جرائم الشوارع في باكستان... سرقة وقتل معاً

27 ديسمبر 2024
ترهيب الباكستانيين من ضمن أهداف عمليات العصابات، 29 أكتوبر 2024 (عبدول مجيد/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تزايد أعمال السرقة في باكستان يثير الخوف بين المواطنين، خاصة بعد مقتل سرفراز محمد في كراتشي، مما يعكس تصاعد العنف المصاحب للسرقات.
- حادثة مقتل سرفراز أثارت ضجة كبيرة، مما دفع رئيس وزراء إقليم السند للمطالبة بإجراءات صارمة، حيث أكدت الشرطة مقتل 103 أشخاص في عمليات سرقة منذ بداية العام.
- يعبر المواطنون عن قلقهم من تزايد الجرائم، متهمين الشرطة بالفشل، مشيرين إلى أن الفقر والبطالة تسهم في تفاقم الوضع الأمني واستغلال العصابات للشباب.

في وقت تكثر فيه أعمال السرقة في باكستان، يعيش المواطنون في خوف من تكبد خسائر مادية كبيرة. وزاد هذا الخوف أخيراً مع تعمّد أفراد العصابات القتل خلال مهام السرقة لنشر الذعر ومنع أن يتجرأ أحد على فعل شيء ضدهم 

في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، قتِل مالك محل صيرفة يدعى سرفراز محمد (32 عاماً) في قلب مدينة كراتشي، العاصمة الاقتصادية لباكستان، وذلك في وضح النهار، بعدما قاوم ثلاثة سارقين اقتحموا محله، وحاولوا أن يأخذوا منه المال الموجود فيه تحت تهديد السلاح. وبعدما رفض أن يعطيهم ما يريدون، أطلقوا النار على رأسه وأردوه قتيلاً.
ويعمل سرفراز في محله الصغير للصيرفة منذ الصباح حتى المساء لتوفير مردود عادي يسمح بتسيير الأمور المعيشية لمنزله، والعيش بين أقرانه بشكل جيد. وقد كان جالساً في يوم الواقعة أمام محله مع زميل له خلال وقت الظهيرة، فدخل سارقان وانتظر زميل ثالث خارج المحل، وحين طلبا منه إجراء عملية لتغيير العملة، بدأ يحاسبهما قبل أن يُخرج أحد السارقين مسدساً، فرد سرفراز بمحاولة إمساك المسدس، لكن اللص الثاني أخرج بدوره المسدس من دون أن يمنع سرفراز من الاستمرار في الصراع معهما، ثم أطلق أحدهما النار وأردى سرفراز، أما زميل الضحية الموجود خارج المحل فلم يتحرك بسبب الصدمة.
وبعدما قتلوا سرفراز، أخذ اللصوص المال الموجود في المحل وهاتفه الخلوي وذلك لزميله، وما كان في جيوبهما من نقود، ثم انصرفوا، وكان سرفراز ملقى ملطخاً بالدماء على الأرض. وهو نقِل إلى المستشفى قبل أن يتوفى بتأثير الإصابة في رأسه.

وأثار الحادث ضجة كبيرة في الأوساط الاجتماعية والإعلامية، ما جعل رئيس الوزراء في حكومة إقليم السند سيد مراد علي شاه يطالب الشرطة بأن تطلعه على التفاصيل. 
وقال المكتب الإعلامي لحكومة السند: "طالبنا الشرطة بأن تتخذ كل الخطوات اللازمة للقضاء على جرائم الشوارع التي بدأت تأخذ منحى خطيراً عبر قتل المجرمين الناس بعد تنفيذهم أعمال سرقة ونهب، ومن بينها زيادة الحواجز وتكثيف الدوريات داخل المدينة للقضاء على العصابات، فالوضع الأمني أمسى خطيراً، ويجب أن تضطلع الشرطة وأجهزة الأمن بدورها في القضاء على هذه الحالة السيئة".
وأوضح بيان أصدرته الشرطة أن "103 أشخاص قتِلوا خلال عمليات سرقة ونهب شهدتها شوارع ومنازل مدينة كراتشي منذ بداية العام الجاري، وأن هذا الأمر حصل مرات قليلة نتيجة مقاومة أصحاب محال أو منازل السارقين، وغالباً من دون مقاومة، ما يشير إلى أن أفراد الخلايا الإجرامية يقتلون الناس إلى جانب السرقة ونهب الأموال من أجل نشر الذعر والخوف الذي يندرج ضمن أهدافهم إلى جانب الحصول على ما يريدون".

