دعت ثلاث منظمات حقوقية مصرية، وهي "لجنة العدالة" و"منا لحقوق الإنسان" و"هيومن رايتس فويندشن"، لخفض تصنيف المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر، إلى الحالة "ب"، بدلًا من الحالة "أ" أثناء إجراء إعادة الاعتماد لعام 2023، وذلك لفشله في أداء دوره الحقوقي.
وأكدت المنظمات الثلاث، في تقرير الحالة الذي تقدمت به إلى اللجنة الفرعية للاعتماد (SCA)، التابعة للتحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان (GANHRI)، أنه "على مدى السنوات العشرين الماضية، تلقى المجلس القومي لحقوق الإنسان المصري مرارًا وتكرارًا نفس التوصيات؛ ومع ذلك، فإن الدعوة أو التغيير المتعلق بهذه التوصيات لا يزال غائبًا. ونتيجة لذلك، فإن استقلال المجلس القومي لحقوق الإنسان غير مضمون. كما أن عملية الاختيار والتعيين تعد قضية خطيرة في ما يتعلق باستقلال تفويض المجلس، حيث إن جميع السلطات تنتمي إلى السلطة التشريعية، والتي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالسلطة التنفيذية، مع التذكير بأن رئيس ونائب رئيس المجلس مسؤولان مصريان سابقان".
فشل المجلس القومي لحقوق الإنسان المصري في الرد والتصرف بشأن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان
من ناحية أخرى، أكدت المنظمات في تقرير توصياتها أنه "لا يضمن القانون المخول للمجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر كفاءة كافية في العديد من النواحي: عدم وجود زيارات احتجاز مفاجئة ومستقلة؛ ما يمنع المجلس من أداء مهامه بكفاءة، وينطبق الشيء نفسه على عدم وجود حكم ينص على أن المجلس القومي لحقوق الإنسان مفوض بتشجيع التصديق أو الانضمام إلى الصكوك الدولية لحقوق الإنسان، أي أن المجلس لا يتصرف بشكل مستقل وكفء بما يكفي لمنحه الحالة "أ"".
واستنادًا إلى تقريره السنوي لعام 2019/2020، أكدت المنظمات الثلاث "فشل المجلس القومي لحقوق الإنسان المصري في الرد والتصرف بشأن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تحدث في البلاد، وبالتالي فشل بالكامل في تنفيذ توصيات اللجنة الفرعية للاعتماد التي تمت صياغتها في عام 2018.
وقالت لجنة العدالة، في بيان لها اليوم الأربعاء، إن المجلس القومي لحقوق الإنسان المصري سيقدم تقريره الرسمي للجنة الفرعية للاعتماد التابعة للتحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان؛ من أجل إعادة اعتماده، وذلك قبل الدورة الثانية للجنة لعام 2023، والتي ستعقد في نهاية سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول القادمين، والذي تسعى من خلاله اللجنة إلى المساعدة في تقييم امتثال المجلس القومي لحقوق الإنسان لمبادئ باريس من الناحيتين القانونية والعملية.
السلطات المصرية لم تفوض المجلس القومي لحقوق الإنسان في التصديق على الصكوك الدولية الخاصة بحقوق الإنسان
وشاركت "لجنة العدالة" و"منا" لحقوق الإنسان، و"هيومن رايتس فويندشن"، في تقديم تقرير حالة لوضع المجلس القومي لحقوق الإنسان المصري في ظل المتغيرات الحقوقية والقانونية في مصر، في عهد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي شهدت فيه مصر حالة من القمع الحقوقي، وذلك لتوضيح الأمور أمام اللجنة الفرعية للاعتماد؛ لمساعدتها في اتخاذ قرارها بشكل صحيح.
وتطرق تقرير الحالة الذي قدمته المنظمات الثلاث إلى عدد من النقاط الهامة حول آلية عمل المجلس القومي لحقوق الإنسان المصري، والتي من أهمها طريقة اختيار أعضائه. كما بحث تقرير الحالة عدة نقاط أخرى، من أهمها عدم تفويض السلطات المصرية المجلس في التصديق على الصكوك الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، وهو ما أعربت اللجنة الفرعية للاعتماد عن قلقها منه رغم أن هذه وظيفة أساسية لأي مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان، مشجعة المجلس على دعوة السلطات المصرية لإجراء تعديلات على القانون التمكيني له؛ لتزويده بملحق يسمح للمجلس بالتصديق على مثل تلك الصكوك الدولية.
