دراجات وسط القاهرة... "كايرو بايك" مشروع مات قبل ولادته

13 سبتمبر 2022
دراجات مشروع "كايرو بايك" بوسط القاهرة (العربي الجديد)
+ الخط -

"مات وسط زحام وسط القاهرة قبل أن يولد"، هكذا يصف الراغبون في تجربة مشروع تأجير الدراجات "كايرو بايك" ما جرى له، بعد أن تعطل تنفيذه للشهر الثاني على التوالي.

يتوجه المتحمسون إلى مواقف الدراجات التي أنشأتها محافظة القاهرة في أربعة أماكن رئيسية بمنطقة "وسط البلد"، بدعم مالي وفني من عدة جهات دولية من بينها برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، ومؤسسة دروسوس السويسرية، ومعهد سياسة النقل والتنمية ITDP، فاكتشفوا أن المشروع متوقف رغم الإعلان عنه في 20 يوليو/تموز الماضي. 
اختفت فجأة الدراجات التي تم وضعها على جوانب ميادين عبد المنعم رياض وباب اللوق ومحمد نجيب وميدان التحرير، وغاب عنها العاملون الذين عينتهم المحافظة لإدارة المشروع.
عقب فشل الإطلاق الأول للمشروع في أغسطس/آب الماضي، ليتزامن مع احتفالات "عيد وفاء النيل"، حدد محافظ القاهرة، خالد عبد العال، موعد الإطلاق الثاني، والذي كان مقرراً يوم السبت الماضي، وتوافد الراغبون في ركوب الدراجات إلى المحطات الأربعة الرئيسية، لكن المشروع لم يظهر للنور.
اختفى المشروع تماماً بعد حملات إعلامية موسعة بدأت في منتصف يوليو الماضي، عندما اعتبره محافظ القاهرة "مشروعاً فريداً من نوعه، ومتواكباً مع استعدادات مصر لاستضافة قمة المناخ "كوب 27"، للحد من استخدام السيارات، وتخفيف الزحام بوسط العاصمة. 
قوبلت الفكرة بحماس كبير، خاصة من الشباب، خصوصاً أن تكلفة تأجير الساعة الواحدة حددت بمبلغ جنيه واحد، ولليوم الكامل 8 جنيهات، مع تخفيض 30 في المائة لطلاب المدارس والجامعات، وتعهدت محافظة القاهرة بنشر 500 دراجة في المرحلة الأولى، تعمل بين 5 محطات رئيسية، و45 محطة فرعية، لربط مناطق الزمالك، وغاردن سيتي، ووسط القاهرة بمحطات المترو وخطوط النقل العام، وأفرط المحافظ في التفاؤل، متوقعاً أن تتحول قيادة الدراجات إلى وسيلة جماهيرية تصل بين جامعة القاهرة غربي العاصمة، بجامعة عين شمس شرقاً، على امتداد جغرافي يزيد عن 40 كيلو متر. 
كان غريبا أن يرفع المحافظ من سقف طموحه بينما المدينة الكبيرة المزدحمة تخلو من المسارات المخصصة للدراجات، ويكاد ينعدم فيها احترام إشارات المرور.

ينتظر الدراجون انطلاق المشروع (العربي الجديد)
ينتظر الدراجون انطلاق المشروع (العربي الجديد)

في جولة لـ"العربي الجديد"، بين مواقف الدراجات، بحثنا عن المسؤولين عن التشغيل من دون جدوى. يقول أمين شرطة يقف بالقرب من موقف دراجات باب اللوق، لـ "العربي الجديد": "اعتدنا على وجود موظف بجوار الدراجات، ليشرح للمارة نظام الاشتراك، ويعلمهم بمواعيد العمل". 
نصحنا أمين الشرطة بالدخول على موقع الشركة المشغلة على شبكة الإنترنت، حيث يمكن دفع قيمة التأجير مباشرة. حاولنا مرات عدة الولوج إلى الموقع من دون جدوى، وشاهدنا كثيرين يحاولون مثلنا، أغلبهم من الشباب الذين لم يخِفهم الزحام المروري، وعودة الحفر إلى وسط العاصمة لإنشاء شبكات صرف مياه الأمطار، بعد إنفاق الكثير على الرصف والتطوير. 
جاء شاب من أقصى ميدان التحرير نحونا، قائلا: "لا تتعبوا أنفسكم، فالمشروع معطل، وأعتقد أنه لن يبدأ لأن المحافظ ألغى العقد مع الشركة المكلفة بإدارته وصيانته، بعد أن اتهمها بالمبالغة في تحديد قيمة الصيانة". 
أخبرنا الشاب أنه مكلف بمراقبة موقف الدراجات لمنع سرقتها، وأنه يفضل الوقوف بعيداً لكثرة السائلين، وعدم قدرته على الرد على استفساراتهم في ظل غياب رؤية حول مستقبل المشروع، مؤكداً أن بعض الدراجات تعرضت للسرقة رغم وجودها في قلب ميدان التحرير المراقب أمنيا بالكاميرات على مدار الساعة. 

سألناه كيف وقعت السرقة بينما الدراجات مرتبطة بنظام إلكتروني لتحديد المواقع GPS، عبر شريحة إلكترونية، فقال إن "نظام التتبع الإلكتروني لم يبدأ العمل به بعد، والتطبيق الخاص بالتشغيل لم يسلم حتى الآن إلى المحافظة، أو البنوك التي ستحصل قيمة الايجار". 
يتحسر الشاب على مصير المشروع الذي منحه فرصة عمل مؤقتة، وكان يمثل فرصة جيدة لتشغيل مئات من أقرانه العاطلين عن العمل بصفة دائمة، وأوضح أنه يعتقد أن المشروع سيختفي تماماً عقب انتهاء قمة المناخ التي كان عقدها وراء تمويله، أو أنه سيتم نقله بالكامل إلى مدينة شرم الشيخ حيث ستعقد قمة المناخ في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.  
وأظهرت الجولة التي قمنا بها، أن الدراجة التي تبلغ تكلفتها نحو 4000 جنيه، وتعمل بنظام التتبع، وتشحن بالطاقة الشمسية، لم تتح للراغبين في الركوب حتى الآن، وأن الدراجات المربوطة بسلاسل حديدية، لا يتجاوز عددها 50 دراجة، بينما المدينة شديدة الزحام، وغير قادرة على استقبال أي وسيلة انتقال صديقة للبيئة.

المساهمون