أعلنت "جمعية الثّقافة العربيّة" في حيفا، الخميس، عن إنشاء صندوق "سِماك"، بهدف توفير أكبر عددٍ ممكنٍ من المنح الدراسيّة للطّلبة الفلسطينيين في الداخل الفلسطيني.
وجاء في بيان عممته الجمعية، أمس الأربعاء، أنها منحةٌ تُغطّي قرابة 80 بالمائة من التكاليف الجامعية، وتمتدّ على مدار 3 سنواتٍ يُقدم خلالها دعم أكاديميّ ومعنويّ للطّلاب، بالإضافة إلى برنامجٍ تثقيفيٍّ يهدف إلى تنمية جيل مُبادر ومعطاء.
ويأتي إنشاء الصندوق ثمرة عملٍ دؤوبٍ امتد على مدار أكثر من 15 عاما، قدّمت خلالها الجمعيّة أكثر من 1050 منحةً للطّلبة الفلسطينيين الذين يتعلمون في المؤسسات الأكاديميّة على جانبي الخط الأخضر.
وأكدت جمعية الثقافة العربيّة أن "التغيرات السياسيّة والاجتماعيّة التي تمثّلت في الآونة الأخيرة بشكل خاصٍ في صعود جائحة كورونا، وارتفاع عدد العائلات التي تعيش تحت خط الفقر في البلاد، حيث إن 39.1 بالمائة من العائلات العربية في بلداتنا تعيش تحت خط الفقر، تُحتم علينا ضرورة توسيع رقعة الإفادة والاستفادة التي تُقدمها الجمعيّة إلى أبناء شعبنا منذ عام 2007، وبالأخص مع وصول عدد طلبات المتقدمين للمنحة إلى أكثر من 5000 بشكل سنوي، جزء كبير منهم مُستحقون لها من الناحيّة الاقتصاديّة".
وأضاف البيان: "علاوةً على ذلك، فإن مشهد العنفِ وسيطرة الجريمة المنظمة على مناحٍ مُختلفةٍ من حياتنا، إضافة إلى ما ذُكر، يُحتّم تحويل قضيّة التعليم العالي إلى قضيّة جمعيّة. لذلك، دعت الجمعية أبناء المجتمع إلى المشاركة في مشروعها الذي يهدف إلى دعم عددٍ أكبرٍ من الطُلاب في المؤسسات الأكاديميّة، وذلك عن طريق التبرّع لصندوق (سِماك)".
وشدّدت الجمعية على أن "لأهمية إطلاق الصندوق أسبابًا عدّة، أهمها إتاحة التعليم العالي لأكبر عدد ممكنٍ من الطلاب الفلسطينيّين في الداخل، حيث يُغطي المبلغ الموزع على ثلاث سنوات مُجمل قسط اللقب الأكاديمي، الأمر الذي يُساهم في تخفيف عبء عمليّة التمويل الأكاديميّ، سواء على الأهل أو على الطالب".
ويهدف البرنامج، الذي تُنظمه الجمعيّة خلال الفترة التي يقضيها الطالب في المنحة، إلى "تنمية جيل شبابيٍ قياديٍ جديد، حامل لهموم مجتمعه، قادرٍ على خلق مُبادرات مُجتمعيّة لإحداث التغيير بين أوساط الشباب والشابات من الجيل القادم. وهو برنامج مبنيّ على أسس العدالة والثقافة المجتمعيّة ويجرى فيه تطوير قدراته الفرديّة من أجل البناء الذاتي، وتعميق الرغبة في العطاء المجتمعي من خلال التطوع والمُبادرة في مجالاتٍ مُختلفةٍ تُلائم اهتمامات الطالب واحتياجاته"، وفقاً للجمعية.
وخلال البرنامج "يرافق مُنسقو المنحة الطُلاب، مرافقة شخصيّة، مهنيّة، تتلاءم مع ظروفهم الحياتيّة وخياراتهم، ما يحيطهم ببيئة حاضنة وداعمة تُخفف شعورهم بالغربة في المؤسسات الأكاديميّة، كما يُساهم في تميّزهم في داخل الأكاديمية وخارجها".
وترى الجمعية أن "أهميّة عمليّة المُساندة المجتمعيّة تكمن في علاقتها بالتطور الذاتيّ والجمعيّ. وتتلخّص الدوافع التي تجعلها تدعو أبناء مجتمعها لأن يكونوا جزءًا لا يتجزأ من بيئة الدعم للطالب العربي في المؤسسات الأكاديميّة، في نقاطٍ عدّة: من بينها صعوبة تغطيّة مصاريف التعليم الأكاديمي للطالب، بالإضافة إلى قلة الأطر الجمعيّة والبيئة الحاضنة للطالب".
ويذكر أن جمعيّة الثقافة العربيّة شكلت على مدار أكثر من 25 عاما بيتًا لكمٍ كبيرٍ من هؤلاء الطُلاب، خصوصًا بعد إطلاق برنامج المنح الدراسيّة.
وحسب معطيات مكتب الإحصاء المركزي في البلاد، فإن معدل دخل العائلة العربيّة المكونة من 5 أفراد، والمقبل جزء من أبنائها على مرحلة التعليم الأكاديمي، هو 11338 شيكل، بالمقابل، تُشير معطيات جرى جمعها على مدار السنوات السابقة في الجمعيّة إلى أن معدل دخل الأهل للمُتقدمين للمنحة هو 4200 شيكل، هذا المعطى هو دليل على أهمية مشروعها ومدى قيمته عند المستفيدين والمستفيدات منه.
وتشير تجارب الشعوب المُفقرة والمهمشة في عمليّة تغيير واقعها الاجتماعي (مع اختلاف الظروف الزمانيّة والمكانيّة) إلى القيمة الساميّة التي تحملها العمليّة التعليميّة على العمليّة التربويّة، حيث تُشكل أحد أهم عِماد البناء لكينونة المجموعة والأفراد في داخلها. هذا الدعم يُساهم في تشكيل حيز عامٍ ومشهد يعترض على الحالة المجتمعيّة القائمة وبناء مستقبل أفضل.
ووفقاً للجمعية، تتالت الأزمات على مجتمعنا خلال العقود الأخيرة، الأمر الذي أدى إلى انخفاض عدد المتعلمين والمتعلمات العرب نسبةً لعدد السكان في البلاد، على الرغم من وجود كفاءات نفخّر بها، مشيرة إلى أن سد الفجوة بين النسبة الحاليّة المذكورة مُسبقًا وبين النسبة المرجوة، كانت أحد أهداف الجمعيّة منذ تأسيسها، ولذلك تعتبر زيادة عدد المُستفيدين من المنحة مسؤوليّة مجتمعيّة تُساهم في حل الأزمات الأكبر.
يذكر أن العمل على صندوق "سِماك" هو تطوّعي بالكامل، وذلك إيمانا بضرورة تأسيس نموذجٍ تكافلي يحاكي التطلعات في إنشاء الصندوق، تطوّع وساهم في إنجاح حملة إطلاقه طلاب وخريجو منحة روضة بشارة عطا الله، وكذلك الكاتب والمنتج الفني رازي نجار، والمُخرجة دونا حوّا، فضلا عن شركة الإنتاج سي جينيك، والمنتجة الاستشارية لورا حوّا، والممثّلة سلوى نقارة، والممثّل إياد شيتي، والمنتجة المنفّذة تمار قسّيس، والمخرج الفنّي نزار غنادري، والمصوّرة آنا ماريا حوّا، والمعلّق الصوتي دريد لدّاوي، بالإضافة الى مُبرمج الموقع مروان أبو واصل.