تتفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، مع استمرار الهجمات والمجازر الإسرائيلية على القطاع لليوم الـ29 على التوالي، ومع نفاد الغذاء والماء والوقود اللازم للمولدات التي تزود المستشفيات والمرافق الأخرى بالطاقة، وسط تجاهل تام لدعوات وقف إطلاق النار للسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
ويعيش المواطن في غزة على قطعتين من الخبز العربي المصنوع من الدقيق الذي خزنته الأمم المتحدة في المنطقة، ومع ذلك فإن العبارة الرئيسية التي تسمع الآن في الشارع هي "الماء، الماء"، كما قال مدير شؤون وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في غزة توماس وايت يوم الجمعة.
"مسرح للموت والدمار"
وصف وايت، الذي قال إنه جاب "غزة طولاً وعرضاً في الأسابيع القليلة الماضية"، الأراضي بأنها "مسرح للموت والدمار". وأضاف أنه لا يوجد مكان آمن الآن، والناس يخشون على حياتهم ومستقبلهم وقدرتهم على إطعام أسرهم.
أبلغ وايت دبلوماسيين من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 دولة في بيان موجز عبر تقنية الفيديو من غزة، أن الأونروا تدعم حوالى 89 مخبزاً في جميع أنحاء غزة، بهدف إيصال الخبز إلى 1.7 مليون شخص.
لكنه قال: "الآن لم يعد الناس يبحثون عن الخبز. إنهم يبحثون عن الماء".
من جهتها، أفادت نائبة منسق الأمم المتحدة للشرق الأوسط لين هاستينغز، وهي أيضاً منسقة الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية، بأن خطاً واحداً فقط من خطوط إمدادات المياه الثلاثة القادمة من إسرائيل يعمل.
وأضافت: "يعتمد الكثير من الناس على المياه الجوفية قليلة الملوحة أو المالحة".
في البيان الموجز، قال منسق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة مارتن غريفيث أيضاً إن مفاوضات مكثفة تجري بين سلطات إسرائيل ومصر والولايات المتحدة والأمم المتحدة بشأن السماح بدخول الوقود إلى غزة.
"لا وقود ولا ماء"
وأكد أن الوقود ضروري لعمل المؤسسات والمستشفيات وتوزيع المياه والكهرباء. أضاف: "علينا أن نسمح بدخول هذه الإمدادات إلى غزة بشكل موثوق ومتكرر ومعتمد".
قالت هاستينغز إن المولدات الاحتياطية، التي هي ضرورية للحفاظ على تشغيل المستشفيات ومحطات تحلية المياه ومنشآت إنتاج الغذاء وغيرها من الخدمات الأساسية، "تتوقف الواحدة تلو الأخرى مع نفاد إمدادات الوقود".
فيما أشار وايت إلى مشاكل رئيسية أخرى. وأوضح أن مياه الصرف الصحي لا تتم معالجتها، بل يتم ضخها في البحر. "ولكن عندما تتحدث إلى عمال البلدية، يتبين أنه بمجرد نفاد الوقود، فإن مياه الصرف الصحي ستتدفق في الشوارع".
ولفت إلى أن غاز الطهو الذي جلبه القطاع الخاص إلى غزة من مصر قبل الحرب يتناقص على نحو متزايد. وقال إن منظمات الإغاثة مثل الأونروا "لن تكون قادرة على التدخل وزيادة شبكة التوزيع من خلال القطاع الخاص لهذا العنصر الأساسي".
قال وايت إن ما يقرب من 600 ألف شخص يحتمون في 149 منشأة تابعة للأونروا، معظمها مدارس، لكن الوكالة فقدت الاتصال بالعديد من المناطق في الشمال، حيث تشنّ إسرائيل عمليات برية وجوية مكثفة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول.
من جهته، أفاد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، بلغة حادة على غير العادة، أمس، بأن الظروف في غزة أصبحت الآن "مروعة" مع استمرار الحرب ومع نفاد الغذاء والماء والوقود اللازم للمولدات التي تزود المستشفيات والمرافق الأخرى بالطاقة، وحثّ على وقف فوري لإطلاق النار للسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
وأضاف: "يعاني السكان بأكملهم من الصدمة، ولا يوجد مكان آمن". وأكد أنه يجب حماية المدنيين وعدم استخدامهم كدروع بشرية، بالإضافة إلى حماية البنية التحتية.
وذكرت الأمم المتحدة، الجمعة، أن عدد النازحين في قطاع غزة وصل إلى 1.5 مليون شخص منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وشددت على أن الوصول إلى الغذاء والماء بات يشكل أزمة كبيرة في القطاع. وأكدت أن تكلفة تلبية احتياجات جميع سكان غزة والضفة الغربية، حتى نهاية العام الجاري، تقدَّر بنحو 1.2 مليار دولار.
(أسوشييتد برس، الأناضول، العربي الجديد)