تكثر حوادث السير في اليمن. ومنذ بداية العام الجاري وحتى اليوم، شهدت البلاد العديد من حوادث السير في مختلف المحافظات. وأدت ثلاث حوادث شهدتها محافظتا صنعاء وإب والطريق الواصل بينهما إلى مقتل 28 شخصاً. ومن بين الأسباب قيادة سيارات متهالكة والسرعة وعدم صيانة الطرقات منذ بدء الحرب قبل نحو 6 سنوات، إلا أن الحادث المروع الذي شهده ميدان السبعين في العاصمة صنعاء، وأسفر عن وفاة 9 أشخاص، من بينهم 3 نساء، أواخر فبراير/ شباط الماضي، كان سببه الدراجات النارية.
وبسبب عدم التزام سائقي هذه الدراجات بقوانين السير، تحولت هذه الدراجات إلى سبب رئيسي للحوادث المرورية. أحياناً، يصطدم سائقو السيارات بها، إذ يصعب تفاديها في حال السرعة الزائدة، أو تكون النتيجة انقلاب السيارة. وفي حادث ميدان السبعين، لقي السائق مصرعه بالإضافة إلى آخرين، ما أثار غضب الكثير من المواطنين الذين يطالبون بمنع قيادة الدراجات النارية في البلاد.
وأطلق ناشطون يمنيون حملة للمطالبة بمنع مرور الدراجات في شوارع المدن أو الميادين الرئيسية والطرقات السريعة، وإن كان الأمر صعباً، نتيجة كثرتها واعتماد آلاف السائقين عليها كمصدر للرزق. من جهة أخرى، تعدّ الدوريات العسكرية التابعة لمختلف الفصائل المسلحة في البلاد سبباً في الحوادث المرورية. وتشير وسائل إعلامية إلى أن هذه الدوريات مسؤولة عن حوادث دهس وصدامات من جراء السرعة والقيادة عكس السير.
وخلال العام الماضي، لقي نحو 2000 شخص مصرعهم على الطرقات وفي مختلف المدن. ولا تشمل الأرقام جميع ضحايا الطرقات في المناطق والأرياف البعيدة. ويقول مصدر في إدارة المرور في محافظة تعز إن عشرات حوادث السير تحصل على الطرقات الجبلية المستحدثة خلال الحرب لفك حصار جماعة أنصار الله (الحوثيين). وتؤدي وعورة الطرقات إلى انقلاب السيارات.
وأحصت السلطات التابعة للحوثيين وفاة 1418 شخصاً في المناطق الخاضعة لسيطرتها، ويعد الرقم كبيراً ويوازي عدد الذين سقطوا من جراء النزاعات. أما في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً، فقد بلغ عدد الضحايا أكثر من 600 شخص.
وشهد العام الماضي إصابة أكثر من 9400 شخص في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، إصابة 5437 منهم جسيمة، بحسب إحصائيات وزارة الداخلية في صنعاء، فيما وصلت الخسائر المادية إلى نحو 5 ملايين دولار. ولم تعمد السلطات إلى إصلاح الطرقات التي تعد أحد الأسباب الرئيسية لسقوط ضحايا، وخصوصاً أنها تحصر السبب بالسرعة الزائدة.
ويشهد ميدان السبعين في صنعاء (الخاضعة لسيطرة الحوثيين) العديد من الحوادث المرورية، بالإضافة إلى الطرقات التي تربط بين صنعاء ومحافظات ذمار وإب وتعز. أما في المناطق الخاضعة للحكومة الشرعية، فيعدّ الخط البحري في محافظة عدن والخط الساحلي الرابط بين باب المندب وعدن مسرحاً أساسياً لحوادث السير، بالإضافة إلى الطريق الدولي في منطقة العبر، والرابط بين محافظتي حضرموت ومأرب.
ويقول وليد الشرعبي، وهو ضابط في شرطة السير في تعز، لـ "العربي الجديد"، إن السرعة الزائدة تعدّ سبباً رئيسياً لنحو 90 في المائة من الحوادث المرورية، بالإضافة إلى وعورة الطرقات وكثرة الحفر فيها. وحين يحاول السائقون تفاديها، تكون النتيجة وقوع حوادث سير أحياناً.
وفي عدن، يقول أهالي مديرية خور مكسر إن غالبية الحوادث التي يشهدها طريق العلم أو الخط البحري الرابط بين مديريتي خور مكسر والمنصورة تتسبب فيها الحفريات بدرجة أساسية، بالإضافة إلى القيادة المتهورة. وأدّى الترهل الذي ضرب مؤسسات الدولة في اليمن منذ 6 سنوات على وجه التحديد إلى ارتفاع نسبة الحوادث المرورية، في ظل غياب الإرشادات أو أجهزة الرادار. كذلك، لا تنفذ القوانين التي تعاقب قيادة الأطفال للسيارات وتردع المتهورين. وتنص المادة 60 من قانون المرور اليمني على أنه يُعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن عامين أو غرامة لا تقل عن 4000 ريال يمني (نحو 5 دولارات)، أو بالعقوبتين معاً، كل من تسبب في إلحاق إصابة بشخص آخر بقيادته مركبة آلية على الطريق بصورة طائشة أو برعونة وعدم احتياط أو بإهمال وعدم انتباه وبسرعة أو بطريقة فيها خطر على الجمهور أو بتركه أية مركبة على الطريق في وضع يعرض حياة الجمهور للخطر مع مراعاة ظروف وحالة وطبيعة واستعمال الطريق ومقدار حركة المرور فيها.
وأجاز القانون للقضاء اليمني إلغاء أو سحب رخصة القيادة من المسؤول عن الحادث، أو إيقافها مدة 12 شهراً أو أكثر، لكن ذلك لا يجد طريقه إلى التنفيذ على أرض الواقع. ويعزو محمد الخليدي، وهو مهندس ميكانيكي في تعز، عشرات الحوادث إلى استخدام السيارات المستعملة والقديمة التي تأتي من أميركا ودول الخليج، لافتاً إلى أن العمر الافتراضي لبعض المركبات قد انتهى، أو تعاني من خلل فادح. ويقول الخليدي لـ"العربي الجديد" إن غياب دور رقابي من الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة ومصلحة الجمارك ساهم في إغراق السوق بالسيارات التي لم تعد صالحة للاستخدام. إلا أنها تصل إلى اليمن ويتم شراؤها رغم أعطالها وافتقارها إلى مواصفات السلامة.