كذلك، ناقش تقرير الحالة نقطة تعاون المجلس القومي مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان، مُبديًا قلق المنظمات الثلاث من المادة 3 (8) من القانون رقم 197/2017، والتي تنص على تعاون المجلس وتنسيقه مع وزارة الخارجية، مع التشديد على أن "التنسيق مع وزارة الخارجية" قد يؤدي لاحتمال أن يلتزم المجلس بالسياسات المعينة لوزارة الخارجية باعتبارها جهة تابعة للسلطة التنفيذية.
أيضًا، أوضح تقرير الحالة أن من أدوار المجلس القومي لحقوق الإنسان المصري التعامل مع الشكاوى المقدمة من ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان.
وبحسب "لجنة العدالة"، فقد تم تقديم مئات الشكاوى إلى المجلس؛ بما في ذلك حالات الاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي، دون جدوى. فـ"لا يعتبر المجلس القومي لحقوق الإنسان وسيلة فعالة أو مستقلة لإنصاف ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، كما أن المجلس لم ينشر أي تقارير سنوية له منذ عام 2020، على الرغم من أن منشورات مثل هذه تعد جزءا أساسيا من تنفيذ مهامه بشكل فعال ومستقل".
وحول عدم تعرض المجلس للتعذيب والاختفاء القسري المنتشرين في مصر، أشار تقرير الحالة المقدم إلى أن المجلس القومي لحقوق الإنسان المصري "لم يقر بأن التعذيب كان ممارسة منتشرة من قبل السلطات المصرية، ولكنه كان يحاول بدلاً من ذلك تصوير هذه الحالات على أنها حوادث فردية ومعزولة. وتؤكد ذلك تعليقات المجلس في الاستعراض الدوري الشامل الأخير لمصر بمجلس حقوق الإنسان، والتي كشفت عدم حيادية المجلس تجاه السلطات المصرية، حيث دافع المجلس عن السلطات المصرية، وممارستها المنهجية للتعذيب، واستمرار إفلات المسؤولين الحكوميين من العقاب، وقوض في نفس الوقت التفويض الممنوح له بشكل كامل".
الحق في محاكمة عادلة
وفي ما يخص الحق في المحاكمة العادلة، لفت تقرير الحالة إلى أنه بدلاً من أن يدافع المجلس القومي لحقوق الإنسان عن الحق في المحاكمة العادلة، تفرغ لذكر جهود التحول الرقمي والجهود الحكومية لمراجعة قانون العقوبات، رغم ما وجه لذلك التحول الرقمي من انتقادات حقوقية لاعتدائه على حقوق المتهم في المثول أمام قاضيه.
أما حول عقوبة الإعدام، فقد انزعج المجلس من "وضع أحكام الإعدام في مصر في السياق الخطأ"؛ بعد الانتقادات الدولية التي وجهت لمصر بسبب موجات الإعدام الجماعية التي شهدتها أروقة المحاكم المصرية، كذلك قول المجلس "إن تأطير الإعدامات على أنها انتقام من المعارضين السياسيين كان غير دقيق"، وهي تصريحات تشير إلى أن المجلس يدافع عن السلطات المصرية وسياساتها، وهذا يشكك بشدة في استقلالية وفعالية المجلس.
وبشأن زيارات المجلس لأماكن الاحتجاز، أكد أعضاء المجلس أن معظم طلبات الزيارة التي يتقدمون بها للسلطات المصرية يتم رفضها، وأن الزيارات التي يقومون بها تكون بترتيب مسبق. ولهذا السبب، أوصت اللجنة الفرعية من قبل، بأن يدعو المجلس القومي لحقوق الإنسان إلى تفويض صريح بإجراء زيارة غير معلنة لجميع أماكن الاحتجاز، وهو ما لم يتم حتى الآن.