قررت النيابة العامة المصرية حبس المحاسب في إحدى شركات العقارات محمد جودت، لمدة أربعة أيام على ذمة التحقيقات معه، في اتهامه بهتك العرض المقترن بخطف لطفلة تعمل بائعة للمناديل الورقية في حي المعادي بالقاهرة، وملامسته مواضع عفتها، فيما أقرّ المتهم أمام النيابة بأدلة الاتهام، مدعياً أنه كان يمزح مع الضحية لسابق معرفته بها.
والمتهم يبلغ من العمر 37 عاماً ومنفصل عن زوجته منذ 6 أشهر، ولديه طفلان، ويسكن في ميدان الحرية بحي المعادي، وقال أمام النيابة إنه يعرف الطفلة جيداً، ودائماً يشتري المناديل منها. وألقت أجهزة الأمن القبض على المتهم في أعقاب هروبه من منزله، ومحاولته الاختفاء بعد انتشار صورته على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
واستمعت نيابة جنوب القاهرة الكلية إلى أقوال والد ووالدة الطفلة المعتدى عليها، وإلى أقوال المرأة التي كشفت واقعة التحرش بالطفلة في مدخل العقار، كما قررت التحفظ على كاميرات المراقبة لإعداد تقرير مفصل. وأفادت النيابة في تحقيقاتها بأنّ المكان الذي خرجت منه سيدتان لنجدة الطفلة هو معمل تحاليل في الطابق الأرضي من عقار كائن بميدان الحرية في المعادي.
وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي في مصر فيديو يظهر فيه المتهم أثناء استدراجه الطفلة إلى مدخل المبنى، وتحرشه بها، وقد وضع يده على مناطق حساسة من جسدها. وظهرت في الفيديو امرأة تدعى أوجيني أسامة، وتعمل مساعدة طبيب في معمل تحاليل خاص، وهي تتشاجر مع المتهم، وتنقذ الطفلة من بين يديه، قبل أن يفر هارباً.
من جهته، أعلن وكيل لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب المصري، أيمن أبو العلا، اعتزامه التقدم بتعديل تشريعي لتشديد عقوبة التحرش بالأطفال، في ظل تكرار حوادث الاعتداء الجنسي على الأطفال في مصر، وما يترتب عليه من أذى بدني ونفسي للضحايا.
وقال أبو العلا، في تصريح له، اليوم الأربعاء، إنّ مقترح التعديل يقضي بإضافة فقرة جديدة لنص المادة 306 مقرر (ب) من قانون العقوبات، وتنص على "توقيع عقوبة السجن مدة لا تجاوز 7 سنوات، إذا كان عمر من وقعت عليه الجريمة لا يزيد على 12 سنة ميلادية".
وأوضح أبو العلا أنّ "فلسفة التعديل تستند إلى إضافة ظرف مشدد جديد للجريمة، وهو مراعاة صفة الضحية عند التجريم، إذ إنّ الظروف المشددة تعد ركيزة أساسية لكون الغرض منها تحقيق العدالة الجنائية، والحفاظ على النظام العام في المجتمع"، مستطرداً بأنّ "التعديل كفل للقاضي تشديد العقوبة بإضافة عقوبة أخرى أشد، وهي السجن".
وتابع: "إضافة ظرف مشدد للجريمة هو نهج انتهجته الكثير من دول العالم في مكافحة الجريمة بشتى أنواعها، وصورها، تحقيقاً للردع العام، وإنذار الكافة بسوء عاقبة الإجرام، وتهديد المجرمين المحتملين لارتكاب الجريمة"، خاتماً أنّ "الاعتداء الجنسي على الأطفال من الأسباب التي تستدعي تشديد العقوبة، نظراً لعوامل صغر السن، وضعف الإدراك، والمقاومة، وكذلك ضعف المجني عليه بدنياً".
وبحسب دراسة صادرة عن "المركز القومي للبحوث"، بالتعاون مع بعض المراكز الحقوقية في مصر، فإنّ نحو 20 ألف حالة تحرش واغتصاب تقع في مصر سنوياً، 85% من ضحاياها هم من الأطفال، و45% من الحالات هي اغتصاب كامل للطفل الضحية، مع الإجبار على عدم إخبار الأسرة بالحادث، في حين يتعرض 20% من الضحايا للقتل بطريقة بشعة.
وكان مجمع البحوث الإسلامية، الذي يرأسه شيخ الأزهر أحمد الطيب، قد أكد أنّ "التحرش بالأطفال هو سلوك منحرف محرم، تأباه النفوس السوية، وتجرمه الشرائع والقوانين كافة، وهذا السعار المحموم والمذموم الذي بات ينتشرُ واقعياً وافتراضياً، يستوجب أشد العقوبات الرادعة، وتجريمه يجب أن يكون مطلقاً، ومجرداً من أي شرط أو سياق".
وأشار المجمع، في بيان له، أمس الثلاثاء، إلى أن "التحرش بالأطفال ظاهرة كريهة منافية للإنسانية والمروءة وكمال الرجولة"، وأنه ينبغي "تشديد الرقابة على المتحرشين، والإبلاغ عنهم، وتوعية الأطفال بأفعالهم الإجرامية، ورفع الوعي بجريمة التحرش كسلوك مشين يستوجب مواجهته بشكل صارم، من خلال المناهج الدراسية، والتناول الإعلامي، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، وبطريقة تناسب طبيعة المرحلة العمرية للطفل".