جمعيات تنفذ مشاريع خدماتية في دير الزور السورية

03 سبتمبر 2022
عانى أهالي دير الزور لسنوات طويلة (دليل سليمان/ فرانس برس)
+ الخط -

انعكست الحوارات بين أبناء مناطق وبلدات ريف دير الزور، شرق سورية، والتي تخضع لسيطرة الإدارة الذاتية، على الحراك المدني في المنطقة. وعلى مدى أشهر من العمل والجلسات، وحدت منظمات مدنية جهودها وأعمالها لمواجهة التحديات الأمنية وتعزيز التماسك المجتمعي، وانتهت من تنفيذ خطط مشروع "أمننا" بنسخته الثالثة.
وعقدت الجمعيات جلسات حوارية مع أهالي المنطقة بمشاركة مسؤولين من لجنة الداخلية وقوى الأمن الداخلي التابعة لمجلس دير الزور المدني، وبحثت أفضل الوسائل الممكنة لخدمة سكان المنطقة وسد الفجوة الأمنية ومواجهة التهديدات والمخاطر التي زادت أخيراً. وهذه الجلسات الحوارية خطة متقدمة لتعزيز الثقة بين السكان والجهات الأمنية. ويسعى مشروع أمننا إلى خلق بيئة حوار شفافة ومباشرة بين الأهالي ومسؤولين في الإدارة الذاتية.   

ويوضح المدير التنفيذي لمنظمة "إنصاف للتنمية" (ناشطة في مناطق ريف دير الزور الشرقي، وتسعى إلى تعزيز الأمن المجتمعي وتشجيع أبناء المنطقة على المشاركة الجماعية في حماية مناطقهم)، محمد المحمد، أن "الأمن حاجة أساسية وملحة من أجل إعادة الاستقرار وتشجيع النازحين من القرى والبلدان المجاورة على العودة. لذلك، كان من الضروري تنفيذ مشاريع لخدمة أمننا، فكان مشروع أمننا 3".
كما تشارك منظمات "ديرنا"، و"فراتنا"، و"حماية البيئة والتنمية المستدامة"، و"ماري"، و"أمل الباغوز" في المشروع، وقد عقدت المنظمات جلسات حوارية بحضور سكان محليين ووجهاء قبائل وعشائر. وشاركت نساء المنطقة من مختلف الفئات العمرية، وخرجت هذه الجلسات بتوصيات لتنفيذ مشاريع تنموية على مراحل للمساهمة في تحسين الواقع الأمني.
وعن هذه المقترحات والتوصيات، يقول المحمد: "طُرح وضع مطبات صناعية في الشوارع العامة ومفارق الطرقات للحد من سرعة السيارات، وتنظيم دورات توعية لعناصر الأمن الداخلي، وإنشاء مكتب عمليات خاص للتنسيق والربط، وإنشاء نقاط تفتيش مجهزة بالتقنيات الحديثة".
ونفذت "إنصاف للتوعية" مشروعاً لإنارة مدخل بلدة هجين الغربي في بداية شهر مارس/ آذار الماضي بالتنسيق مع لجنة الداخلية وقوى الأمن. ويقول المحمد: "تمت إنارة المسار بطول 350 متراً بأعمدة عددها 14 عموداً، بمعدل عمود كل 25 متراً، وتركيب هذه الأعمدة مع الأجهزة والكابلات الكهربائية وتنفيذ الصبات البيتونية لها وصولاً إلى تركيبها وتجريبها".
وبحث مسؤولو المنظمات والجهات المدنية كيفية توجيه أنظار المنظمات الإنسانية والجهات الدولية المانحة لدعم المشاريع التي تساهم بالاستقرار الاجتماعي، على أن تستكمل مشاريع إنارة الشوارع العامة والفرعية وتعبيد الطرقات، بالإضافة إلى تبليط الأرصفة واستخدام أحدث التقنيات في المراقبة وإزالة المخلفات الحربية من الأماكن العامة والمدارس التعليمية حفاظاً على سلامة أبناء المنطقة.
وفي سياق مشروع "أمننا 3"، نفذت المنظمة مشروع "مطبات صناعية في بلدة هجين بطول 190 متراً توزعت على 22 مطباً صناعياً، بالتنسيق مع لجنتي الداخلية والمرور. وهذه المطبات توزعت على المنعطفات الخطرة والتقاطعات وأمام المدارس للحفاظ على سلامة التلاميذ، وحماية أهالي المنطقة من زيادة سرعة السيارات والدراجات النارية"، بحسب المحمد. يضيف: "نفذ مشروع ثالث يتمثل في تركيب كاميرات للمراقبة على الطرقات الرئيسية للبلدة بغية تصوير الحوادث والتجاوزات المرورية ورصد التحركات المشبوهة، وعددها 24، لرصد مداخل ومخارج هجين الرئيسية وإرسال البث المباشر إلى غرفة العمليات في مقر قوى الأمن الداخلي".

