حذّرت جمعيات تُعنى بمرضى سرطان الدم في تونس من خطر يحدق بالمرضى، بعد تعطل العمل في أقسام زراعة نخاع العظم، في ظل نقص الأدوية والمعدات الخاصة. وتمثل زراعة نخاع العظم أحد أبرز العلاجات لمرضى سرطان الدم. إلا أنها لم تعد متاحة بعد تعطل العمل في المركز الوطني لزرع النخاع العظمي والأقسام الاستشفائية المتخصصة في زراعة نخاع العظم.
وزرع نخاع العظم إجراء لحقن خلايا جذعية سليمة مكوِّنة للدم في الجسم، لتحل محل نخاع العظم الذي لا ينتج كميات كافية من خلايا الدم السليمة.
وأخيراً، دعت الجمعية التونسية لمزروعي النخاع العظمي وزارة الصحة إلى التحرك من أجل توفير الإمكانات المالية اللازمة لمساعدة المركز والأقسام الاستشفائية المتخصصة في زراعة نخاع العظم بهدف مساعدة مرضى سرطان الدم.
ويعاني القطاع الصحي الحكومي في تونس من نقص في الموارد المالية التي أثرت بمردود المستشفيات، فضلاً عن نقص متواصل في أدوية أساسية. ويقول رئيس جمعية مزروعي النخاع العظمي ظافر لطيّف، إن "عمليات زرع نخاع العظم توقفت تماماً في المركز الحكومي الوحيد بالإضافة إلى الأقسام الاستشفائية الأخرى". يضيف في حديثه لـ "العربي الجديد" أن "المركز الحكومي الوحيد لزرع نخاع العظم أوقف عمليات الزرع منذ أسابيع بسبب نقص الأدوية والمعدات الخاصة"، مؤكداً أن "مركز زراعة النخاع العظمي يجري عمليات زراعة الخلايا الجذعية الذاتية أو استخدام الخلايا الجذعية من مُتبرِّع، بينما تجري الأقسام الاستشفائية في مستشفيات حكومية في كل من العاصمة تونس ومحافظات سوسة وصفاقس، عمليات الزرع الذاتي فقط، إلا أن جميعها متوقفة في الوقت الحالي".
يتابع: "راسلت الجمعية التونسية لمزروعي النخاع العظمي رسمياً وزارة الصحة من أجل توفير الإمكانات اللازمة لفائدة المركز والأقسام الاستشفائية المتخصصة في زراعة النخاع العظمي أو تحمّل مسؤولياتها حيال المرضى وإعلامهم رسمياً بموعد عودة النشاط المتوقف لأسباب مالية بحتة". ويشير إلى أن "الجمعية التي تتولى مساعدة عشرات المرضى في مرحلة العلاج أو الإعداد لعمليات الزرع تتفهم الوضع المالي للبلاد والكلفة العالية لعمليات الزرع ومتابعة المرضى التي تدوم أشهراً، إلا أنها ترى أن من واجب السلطة مخاطبة هؤلاء المرضى وإعلامهم رسمياً بالوضع".
وتعدّ زراعة نخاع العظم في تونس محصورة في القطاع الحكومي الذي نجح عام 1998 في إجراء أول عملية. وعام 2007، زرع نخاع العظم المنقول من شخص إلى شخص لطفل. وتقدر نسبة نجاح هذه العمليات بـ 81 في المائة.
ويؤكد لطيّف أن مرضى سرطان الدم يحتاجون إلى رعاية كبيرة في فترة العلاج، إلا أن نسبة شفائهم عالية مقارنة بالأمراض الأخرى التي تنتج من الأورام، ما دفعه إلى استغلال كل الإمكانات المتاحة من أجل مساعدتهم في الوصول إلى مرحلة الشفاء.
ويتحدث عن الكلفة العالية لعمليات الزرع، والتي يضطر البعض إلى إجرائها في الخارج بسبب طول الانتظار في المستشفيات الحكومية. ويشير إلى أن القطاع الخاص في تونس لا يجري عمليات الزرع، ويكتفي بتقديم العلاج الكيميائي للمرضى. ويواجه التونسيون أزمة نقص وفقدان العديد من الأدوية، ولا سيما تلك المتعلقة بالأمراض المزمنة والخطيرة، وتشهد الأزمة تفاقماً مستمراً، سواء في الصيدليات الخاصة أو في صيدليات المستشفيات.
ويرتبط نقص الأدوية في أسواق تونس بتوقف مصانع محلية عن إنتاج بعض الأصناف التي لا تغطي أسعارها الكلفة، وعدم قدرة الصيدلية المركزية على استيراد الأدوية بسبب الأزمة المالية. في هذا السياق، يقر رئيس غرفة صناعة الأدوية طارق الحمامي، بـ"وجود أزمة فعلية في السوق ناتجة من تعثر الإنتاج في المصانع المحلية"، مؤكداً أن "وحدات الإنتاج اضطرت إلى التوقف عن صناعة أدوية لا تغطي الكلفة بعد ارتفاع كبير في أسعار المواد الأولية". ويقول لـ"العربي الجديد" إنه "عقب الأزمة الصحية العالمية، شهدت صناعة الأدوية ارتفاعاً غير مسبوق في أسعار المواد الأولية أثّر بكلفة الإنتاج، غير أن هذه الكلفة لم يقابلها تعديل في الأسعار على المستوى المحلي منذ عام 2021".
وتعاني السوق التونسية منذ أشهر من نقص في ما يزيد على 300 دواء، ضمنها أدوية محلية، الأمر الذي أثر بالصحة العامة للمواطنين. ويتكرر في تونس في السنوات الأخيرة نقص الدواء بسبب عدم قدرة الدولة على سداد مستحقات المزودين وتحضير الطلبيات المبكرة لتحسين المخزون، غير أن النقص امتد في الأشهر الأخيرة إلى العقاقير الحياتية ليشمل أدوية الأمراض المزمنة.