"يد واحدة لا تصفق لكنها تكتب"، بهذه الحكمة آمنت الشابة المغربية سعيدة زهير، التي بدأت رحلة الألف ميل بعزيمة صلبة تحدّت الإعاقة رغم كل المحن والصعوبات داخل المجتمع، متسلحة بالإرادة القوية التي تشكل الخطوة الأولى على طريق النجاح.
وُلدت سعيدة زهير (34 سنة)، بيد واحدة وأخرى غير مكتملة، ولم يكن لها من اسمها نصيب من السعادة، إذ اعتبرها بعض الأقارب "عقاباً مُسلطاً على أسرتها"، بل وجرى منعها من الدراسة في البداية، بحجة أنها تحتاج لرعاية خاصة.
بلغة عربية فصيحة تتذكر المغربية سعيدة زهير كل تفاصيل معاناتها، إذ تعرضت للتنمر من قبل مجتمعها، وتجاهلها العديد من المسؤولين خلال بحثها عن تدريب وعن عمل، لكنها تؤكد لـ"العربي الجديد"، أنها تعتبر إعاقتها "هبة ربانية"، معربة عن رضاها "بقضاء الله وقدره"، وتشير إلى أنها رغم كل العقبات فقد تمكنت من التعلم في كل المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية.
تقول "كنت تلميذة مجدّة ومقرّبة من أساتذتي وكان النجاح حليفي، وتخرجت من جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء في شعبة الدراسات الإسلامية سنة 2012، ولم أواجه خلال هذه المرحلة صعوبات كثيرة، لأن الجامعة تضم طلبة في وضعيات إعاقة مختلفة".
وبحسب الشابة، فإن أصعب مرحلة في حياتها قضتها خلال رحلة بحثها عن عمل، إذ كانت كل طلباتها تقابل بالرفض، بل وتجاهل أصحاب مدارس كثيرة، لأنها في نظرهم غير قادرة على أن تكون معلمة مكتملة.
بعد عناء البحث وقوة الإرادة التي كانت سلاح سعيدة، تمكنت أخيراً من الحصول على عمل في مدرسة خاصة، وفي كل مرة كانت تقف أمام تلاميذها الصغار تشعر وكأنها تعانق العالم، وتنسى صعوبات حملها للكتب أو كتابتها على السبورة أو حتى ارتداء وزرتها.
ومنذ ثماني سنوات تدرّس سعيدة الأطفال الصغار اللغة العربية، وتعلمهم حروفها وقواعدها اللغوية، وتؤمن بقوة بأن هذا درس عميق في الحياة بأن الأحلام مشروعة وقابلة للتحقق مهما واجهتها من صعوبات جمة.
وتأمل سعيدة بمناسبة اليوم العالمي للمرأة الذي يوافق الـ8 من مارس/آذار، بأن ينتهي الوصم والتهميش الذي يلاحق ذوي الاحتياجات الخاصة، وكذا أن يتم الالتفات إلى النساء في وضعيات إعاقة بتسهيل اندماجهن في المجتمع، وفتح المجال أمامهن في سوق الشغل، "فالإعاقة الحقيقة لا تكون بفقدان عضو من أعضاء الجسد، بل بأن يصبح الفرد عالة على المجتمع، أو أن تتم ملاحقته بإعاقة لا ذنب له فيها"، كما تقول.