خبراء يحذرون من خطر الضغوط المعيشية على المصريين

12 يوليو 2024
أوضاع المصريين المعيشية متدهورة (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- وفاة لاعب كرة القدم أحمد رفعت بسبب أزمة قلبية أثارت نقاشات حول الضغوط النفسية على الرياضيين، واستقالة رئيس ناديه زادت من حدة النقاش.
- يعاني ملايين المصريين من الفقر وارتفاع الأسعار وتراجع التعليم والرعاية الصحية، مع 25 مليون مريض نفسي، 43% منهم يعانون من الاكتئاب، لكن 4% فقط يتلقون العلاج.
- يشدد الخبراء على تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية لعلاج الاضطرابات النفسية، مع التركيز على دعم الشباب وتحفيزهم لتجنب فقدان الانتماء.

سيطرت وفاة لاعب كرة القدم المصري أحمد رفعت المفاجئة، مساء الجمعة الماضي، على أحاديث الشارع المصري، وفرضت نفسها على النقاشات في مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً مع بدء تحقيقات موسعة نتج منها استقالة رئيس النادي الرياضي الذي كان يلعب له رفعت.
وتعرّض اللاعب الشاب لأزمة قلبية في 11 مارس/ آذار الماضي، في أثناء مباراة لفريقه مودرن سبورت (فيوتشر)، كانت حسب مقربين منه نتيجة تعرضه لضغوط نفسية كبيرة، وكان من بينها أزمة تصريح السفر التي ترتبت عن اتهامه بالتهرب من التجنيد أمام القضاء العسكري، وخلافاته مع مسؤولين كبار في ناديه وفي الاتحاد المصري لكرة القدم، ما جعل كثيرين يرجحون أنها كانت سبباً في وفاته.
ويعاني ملايين المصريين من تفشي الفقر وارتفاع الأسعار، وتراجع مستويات التعليم والرعاية الصحية، ومن أزمات سياسية تؤدي إلى قمع الحريات، وملاحقات أمنية لكل محاولة للتعبير عن الرأي أو المطالبة بالحقوق.
وكتب عميد معهد القلب السابق، جمال شعبان، على حسابه في موقع فيسبوك، معلقاً على واقعة وفاة اللاعب رفعت: "الحزن حطم قلبه"، في حين تساءل متفاعلون عبر مواقع التواصل عن عدد الأشخاص الذين يتعرضون لضغوط مماثلة، والذين يخسرون أعمالهم أو صحتهم، وربما حياتهم، بينما لا يشعر بهم أحد، لكونهم ليسوا من المشاهير.
وحسب الأرقام الصادرة عن وزارة الصحة، يبلغ عدد المرضى النفسيين في مصر 25 مليوناً، وتتفاوت أنواع الخلل النفسي الذي يعانون منه، ومن بينهم 43% يعانون من اضطرابات متعلقة بالاكتئاب، لكن 4% فقط منهم يعترفون بالمرض، ويتلقون العلاج.

تفشي البطالة يتزامن مع ارتفاع الأسعار في مصر (فاضل داود/Getty)
تفشي البطالة يتزامن مع ارتفاع الأسعار في مصر (فاضل داود/Getty)

ويؤكد استشاري الصحة النفسية، وليد هندي، لـ"العربي الجديد"، أن "اللاعب الراحل أحمد رفعت الذي كانت لديه مسيرة مهنية جيدة، ومدير أعمال يتولى أغلب تفاصيل حياته العملية، التي تمثل ضغوطاً نفسية هائلة، تعرض لما يطلق عليه في علم النفس (متلازمة القلب المنكسر)، فما بالك بأغلب المصريين الذين يعانون من ضغوط الفقر وارتفاع الأسعار وقلة الرعاية الصحية وعدم انفتاح المناخ العام. لا أستبعد أن العديد من حالات الوفاة المسجلة في مصر، والتي لا يجري التحقق منها أو التحقيق فيها، ترجع إلى أسباب نفسية في الأساس". يضيف هندي: "من مخاطر الضغوط النفسية في مصر أنها لا تتولاها مؤسسات نفسية واجتماعية تقوم بالدراسة والتحذير وتوجيه النصح، وأنصح كل فرد بأن يحيط نفسه بمجتمع صحي وداعم، وأن يفتح دورياً نقاشات صحية تؤدي دور العلاج النفسي غير المباشر، وبالابتعاد قدر المستطاع عن الضغوط، وممارسة الرياضة ولو في أضيق الحدود، والاهتمام بالوازع الديني، لكونه حائط صدّ مهماً في مواجهة الأزمات".

يعاني ملايين المصريين من تبعات أزمات سياسية واقتصادية ومعيشية

وتشير أستاذة علم النفس السياسي، سوسن الفايد، إلى رابط بين تفشي الفقر وانتشار أمراض الصحة النفسية، وترى أن "من يحتاجون إلى المال يكونون أكثر عرضة للاضطرابات النفسية، والاكتئاب والقلق كمثال، يصاب بهما الأغنياء والفقراء على حد سواء، لكن أحدث الأبحاث أظهرت أن الفقراء أكثر عرضة للإصابة بهما، وعالمياً، ينتحر الأغنياء ويموت الفقراء ببطء وفي صمت". وتوضح الفايد لـ"العربي الجديد"، أن "علاج الاضطرابات النفسية لا يمكن أن يقتصر على تقديم الأدوية، وإنما يلزم تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي فإن الحكومات مطالبة بتحسين الأوضاع إن أرادت أن تحدث تغييراً إيجابياً في المجتمع".

قضايا وناس
التحديثات الحية

ويلفت رئيس قسم علم النفس بجامعة الأزهر، هاشم بحري، إلى مخاطر كتمان الحزن أو الشعور بالقهر وغيره من المشاعر السلبية على وظائف الجسم، ويؤكد لـ"العربي الجديد"، أن "هناك العديد من العوامل التي تحدث تأثيراً في الجسم، وقد تؤدي إلى الوفاة، ومن بينها التوتر والحزن والتي يمكن أن تسبب أضراراً شديدة على المستوى الجسدي والنفسي والعقلي، فضلاً عن الإصابة بأمراض القلب مثلما حدث مع اللاعب الراحل أحمد رفعت". يضيف بحري: "هناك العديد من الآثار والأضرار التي تؤثر سلباً في الشخص عند تعرضه للحزن أو القلق نتيجة ضغوط الحياة اليومية، أو مشاكل العمل، ويؤدي كتمانها إلى مشاكل نفسية وعضوية، مثل ارتفاع ضغط الدم بسبب زيادة إفراز هرمون النوربينفرين، وقد يصاب الشخص الحزين بنوبة قلبية مفاجئة".
ويشدد أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة القاهرة، أحمد مجدي حجازي، على دور الدولة في تحفيز الشباب على الإنتاج حتى لا يتحولوا إلى "مشاريع أموات"، ويطالب المجتمع بتقديم الدعم المعنوي لأفراده، في ظل الظروف الاقتصادية المتدهورة، وتفشي البطالة، وارتفاع سنّ الزواج، وغيرها من الإحباطات التي تحيط بالمصريين، محذراً من "خروج أجيال فاقدة للانتماء بسبب انعدام العدالة في توزيع الفرص".