حريق المنقف جنوبي الكويت: وفاة عشرات العمال النائمين اختناقاً والتحقيقات مستمرة
استمع إلى الملخص
- التحقيقات تكشف عن مخالفات بناء مثل إغلاق مخارج الطوارئ وتخزين مواد قابلة للاشتعال، مع تأكيد عدم وجود شبهة جنائية حتى الآن، وصعوبات واجهتها قوات الإطفاء بسبب كثافة السكان ومخالفات المواقف.
- تعازي وتضامن من أمير الكويت ورئيس الوزراء الهندي مع تأكيد على ضرورة محاسبة المسؤولين وتجنب تكرار مثل هذه الفواجع، وتنسيق السفارة الهندية مع السلطات الكويتية لمساعدة المتضررين.
استيقظت الكويت، صباح اليوم الأربعاء، على فاجعة "حريق المنقف" الذي تسبب في وفاة أكثر من 49 عاملاً، وإصابة العشرات، معظمهم من الجنسية الهندية، وهم عمّال في إحدى الشركات الخاصة في البلاد، إثر اندلاع حريق في المبنى الذي كان يقطنه هؤلاء العمّال، فجر اليوم.
حريق المنقف.. غازات سامة حاصرت العمال
تنقسم منطقة المنقف في الكويت، التي وقع الحريق في إحدى بناياتها، إلى قسمين؛ الأول منازل سكنية مُخصصة للمواطنين، والآخر تجاري واستثماري، يحتوي الجزء الأكبر منه على بنايات، يقطنها عاملون وعائلات مقيمة في البلاد، كما يحتوي هذا الجزء على أسواق تجارية ومطاعم وغيرها.
واندلع حريق المنقف في البناية المكوّنة من ستة طوابق، من الطابق الأرضي، والذي امتد إلى معظم الطوابق، وكانت الوفيات بمعظمها بسبب اختناق العمال أثناء النوم، من تصاعد دُخان الحريق إلى باقي الطوابق، وفق المعلومات التي حصل عليها "العربي الجديد".
وقال مدير إدارة التحقيقات والحوادث في قوة الإطفاء العام، العقيد حسن الموسوي، لوسائل الإعلام التي كانت موقع الحريق، وكان من بينها "العربي الجديد"، إن "الدخان هو عبارة عن نواتج حريق، وهي غازات سامّة، وبدلاً من أن تُصرف إلى الخارج، صعدت إلى الأدوار العُليا عبر ممرّين للسلالم داخل البناية، وذلك بسبب إغلاق مخارج الطوارئ، ما أدّى إلى حشر الأشخاص داخلها"، مُضيفاً أن الوفيات بمعظمها كانت أثناء النوم، إذ وجدت جثث العمال إما على الأسرّة أو على الأرض، ما يعني أنهم كانوا نائمين، إلى جانب العثور على جثث بعض الأشخاص في سلالم الهروب، مشيراً إلى أنه كان من المُفترض في حالات الحريق صعودهم إلى سطح البناية، الذي هو "أأمن مكان في مثل هذا السيناريو"، إلا أنه كان مغلقاً حين حاول بعضهم الوصول إليه، وقد تُوفوا في نفس المكان إثر الاختناق.
ما سبب اندلاع حريق المنقف؟
أما عن سبب اندلاع حريق المنقف الكارثي، فقد أكّد الموسوي أن التحقيقات ما زالت جارية من قِبل إدارة التحقيقات والحوادث في قوة الإطفاء العام، بالتعاون مع الأدلة الجنائية في وزارة الداخلية، وأنها تواصل معاينة أسبابه، وقد طمأن وسائل الإعلام والمواطنين والمقيمين إلى أنه "لا توجد شبهة جنائية حتى هذه اللحظة"، مُضيفاً أنه "تم رفع وتحريز وتمييز عيّنات لبيان بعض المواد في المختبر الكيميائي"، والذي يعود إلى الإدارات المختصة في قوة الإطفاء العام ووزارة الداخلية الكويتية.
