تونس: "حلول" لضحايا الاتجار بالبشر

10 يناير 2022
من الضروري رصد ضحايا الاتجار بالبشر (العربي الجديد)
+ الخط -

ما زال تونسيون يعتقدون بأنّ الاتجار بالبشر يعني بيع الناس مثل عبيد في أسواق، ما يشير إلى أنّ هذا المفهوم غامض بالنسبة إليهم، فهم لا يعرفون أنّ التشغيل القسري والاستغلال الاقتصادي للأطفال والنساء يدرجان في خانة الإتجار بالبشر الذي يخضع لعقوبات قانونية بعدما باتت هذه الممارسات تُهدّد المجتمع في شكل كبير. 
في السنوات الأخيرة، نشرت الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص تقارير عدة تثبت ارتفاع ظاهرة الاتجار بالبشر في تونس، علماً أنها أنشئت في أغسطس/ آب 2016 بموجب قانون يتعلق بمنع ومكافحة الاتجار بالأشخاص، وشملت مهماتها وضع استراتيجية وطنية للتصدي للانتهاكات، وتطبيق آليات منسقة لكشف الضحايا ورعايتهم وحمايتهم.
وحدد القانون الاتجار بالبشر "كل ممارسات تنفذ لاستقطاب أشخاص أو تجنيدهم أو نقلهم أو تحويل وجهتهم أو ترحيلهم أو إيوائهم أو استقبالهم باستعمال القوة والسلاح والتهديد، وأي من أشكال الإكراه والخطف والاحتيال والخداع". وهو يتصدى لأي "استغلال لشخص في حال ضعف عبر استخدام نفوذ أو منح مبالغ مالية وميزات وعطايا من أجل السيطرة عليه تمهيداً لإجباره على ممارسة الدعارة أو جعله يعمل بالسخرة وبالخدمة القسرية، أو إخضاعه لممارسات الرق والاستعباد والتسول، أو نزع أعضائه أو أنسجته وخلاياه وأجنته".
ويمنع القانون إلزام شخص بموجب اتفاق بالعيش والعمل على أرض شخص آخر، أو تقديم عمل أو خدمات مقابل مبلغ مالي أو من دونه، مع حرمانه من حرية تغيير وضعه، وأيضاً إكراه المرأة على الزواج والحمل أو استئجار رحمها. كما يتصدى لاستخدام أطفال في أنشطة إجرامية أو نزاع مسلح، وتبنيهم لاستغلالهم بأي طريقة".

وكانت الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص أحصت 1313 حالة خلال عام 2019، لكنها اعتبرت أن هذا الرقم المرتفع لا يعكس العدد الحقيقي لضحايا الجرائم المرتكبة في تونس. وأوضحت رئيستها روضة العبيدي أن "الضحايا هم نساء وأطفال وأجانب في الأساس، وأن غالبية الضحايا الأجانب يخضعون لانتهاكات التشغيل القسري، والذي يشكل أكثر من 83 في المائة من قضايا الاتجار بالبشر".

محاولات لتوحيد التدخل الاجتماعي (العربي الجديد)
محاولات لتوحيد التدخل الاجتماعي (العربي الجديد)

وتعتبر الهيئة خطر العمل القسري أكبر من الاستغلال الاقتصادي، إذ يستعمل فيه العنف والتهديد في شكل كبير لإرغام الشخص على العمل. وتشير إلى أن استدانة مبلغ مالي وتسديده على فترة طويلة يُعتبر أحد أشكال العبودية الموجودة في المناطق المهمّشة والأرياف، وكذلك محاولة بيع مولود خارج إطار الزواج.
وأعدّ خبراء ومتخصصون في مكافحة جرائم الاتجار بأشخاص قائمة بمؤشرات رصد ضحايا الاتجار بالأشخاص في تونس. وأوصوا كلّ الهياكل والمؤسسات والهيئات والمنظمات والجمعيات التي تتعامل مع ضحايا الاتجار بالأشخاص بتوفير وثائق تستخدم كمراجع قد تساعد في رصد الجرائم والتعرّف على الضحايا.

دليل مواكبة الضحايا
وأطلقت الهيئة أخيراً، بدعم من البرنامج المشترك بين مجلس أوروبا والاتحاد الأوروبي لدعم الهيئات المستقلة في تونس، دليلاً لمواكبة ضحايا الاتجار بالبشر، والذي نقلته إلى الجهات المعنية والأشخاص المكلفين بتوفير الدعم المطلوب لدمج ضحايا الاتجار بالأشخاص.
ويهدف الدليل إلى التعريف بالحقوق والخدمات المتاحة لضحايا الاتجار بالأشخاص، وضبط مسار واضح وموحّد للتّدخل الاجتماعي في مجال إعادة دمج الضحايا، وتوفير التوجيهات العملية للضحايا التي تجعلهم يسلكون طرق الدمج، والوصول إلى الخدمات.

التشغيل القسري أكبر الانتهاكات (العربي الجديد)
التشغيل القسري أكبر الانتهاكات (العربي الجديد)

وهكذا يساعد الدليل في توفير مرافقة اجتماعية لعمليات الدمج، وتكريسها في شكل مستدام وناجح، وفي تنسيق الجهود والسياسات والبرامج المحلية والوطنية والدولية لبناء شراكات متينة بين كل القطاعات والهياكل المعنية.

وتقول عضو الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص روضة بيوض لـ"العربي الجديد": "يحتوي الدليل على مجموعة تدابير توفر حماية عاجلة وآمنة، وأهمها تأمين المتطلبات الأساسية للعيش مثل المأكل واللباس والدواء، وكذلك الإسعافات الأولية والخدمات الطبية في حال إصابة الضحية بمرض أو عاهة نتيجة التعرّض لعنف". تضيف: "يركز الدليل أيضاً على ضرورة توفير مكان لإيواء الضحايا في مؤسسات تابعة لهيئات حكومية أو جمعيات للمجتمع المدني، مع عدم استبعاد منازل العائلات، وكذلك على توفير التأهيل النفسي للضحايا خصوصاً الذين تعرضوا إلى صدمات حادة".

المساهمون