تقلل الشرطة الباكستانية أرقام القتلى خلال السرقات كي تحافظ على كرامتها، 5 نوفمبر 2024 (رضوان تبسم/ فرانس برس)
تقلل الشرطة الباكستانية أرقام القتلى خلال السرقات كي تحافظ على كرامتها، 5 نوفمبر 2024 (رضوان تبسم/ فرانس برس)

ويقول عامر عزيز، وهو صاحب محل لبيع الذهب في مدينة كراتشي، لـ"العربي الجديد": "نعيش حالياً في خوف وقلق دائمين. إضافة إلى أعمال العنف والتفجيرات التي نشاهدها بين حين وآخر، باتت أعمال السرقة والنهب تترافق مع أعمال قتل أصحاب المال، وهذا مقلق للغاية، ونحن لا ندري ماذا نفعل؟ الخروج من البلاد هو الحل الأمثل، لكن كثيرين لا يستطيعون فعل ذلك. شخصياً، يمكن أن أذهب إلى الإمارات أو تركيا وأعيش هناك، لكن كيف أدير عملي الذي صرفت فيه كل حياتي بعدما أسسه أبي؟".
وتشير إحصاءات رسمية إلى ارتفاع عدد الجرائم في شوارع باكستان. وعلى سبيل المثال، أفاد تقرير نشرته وزارة الداخلية خاص بعام 2023 بأن "27 ألفاً و984 سرقة حصلت في الشوارع، غالبيتها لهواتف محمولة، بينما شهد عام 2022 نحو 26 ألفاً و561 سرقة. أما عدد حوادث سرقة السيارات، فكان 262 عام 2023 مقابل 161 عام 2022. وقد ارتفعت كل الجرائم، وقتل 645 شخصاً في الشوارع لأسباب مختلفة، من بينها خلال عمليات سرقة عام 2023، في حين كان العدد 593 عام 2022".

الجريمة والعقاب
التحديثات الحية

واللافت أن مواطنين وناشطين كثيرين في باكستان يعتبرون أن هذه الأرقام غير صحيحة وغير دقيقة، وأنها أكبر بكثير. ويقول الناشط الاجتماعي عبد الرحمن منان لـ"العربي الجديد": "يعرف الجميع أن هذه الأرقام غير صحيحة، فهي قد تحصل خلال شهر أو شهرين وليس أكثر. الشرطة تقلل الأرقام وتظهرها منخفضة كي تحافظ على كرامتها، وتقول إن الأمور لم تتدهور بدرجة كبيرة. أما الحقيقة التي نعرفها فهي غير ما تقوله الشرطة وأجهزة أمن الدولة".
وعموماً، كثرت الهجمات وجرائم القتل في باكستان في الأعوام الأخيرة، ما دفع مواطنين ونشطاء إلى اتهام الشرطة بالفشل في اتخاذ إجراءات رادعة مناسبة، وانتقاد تكرار الوزراء بلا جدوى وعود معالجة الظاهرة.
وأكد ناشطون أنّ "عوامل اجتماعية عدة تساهم في سوء الوضع الأمني، من بينها الفقر والبطالة وتفشي المخدرات". وتحدثوا عن أن العصابات الإجرامية تستغل أوضاع الشباب الصعبة، وتجنّد كثيرين منهم".