يصادف، اليوم الجمعة، الثالث من ديسمبر/ كانون الأول، اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة، وهم فئة تكاد تكون منسية في مخيمات الشمال السوري، كون دعم هذه الفئة بات محدوداً من النواحي كافة، وحياة المخيمات الصعبة تزيد المشقات عليهم، فلا طرق مجهّزة ولا مناهج تعليمية خاصة، ولا حتى أساسيات الحياة تناسب هذه الفئة.
يركّز مدير مخيم "التح" بريف إدلب الشمالي، عبد السلام يوسف، في حديثه لـ"العربي الجديد" على الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة في المخيمات بالدرجة الأولى، ويقول: "كلّ مخيم فيه أطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، من جرّاء الحرب الدائرة وما نتج عنها من إعاقات جسدية أو حركية. للأسف الشديد لا يوجد من ينتبه لهذا الأمر ويرعى هؤلاء الأطفال". ويتابع: "برأيي يجب أن يُحصى عدد الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة بشكل دقيق في كل مخيم، ويتم تأمين كلّ ما يحتاجونه من أدوية وأدوات، ومكان آمن يقيمون فيها".
وتسبّبت الحرب بتحويل الكثير من الأشخاص الأصحاء إلى أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة، وتشير الإحصائيات الأممية لوجود عدد صادم من ذوي الاحتياجات الخاصة في سورية. ويُذكر أنّ منظمة الصحة العالمية كانت قد أصدرت تقريراً في السابق ذكرت فيه أن مليوناً ونصف مليون سوري أصيبوا بإعاقات دائمة خلال الحرب، منهم 86 ألفاً تعرّضوا لحالات بتر لأحد الأطراف، ما يعكس حجم الكارثة الإنسانية، في ظلّ غياب تام لبنى تحتية أو مدارس أو مراكز تأهيل لهؤلاء الأشخاص.
بدوره يؤكّد محمد حلاج، مدير فريق "منسقو استجابة سورية" لـ"العربي الجديد"، أنّ فئة ذوي الاحتياجات الخاصة لم تحصل على الرعاية الصحية الخاصة بها، كما أنها لم تحصل على نصيبها من التوعية وسط أزمة كورونا، حتّى أنّ هؤلاء الأشخاص لم تخصّص لهم حملة خاصة بهم.
وتبذل بعض المنظمات جهوداً، محدودة، لدعم ذوي الاحتياجات الخاصة في مناطق شمال غرب سورية، منها منظمة "سند" لذوي الاحتياجات الخاصة، التي ترعى
في الوقت الحالي المئات منهم فقط، وتقدّم جلسات توعية للأمهّات اللواتي لديهن أطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، كما أنها تدعم ذوي الاحتياجات الخاصة ممّن تجاوزوا الثامنة عشرة من العمر.
تحبّ الطفلة نورا الدراسة كما توضح، وتتمنى أن تكون طبيبة عندما تكبر. هي تخاف كثيراً من الطائرات لأنّ شظايا من قصف جوي أصابتها وهي ما زالت جنيناً، وحرمتها من المشي على قدميها. الكرسي صديقها في كل وقت، لكنها ترجو أن تسير من دونه، وهي تدعو، وفق ما نقلت صفحة الدفاع المدني السوري على فيسبوك، الله أن لا تبقى أي طائرة في العالم تقصف. ويُقَدَّر عدد الأشخاص من ذوي الإعاقة في مخيمات إدلب بـ 49 ألفاً و861 شخصاً، يعيشون في بيئات غير صحية مع أخطار تلوّث عالية المستوى بسبب حفر الصرف الصحي المكشوفة.
يُضاف إلى ذلك الحرمان من مصادر الدخل الأساسية والاعتماد على المساعدات الإنسانية فقط، مع غياب الرعاية الصحية والأسس الوقائية اللازمة من فيروس كورونا، إلى جانب النقص الدائم في الغذاء والمياه وغياب أبسط الخدمات اليومية. يُذكر أنّ ثمّة منظمات تُقدّر عدد ذوي الاحتياجات الخاصة في محافظة إدلب وحدها بنحو 200 ألف شخص.