يستمرّ الجدل في تونس بين أولياء أمور التلاميذ، حول مواصلة الدروس من عدمه، بعد تصاعد الإصابات بفيروس كورونا والخوف من تفشي العدوى في المؤسسات التعليمية، رغم البروتوكول الصحي الذي يجري تطبيقه، وفرض التباعد الجسدي بين التلاميذ داخل الفصول.
ويطالب بعض الأهالي بضرورة استمرار الدروس في كلّ الحالات، والاكتفاء بتعقيم المدارس التي تثبت فيها الإصابات، رافضين مناقشة إمكانيات تعليق التعليم بسبب الجائحة الصحية، خوفاً على المستقبل الدراسي لأبنائهم، فيما يطالب آخرون بحماية التلاميذ والغلق الشامل للمؤسسات التعليمية، إلى حين مرور الموجة الثانية، للخروج بأقلّ الأضرار.
ويعتبر المتمسّكون باستمرار الدروس في ظلّ الجائحة الصحية، أنّ وقف الدروس لا يقلّل من خطر الوباء، في غياب مؤشّرات عن إمكانية انتهاء الأزمة في آجال قريبة، مطالبين بالتعايش مع الظروف الصحية الجديدة والتشديد في تدابير الوقاية.
في المقابل يرى آخرون أنّ سلامة الأطفال وعائلاتهم، أهمّ من التعليم في هذا الظرف، لا سيما في ظلّ الارتباك الرسمي في تطبيق مواعيد الدروس.
وتفتح جمعيات مدنية مهتمة بالشأن الدراسي منابر النقاش على وسائل التواصل الاجتماعي، حول مستقبل المسار الدراسي لنحو مليوني تلميذ في ظروف انتشار فيروس كورونا، مطالبين بتوحيد المواقف والبحث عن حلول عملية، تراعي حق التلاميذ في التعلّم والصحة.
ويقول، رضا الزهروني، رئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ، إنّ "السلطات الرسمية تأخّرت في حسم الجدل حول العودة المدرسية في زمن كورونا، بالتباطؤ في الاستعدادات اللوجستية لتأمين رجوع التلاميذ إلى الدراسة في ظروف جيدة".
ويعتبر الزهروني أنّ الارتباك الرسمي في ترتيب العودة المدرسية يزيد من مخاوف الأولياء ويرفع الأصوات المنادية بوقف الدروس، رغم تأكيد الأطباء على عدم خطورة الفيروس على التلاميذ وفق تصريحه لـ"العربي الجديد".
وأضاف رئيس الجمعية، أنّ وزارة التربية مطالبة بإعادة النظر في الروزنامة المدرسية والحرص على التحصيل المعرفي للتلاميذ، بإعادة البرمجة المنتظمة للدروس، عوض نظام الأفواج المعتمد حالياً.
ويبرّر الزهروني مخاوف الأولياء من تفشي العدوى في صفوف التلاميذ، بغياب التأطير النفسي وضعف تطبيق البروتوكول الصحي في المدارس.
ولم تعلن وزارة التربية منذ بدأ العام الدراسي، في 15 سبتمبر/ أيلول الجاري، عن إغلاق مؤسسات تعليمية بسبب كورونا، مكتفية بغلق بعض الأقسام بهدف التعقيم ثم العودة إلى العمل في اليوم التالي.
وقالت مديرة إدارة الطب المدرسي والجامعي بوزارة الصحة، أحلام قزارة، لـ"العربي الجديد" إنّ فرق الطب المدرسي لم تسجّل سلاسل عدوى في المؤسسات التعليمية، وإنّ الإصابات في صفوف التلاميذ معزولة، وانتقلت لهم العدوى خارج الفضاءات التعليمية.
كذلك أكّد وزير التربية، فتحي السلّاوتي، أمس الجمعة إنّ: "تونس دون دراسة، أخطر من تونس بكورونا". وأضاف أنّ فرضية تعليق الدروس في كافّة المؤسسات التربوية في البلاد، غير مطروحة بالمرّة، لأن أثر الحجر الصحي الشامل على القطاع التربوي كان كبيراً وواضحاً بعد انقطاع دام سبعة أشهر كاملة.
وشدّد السلاوتي في تصريح إعلامي نقلته وكالة الأبناء الرسمية "وات"، أنّ وزارة التربية هي الجهة الوحيدة المخوّل لها اتخاذ قرار غلق أي مؤسسة تربوية، بأي منطقة من مناطق تونس، حسب تطوّرات الوضع الوبائي، وذلك بالإعتماد على المقترحات التي تردها من اللّجان المحلية والجهوية لمجابهة الكوارث، والمبنية أساساً على الحالة الصحية والوبائية في كلّ مؤسسة تربوية.