الخدمات حسنت أحوال الأهالي (دليل سليمان/ فرانس برس)
حسنت الخدمات أحوال الأهالي (دليل سليمان/ فرانس برس)

وفي قرية العلي الواقعة بالريف الشرقي لدير الزور، أشار المشاركون في الجلسات الحوارية إلى وجود مدرسة بلا سور تقع على الطريق الرئيسي الذي يصل مدينة الرقة بدير الزور، ما تسبب بحوادث سير أودت بحياة عدد من الطلاب وأصيب آخرون. ويذكر الناشط أحمد الشيحان، وهو مدير مشاريع في منظمة "حماية البيئة والتنمية المستدامة"، لـ"العربي الجديد"، أن "الحوارات خرجت بتوصية لإعادة بناء السور، ونفذت منظمتنا المشروع خلال شهر مايو/ أيار الماضي، الذي وفر الأمان للتلاميذ والمدرسة وترك أثراً إيجابياً وارتياحاً لدى الأهالي". 
وبلغ طول سور مدرسة العلي الأساسية الذي تم تشييده من جديد 310 أمتار وارتفاعه 3 أمتار، وعمل فيه نحو 30 عاملاً ومتطوعاً، واستفاد منه أكثر من 800 تلميذ ووفر لهم الأمان والاطمئنان، ويؤكد أن مشروع "أمننا 3" يحاكي هموم الناس اليومية، وهو فرصة للقاء مباشر بين أفراد المجتمع وقوى الأمن الداخلي وقيادة المجلس المدني للاطلاع على مشاكل المنطقة وحلها ومعالجتها ومعرفة وجهة نظر كل طرف وتقريب هذه الوجهات لخدمة الأهالي".
بدورها، توضح مديرة البرامج في منظمة "ماري للتنمية" نور العجيل، خلال حديثها لـ"العربي الجديد"، أن "الفكرة جاءت كنتيجة للجلسات الحوارية مع أهالي المنطقة ضمن مشروع أمننا 3، بضرورة تفعيل السجل المدني بدير الزور. وافتتحت لجنة الداخلية وقوى الأمن الداخلي التابعة للمجلس مديرية التوثيق في شهر مارس/ آذار الماضي بمنطقة الكيلومترات، شمال دير الزور"، وتقول: "نظمت ماري للتنمية في 20 من الشهر الماضي جلسة حوارية عن الخدمات التي تقدمها مديرية التوثيق المدني للمواطنين بإقليم دير الزور، بمشاركة نشطاء مدنيين وحقوقيين وسكان المنطقة، إلى جانب ممثلين عن المجالس المحلية ولجان الوساطة المجتمعية"، على أن تنظم مزيداً من الجلسات والحوارات المجتمعية مستقبلاً. تضيف العجيل: "تمنح مديرية التوثيق المدني في دير الزور بطاقة التعريف المؤقتة والبطاقة العائلية وبيان الزواج وشهادتي الولادة والوفاة".
وعمد النظام السوري قبل انسحابه من دير الزور في أواخر عام 2013 إلى نقل قاعدة البيانات والملفات والسجلات الرسمية إلى مناطق سيطرته في مركز المحافظة، حيث يجبر الكثير من أهالي ريف دير الزور الشرقي على السفر إلى مناطق سيطرته. وفي مسعى لتنظيم سجلات الأحوال المدنية، عقد عدد من المنظمات المدنية والحقوقية جلسات حوارية توعوية بمشاركة سكان المنطقة مع قادة مجلس دير الزور المدني وقوى الأمن الداخلي ومديرية التوثيق المدني.

يذكر أن الجلسات والندوات الحوارية التي نظمتها هذه المنظمات ساهمت بشكل كبير في نقل معاناة سكان المنطقة وتطرقت إلى المشكلات التي يعانونها. وتختم العجيل حديثها قائلة: "أبرز التحديات التي تواجه عمل المنظمات والجمعيات هي عدم معرفة الناس بعملنا، الأمر الذي يتطلب من الجميع عقد المزيد من الجلسات لتوعية سكان المنطقة من نازحين ووافدين وأبنائها".  
وتقع محافظة دير الزور شرقي سورية، وتبلغ مساحتها نحو 33 ألف كيلومتر مربع. وكان تعداد سكانها حتى مطلع 2010 قرابة المليون و200 ألف نسمة، وتتصل حدودها الإدارية شمالاً بمحافظة الحسكة، وغرباً بالرقة. أما جنوباً، فتحدها صحراء البادية ومدينة تدمر الأثرية ومحافظة حمص.

المساهمون