرقها.
وانتقد كثيرون تأخر وصول فرق الإنقاذ، الذي يبرره المسؤول بإدارة السيطرة والإطفاء في هيئة السلامة الوطنية، عبد السلام الصغير، قائلاً إن الهيئة تعمل في أكثر من اتجاه، ولا يقتصر دورها على إخماد الحرائق. ويوضح لـ "العربي الجديد"، أن لدى الهيئة العديد من الفرق، وتقوم بمهام في أكثر من مجال، موضحاً أن واجباتها تحتم عليها متابعة فرقها الخاصة بالإنقاذ البحري، خصوصاً مع إقبال الناس على الاصطياف على شواطئ البحر خلال فصل الصيف.
ويوضح الصغير: "لدينا فرق تعمل على الإنقاذ من الألغام، فهي من مهامنا الأساسية، لكن يجب التنبه إلى فقر الإمكانات القائم، وعدم اهتمام السلطات بدعم الهيئة، وتحديث أدواتها. بعض فروع الهيئة لا تملك سيارات الإطفاء، وهي من الأساسيات، خصوصاً إذا كان الأمر متعلقاً بحرائق واسعة في الغابات أو المزارع، حين يتأخر وصول الدعم من المدن المجاورة. ينبغي أيضاً تدريب الكوادر، ودعمهم بالتقنيات الحديثة التي تقلل من حجم الأضرار. وقبل كل ذلك سبل الوقاية لحفظ سلامة طواقم الإطفاء".