تفاؤل عراقي بكسر مسار تهريب "الكبتاغون" السوري

03 يناير 2025
حملة أمنية عراقية ضد مهربي المخدرات. 19 أغسطس 2022 (يونس محمد/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يشعر العراقيون بالتفاؤل بعد سقوط نظام الأسد في سوريا، حيث كان له دور في تهريب المخدرات إلى العراق، خاصة الكبتاغون، مما أثر سلباً على أمن البلاد.
- أكد مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة أن العراق صادر كميات قياسية من الكبتاغون في 2023، ويطالب العراقيون بضبط الحدود مع إيران لمنع تدفق مخدر الكريستال.
- يرى الخبراء أن سقوط نظام الأسد قد يقلص تجارة المخدرات، لكن التحدي يبقى في مواجهة مخدر الكريستال الإيراني وضبط الحدود.

يشعر كثير من العراقيين بتفاؤل حيال التغيير الحاصل في الجارة سورية، وإسقاط نظام الأسد الذي كان له تأثير في أمن العراق وسلامة مجتمعه، لا سيما المناطق التي كانت تغرقها العصابات بالمخدرات، مدعومة من نظام الأسد وبعض الفصائل العراقية المسلحة المنتفعة من تهريب "الكبتاغون".
ومنذ إعلان سقوط نظام الأسد، عُثر في مناطق مختلفة من سورية على كميات كبيرة من أقراص الكبتاغون المكدّسة في مستودعات، وفي قواعد عسكرية، ما يؤكد صحة التقارير المتداولة حول دور النظام السوري السابق في صناعة هذه المادة المخدرة المحظورة، وتصديرها إلى العالم.
وسيطرت الفصائل السورية على مراكز توزيع منشطات مخدرة يدخل في تركيبها الأمفيتامين، وهو محفز قوي للجهاز العصبي، كما أعلنت فصائل العثور على كمية هائلة من المخدرات، وتعهدت بإتلافها.
وتعدّ نينوى والأنبار، المحافظتان الحدوديتان مع سورية، الأكثر تضرراً باعتبارهما محافظتي مرور إلى باقي محافظات العراق.
وفي يوليو/ تموز الماضي، أكد مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة أن السلطات العراقية صادرت خلال عام 2023، كميات قياسية من أقراص الكبتاغون، قدرت بنحو 24 مليون قرص كبتاغون، وقد تصل قيمتها إلى 144 مليون دولار.
ودفع إسقاط نظام الأسد المجتمع العراقي إلى التفاؤل بالخلاص من مخدر الكبتاغون الذي راج في مختلف المحافظات خلال السنوات الماضية، لكن لا تزال هناك مطالبات بضبط الحدود مع إيران، بهدف منع تدفق مادة "الكريستال" المخدرة التي تعترف السلطات العراقية بأنها تسببت بمشكلات اجتماعية وصحية كبيرة.
من مدينة الطب بالعاصمة بغداد، يقول الطبيب حسن عبد الستار، لـ"العربي الجديد"، إن "نسب الإدمان في ارتفاع مستمر بسبب المخدرات القادمة من الأراضي السورية والإيرانية، ونأمل أن تختفي المخدرات السورية، وتحديداً الكبتاغون، بعد سقوط نظام الأسد. الكبتاغون أثر كثيراً بصحة المجتمع، وزاد من مشاكل الأسر العراقية، ويبدو أن الأمور ستتغير نحو الأفضل".

اعتقال مهرب مخدرات في العراق. 19 أغسطس 2022 (يونس محمد/فرانس برس)
اعتقال مهرب مخدرات في العراق. 19 أغسطس 2022 (يونس محمد/فرانس برس)

يضيف عبد الستار: "البرلمان العراقي عليه أن يستفيد من الوضع الحالي، ويتوجه إلى إقرار قوانين لمكافحة تجارة المخدرات، ومن واجب السلطات الأمنية تطوير جهودها لمنع مادة الكريستال التي تصل من إيران. ظهر واضحاً أن النظام السوري كان يرعى ترويج هذه المخدرات، وقد عثرت الفصائل التي سيطرت على الحكم في دمشق على معامل ومصانع ومخازن خاصة بهذه المادة المخدرة. لا بد من محاسبة المتسببين بإدمان الشباب العراقي".
بدوره، يقول نائب رئيس مركز الرشيد للتنمية في بغداد، محمود الدباغ، إن "آفة الكبتاغون تنامت خلال السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ، إذ بات المخدر الأكثر رواجاً نظراً لسعره المنخفض، ما جعله التهديد الأكبر للشباب والمراهقين، وقد ضبطت وزارة الداخلية أكثر 230 شبكة مخدرات، وأكثر من 6 آلاف متورط بالاتجار خلال عام 2024، وبسقوط نظام الأسد سيشهد العراق تراجعاً ملحوظاً في تجارة الحبوب المخدرة، ونتمنى الخلاص منها بشكلٍ كامل".
ويضيف الدباغ لـ"العربي الجديد": "الخلاص من نظام الأسد سيوقف تدفق الكبتاغون، لكن يبقى مخدر الكريستال الإيراني، وهو الأشد فتكاً بالشباب، وهو أحد دوافع ارتكاب الجرائم التي تهز المجتمع، وقد عمدت عصابات الكريستال إلى إغراق الشارع به، ما يتطلب اتخاذ إجراءات حازمة لضبط الحدود العراقية الإيرانية، وإنهاء التصنيع المحلي، إضافة إلى معالجة المتعاطين بطريقة آمنة، وضمان عدم نفور المتعاطين من الجهات الحكومية خشية الأحكام القضائية التي قد تطاولهم، بسبب اكتظاظ أو شح مراكز التأهيل، ما يساهم في تحويل المتعاطين إلى مجرمين، بدلاً من علاجهم وإعادة دمجهم في المجتمع".

من محافظة الأنبار، يؤكد الناشط عبد الله الذبان أن "سقوط نظام الأسد سيلقي بظلاله على العراق، خصوصاً المحافظات الحدودية، فالحدود تحت سيطرة الفصائل المسلحة الموالية لإيران، والتي كانت حليفة لنظام بشار، وهي الجهة المستفيدة من تهريب المخدرات".
ويوضح لـ"العربي الجديد" أن "محافظة الأنبار كانت معبر ترانزيت لتجارة المخدرات القادمة من سورية، لكن بعد احتلال تنظيم داعش المحافظة، عمدت الفصائل المسلحة إلى تحويل الأنبار إلى سوق لتصريف الكبتاغون. لا يمر أسبوع إلا ونسمع خبر إلقاء القبض على تاجر مخدرات، وبحوزته مئات الكيلوغرامات من الكبتاغون، ونأمل انخفاض تجارة المخدرات، وتقلص دخولها كونها فتكت بالمجتمع، وتأثيراتها أصبحت مؤذية في جميع محافظات العراق".
وفي السنوات التي أعقبت الاحتلال الأميركي عام 2003، انتشرت المخدرات في العراق بشكل واسع. وكان القانون العراقي يعاقب مروجي المخدرات بالإعدام شنقاً، لكن ألغيت عقوبة الإعدام بعد الاحتلال الأميركي، وفرضت عقوبات تصل إلى السجن 20 عاماً.

المساهمون