لم تبدُ مزحة مقدم حفل جوائز الأوسكار للعام الحالي جيمي كيميل المرتبطة بحقن دواء "أوزمبيك" إلا دليلاً على الضجة التي يثيرها استخدام الدواء في أنحاء العالم. وهو قال لجمهور الحفل: "يبدو الجميع رائعاً. عندما أنظر حولي في القاعة، لا يسعني سوى أن أتساءل إذا كانت حقن دواء أوزمبيك مناسبة لي".
في عام 2017 حصل دواء حقن "أوزمبيك" واسمه العلمي "سيماغلوتيد" الذي طورته الشركة "نوفو نورديسك" الدنماركية على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) لعلاج مرضى السكري من النوع الثاني من خلال ضبط معدّل السكر في الدم.
وتعمل مادة "سيماغلوتيد" على تحفيز مستقبلات الهرمون الببتيدي (الببتيد الشبيه بالغلوكاغون -GLP-1) في الجسم، وتعزيز أثر الهرمون الطبيعي "GLP-1" الذي يؤثر في نواحٍ عدة في الجسم من خلال تعزيز إفراز مادة الأنسولين في البنكرياس، وتقليل إفراز هرمون الغلوكاغون الذي يرفع مستوى السكر في الدم، ما يساعد بالتالي في السيطرة على نسبة السكر في الدم. ويتم أخذ العلاج بواسطة حقن في الدم مرة واحدة أسبوعياً.
وفي العام 2021، حصل دواء "سيماغلوتيد" على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية كعلاج للسمنة وخسارة الوزن باسم "wegovy" التجاري الذي يوفر جرعة أكبر من مادة "سيماغلوتيد" مقارنة بدواء "أوزمبيك".
تشرح الرئيسة السابقة للجمعية اللبنانية لأمراض الغدد الصم والسكري والدهنيات الدكتورة باولا عطالله لـ"العربي الجديد" آلية عمل الدواء لخسارة الوزن من خلال تأثيره على مناطق تتحكم بالجوع في الدماغ، وخفض الشهية والشعور بالجوع، وتحفيز إفراز هرمون الأنسولين، وإبطاء معدل إفراغ المعدة، ما يطيل شعور الامتلاء والشبع بعد الوجبات. لكنها تستدرك بأن تناول العلاج يؤدي إلى مضاعفات سلبية، منها الشعور بالغثيان والتقيؤ والإسهال والإمساك، ومشاكل في الغدد الدرقية والبنكرياس، وحصى في المرارة وغيرها. وهو لا يناسب بالتالي جميع الأشخاص، فلا يجب وصفه مثلاً لمن هم دون الثامنة عشرة من العمر، أو الأمهات الحوامل والمرضعات، أو المرضى الذين يعانون من داء السكري من النوع الأول، أو الذين يعانون مشاكل في البنكرياس أو الكلى وغيرهم.
وتلفت عطالله إلى أن هذه الأنواع من الأدوية ليست جديدة، إذ يجري تطويرها منذ أعوام، لكن انتشار المعلومات والفيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي، وتناول مشاهير دواء "أوزمبيك" كمنحف للجسم، وموافقة الأطباء على إعطاء الوصفات الطبية للأشخاص لاستخدام دواء "أوزمبيك" كمنحف وليس كعلاج لداء السكري أحدثت الضجة المثارة حول الدواء الذي انقطع في الأسواق نتيجة الطلب المتزايد عليه.
وذكرت الوكالة الوطنية الفرنسية لسلامة الأدوية والمستلزمات أن 2185 شخصاً غير مصابين بالسكري تناولوا دواء "أوزمبيك" في عامي 2021 و2022. وأوصت بضرورة وصف العلاج لمرضى السكري من النوع الثاني والذين لديهم سجل صحي بأمراض القلب. أما السلطات الصحية الأسترالية فطالبت بوصف بدائل لدواء "أوزمبيك" لمرضى السمنة في الأشهر المقبلة، في ظل نقص كمياته في الأسواق.
ويشير محرر منشورات الصحة في جامعة "هارفارد" الأميركية الدكتور روبرت شمرلينغ إلى أن انتشار الفيديوهات من قبل مؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي، وموافقة الأطباء والمتخصصين في المجال الصحي على وصف الدواء للأشخاص الذين لا يعانون من داء السكري، أدى إلى مشاكل في توفر الدواء في الأسواق العالمية ما يهدد صحة الأشخاص الذين يعانون من داء السكري من النوع الثاني، وأولئك الذين يعتمد علاجهم على الدواء.
وتكشف عطالله أن "دواء أوزمبيك غير متوفر أيضاً في بعض المدن العربية منها دبي، فيما يروّج لبعض العقاقير في السوق السوداء بلبنان بأنها هذا الدواء من دون أن تكون العقاقير الأصلية، ما يهدّد سلامة المستخدمين الذين يشترون العقاقير ويتناولونها لخسارة الوزن من دون أخذ المضاعفات الصحية في الاعتبار".
وتنبّه عطالله الأشخاص بعدم استخدام الأدوية إلا من خلال استشارة طبيب متخصص ووصفة طبية تناسب حالاتهم الصحية، وإجراء متابعة دورية للمضاعفات في حال استخدام بعض الأدوية، فالاستخدام العشوائي للأدوية يهدد صحة الناس وسلامتهم.
وتشدد عطالله على أن خسارة الوزن لا ترتبط بتناول الدواء فحسب، فعندما يتوقف شخص عن تناول الدواء سيستعيد وزنه والكيلوغرامات التي خسرها بعد فترة زمنية قصيرة، وخسارة الوزن بالتالي ترتكز على عوامل عدة منها الأكل الصحي وممارسة الرياضة والتنبه للصحة النفسية والعصبية، إذ تتأثر بعض الأنماط الغذائية عند الأفراد بحالتهم النفسية والعصبية، كما يجب التنبه لبعض الأمراض الفيزيولوجية التي تؤثر في وزن المريض وصحته.
بدوره، ينصح شمرلينغ الأشخاص غير المصابين بداء السكري بعدم طلب الدواء وتناوله لخسارة الوزن، "إذ تتوفر وسائل أفضل ومجموعة كاملة من الخيارات الأخرى لإنقاص الوزن". وهو يوصي المتخصصين بالرعاية الصحية بوصف الدواء بمسؤولية للحفاظ على توفر الدواء لمن هم في أمسّ الحاجة اليه.