وأشار العقيد حسن الموسوي إلى مخالفات عدة في المبنى، من بينها إغلاق مدخل سطح البناية، وعدم توافر مخارج طوارئ، إلى جانب تخزينها عدداً من المواد القابلة للاشتعال، في مخالفة لاشتراطات الأمن والسلامة داخل المباني الاستثمارية،
وقال إن قوة الإطفاء تلّقت بلاغ الحريق في الساعة الرابعة والدقيقة ثلاث وعشرين فجراً، وكان وصولها إلى الموقع في الساعة الرابعة والدقيقة ثمانٍ وعشرين، مُشيراً إلى أنه كان وقتاً سريعاً، إلا أن عوائق عدة واجهتهم، كان من بينها كثافة عدد السكّان داخل البناية، وصعوبة وصول آليات الإطفاء الثقيلة بسبب مخالفات المواقف داخل شارع البناية. وردّاً على سؤال "العربي الجديد" حول مخالفات أخرى في ما يتعلّق بالأمن والسلامة، أكّد الموسوي قائلاً: "نعم، إغلاق واجهات البناية، هو السبب الرئيسي الذي أدى إلى انحشار الأشخاص داخلها، أولاً باحتوائها مواد بترولية، وأخيراً إغلاق الواجهات بمواد مُسرّعة للاشتعال، ولو كان "جبس بورد" لقاوم الاشتعال، أو زجاجاً ينكسر بفعل الحريق ويصرف الدُخان".
حول عدد سُكّان البناية، رد العقيد الموسوي على "العربي الجديد" بأن ترجيحاتهم تُشير إلى أكثر من 195 شخصاً، وعمّا إذا كان هذا العدد مُخالفاً، قال إنه جرى التنسيق مع هيئة القوى العمالة التي حضرت إلى الموقع، من أجل تسجيل تقرير تفصيلي لرصد المخالفات.
كما أشار الموسوي في حديثه إلى وسائل الإعلام إلى أنه ستصدر خلال اليومين المقبلين بيانات رسمية من قِبل الجهات المختصة في ما يتعلق ببيان تفاصيل الحالات الدقيق، علماً أنه لم تصدر تحديثات بعد عن تطورات حالات المُصابين الذين يتلقون العلاج داخل مستشفيات محافظات البلاد.
وقال مهند لافي، وهو مقيم فلسطيني يسكن إحدى البنايات المجاورة، تقطنها عائلات من جنسيات عدّة، وهو شاهد عيان لحريق البناية، إن الحريق اندلع من الطابق الأرضي، وامتدّ إلى أكثر من مترين إلى مدخل البناية، ما أدى إلى وصول النيران إلى مؤخرة مركبات عدة أمامها، مُشيراً إلى أن البناية كان لها مدخل ومخرج واحد فقط، وآخر جانبي كان مغلقاً، وبحسب شهادته فإن البناية يقطنها عاملون فقط، ومعظمهم من الجنسية الهندية، وأضاف أن أحد العمال ألقى بنفسه من أحد الطوابق للنجاة من الحريق، ويبدو أنه فارق الحياة بعد سقوطه.
من جانبه، قال إسماعيل عبد الله، وهو مقيم من الجنسية الهندية، ويعمل في "البقالة" (دُكّان يقدم خدمات المواد الغذائية الجاهزة) الملاصقة للبناية التي اندلع فيها الحريق من الجانب الأيمن، وهو الجانب الذي امتدّت إليه النيران، أن زميله المناوب في الليل نقل إليه مشاهدته أحد العمّال يلقي بنفسه من الطابق الثاني، وقال إنه سقط على وجهه، ويبدو أنه توفي على الفور، مُشيراً إلى أنّ سكان البناية بمعظمهم من الجالية الهندية، بالإضافة إلى عامل مصري آخر غير الحارس، وعدد من السريلانكيين والفيليبينيين، وهي الجنسيات التي أكّدها أيضاً محمد سجاد، المُقيم الهندي الذي يعمل أيضاً في بقالة مجاورة لبقالة إسماعيل، مُشيراً إلى أنه جاء إليه مقيم فيليبيني يسأله عن صديق له في البناية، بعدما انقطع تواصله معه نهائياً بعد الساعة الرابعة والنصف فجراً.
وأرسل أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح برقيات تعازٍ إلى أسر الضحايا، معرباً عن مشاركته ذوي الضحايا أحزانهم وآلامهم، وموجّهاً بالمتابعة الفورية للوقوف على أسباب اندلاع حريق المنقف ومحاسبة المسؤولين عن حدوثه حتى لا يتكرر مستقبلاً.
في المقابل، أعلن رئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي عن حزنه لوقوع ضحايا ضمن الحادث، معلناً تضامنه مع ذوي الضحايا والمصابين، ومؤكداً تنسيق السفارة الهندية في الكويت مع السلطات الكويتية لمساعدة المتضررين.