دعم الصحة بالفيتامينات قد لا يكفي

26 يونيو 2022
يؤيد أميركيون كثيرون فكرة تناول الفيتامينات (روبرت نيلكلسبرغ/ Getty)
+ الخط -

صحيح أن جائحة كورونا فرضت على الناس تغييرات صحية وأنماط وقاية مختلفة، مثل تناول الفيتامين "سي"، أو زنك للوقاية من الإصابة، لكن العديد من الأشخاص خاصة في الولايات المتحدة يتناولون فيتامينات كثيرة حتى قبل بدء موجة فيروس كورونا، كجزء من نمط حياتهم الصحي، بحسب ما تنقله صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.
وفيما يطرح الاهتمام المفرط بتناول الفيتامينات علامات استفهام كثيرة حول فعّالية هذه المكملات الغذائية، وتتباين المواقف بين المؤيدين والمعارضين، ترى أستاذة الطب في جامعة هارفارد ورئيسة قسم الطب الوقائي في مستشفى بريغهام، جوان مانسون، أن تناول الفيتامينات له تأثيرات صحية مفيدة، وتقول: "ينظر الناس إلى الفيتامينات على أنها شكل من أشكال التأمين ضد الأمراض، لكن ذلك لا يعني حمايتهم بالكامل، وأن التشجيع على تناول الفيتامينات المتعددة والمكملات ليس بديلاً من نظام غذائي صحي ومرن".

ويوافق الأستاذ المشارك في التغذية والطب الوقائي في كلية الطب في "مايو كلينك"، دونالد هنسرود، على ما تقدمت به مانسون، ويقول: "أنصح دائماً بالتركيز على نظام غذائي متوازن لدعم الصحة الجسدية".
في المقابل، يرى خبراء أن الأمر أكثر تعقيداً لأن الناس يحتاجون غالباً إلى مزيد من الفيتامينات في مراحل معينة من حياتهم، أو يعانون من ظروف صحية تصعّب حصولهم على الفيتامينات من الطعام، لذا يحتاجون إلى مكملات إضافة إلى فيتامينات متعددة.
وتعتبر مديرة التغذية في مركز العلوم بالمصلحة العامة "سي إس بي إي" بوني ليبمان أنه "يصعب جداً الحصول على بعض العناصر الغذائية من الطعام، مثل فيتامين دي، كما أن أشخاصاً في سن متقدمة لا ينتجون ما يكفي من حمض المعدة لاستخراج فيتامين بي 12 الطبيعي من الحليب أو اللحوم أو البيض، علماً أن نقص كمياته في الجسم قد يتسبب في تلف عصبي لا رجوع فيه، ويمكن أن يحاكي مرض الخرف، لذا لا بدّ من تناول المكملات الغذائية".
ويتحدث الخبراء عن أن نحو 15 في المئة من الأشخاص فوق سن الـ 65 يعانون من نقص مبكر في فيتامين بي 12، لذا يساعد تناول مرضى هذه الفئة العمرية بين 500 و1000 ميكروغرام يومياً من هذا الفيتامين في الوقاية من أمراض عدة.

المكملات الغذائية ضرورية في مراحل عمرية معينة (باري شين/ Getty)
المكملات الغذائية ضرورية في مراحل عمرية معينة (باري شين/ Getty)

ورغم تباين المواقف واختلافها، يطالب حتى مؤيدي فكرة تناول الفيتامينات، بدمج الغذاء الصحي مع المكملات الغذائية. وعلى سبيل المثال، يفضل دائماً تناول الكالسيوم والبوتاسيوم من الأطعمة بدلاً من الأقراص المصنعة، إذ يساعد البوتاسيوم خاصة على خفض كبار السن تحديداً معدلات ضغط الدم. 
وتؤكد أخصائية الأغذية سالي السيد أن تناول المكملات الغذائية قد يكون ضرورياً في مراحل عمرية معينة، لكن ذلك لا ينفي أن تناول الأغذية الصحية قد يكون أفضل بالنسبة إلى بعض الأشخاص. وتقول لـ"العربي الجديد": تتنوع مصادر الفيتامينات في الأطعمة الصحية، سواء في الخضار أو الفاكهة. ويمكن الحصول على البوتاسيوم من خلال تناول الموز، والكالسيوم من خلال الحليب والألبان والأجبان إضافة إلى البيض. كذلك يمكن الحصول على أوميغا 3 من خلال تناول السمك، فيما يدعم الليمون والحمضيات إضافة إلى أنواع مختلفة من الخضار أبرزها الفليفلة الخضراء الجسم بالفيتامين سي".
وتشدد على أن "الفيتامينات ليست، رغم أهميتها، بديلاً من الطعام المتوازن والصحي، ويمكن اتباع العديد من الأنظمة المتوازنة بحسب احتياجات كل فرد للتنعم بصحة جيدة".

 
فوائد متعددة؟
ووفق العلماء تزداد الأدلة على إمكان نقل الفيتامينات المتعددة فوائد صحية إضافية، بينها تأخير التدهور المعرفي بين كبار السن. ووجدت دراسة حديثة أجريت على أكثر من 2200 مشارك من 65 عاماً، أن من يتناولون فيتامينات يومية أظهروا تحسناً إدراكياً في القدرات التي تميل إلى الانخفاض مع الشيخوخة الطبيعية، وبينها الذاكرة والوظائف التنفيذية مثل صنع القرار عند مقارنتها بمن تلقوا علاجاً وهمياً.
وأظهرت نتائج غير منشورة عُرضت على هامش اجتماع علمي عقد الخريف الماضي، أن من يتناولون فيتامينات أظهروا 1.2 سنة فقط من التدهور العقلي، بدلاً من ثلاث سنوات. بعبارة أخرى، حافظ هؤلاء الأشخاص على 1.8 سنة، أي نسبة 60 في المائة، من حدة ذهنهم. 
وكانت دراسة كبرى بعنوان "كوزموس" أطلقت عام 2014 في شأن تأثير تناول الفيتامينات على الصحة الجسدية، وجاءت استكمالاً لتجربة سابقة استمرت بين عامي 1997 و2011 عرفت باسم "بي أش إس 8" وأظهرت نسبة انخفاض في إجمالي السرطانات بين أولئك الذين يبلغون 50 من العمر وما فوق، وبين أولئك الذين تناولوا الفيتامينات المتعددة يومياً. لكن دراسة "كوزموس" لم تظهر أي تغيير في مستوى الإصابة بالسرطانات، ما دفع بعض الخبراء إلى التشكيك في قدرة الفيتامينات على مواجهة الأمراض. ورغم ذلك، أشار الخبراء إلى أن عدم تعزيز فكرة الوقاية من السرطانات ليس نتيجة حتمية، لأن الدراسة لم تمتد سنوات.


 

المساهمون