رئيس وزراء العراق لـ"العربي الجديد": نحضر لاستضافة مؤتمر دولي لمواجهة أزمة المناخ والبيئة

16 مارس 2023
السوداني: المشكلة البيئية والمناخية حقيقية وليست هينة بل خطيرة (مكتبه الإعلامي/تويتر)
+ الخط -

تستعدّ حكومة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لعقد مؤتمر دولي في العاصمة بغداد، لفتح ملف المناخ وتأثيراته المباشرة على البلاد، وأبرزها الجفاف، إضافة إلى محاولة التوصل إلى تفاهمات مع إيران وتركيا بشأن الحصص المائية للعراق، خصوصاً أنّ الأخير يعاني من أزمات بيئية متراكمة.

ويقول السوداني لـ"العربي الجديد"، على هامش "ملتقى السليمانية" الذي عقد في محافظة السليمانية في إقليم كردستان العراق، اليوم الخميس، إنّ "المشكلة البيئية والمناخية حقيقية، وليست هينة بل خطيرة، لا سيما أنّ هناك شحا للمياه في نهري دجلة والفرات، ومشاكل في معالجة مياه الصرف الصحي، بالإضافة إلى تراجع وقلة في المساحات الخضراء، ناهيك عن التلوث الذي يسببه الغاز المصاحب".

يضيف السوداني أنّ "العراق أمام هذه التحديات الخطيرة يحتاج إلى العمل المشترك، ولا بد من أن يساعد العالم والمنظمات العراقية. ونعمل على أن يحتضن العراق خلال العام الحالي مؤتمراً دولياً وإقليمياً في جميع الدول والمنظمات للوقوف ومواجهة الأزمة البيئية والمناخية".

وسبق للسوداني أن كشف عن رؤيته للعمل المناخي لغاية العام 2030، ومن ضمنها "مبادرة كبرى لزراعة 5 ملايين شجرة ونخلة في عموم محافظات العراق". وتعرضت هذه المبادرة لانتقادات كثيرة، بسبب عدم إمكانية توفير العراق المياه الكافية لري 5 ملايين شجرة.

وتجد وزارة الموارد المائية العراقية أنّ أزمة المناخ مرتبطة بشكلٍ أساسي بشح المياه والجفاف في المدن العراقية. وقالت أخيراً إنّ دول الجوار تمنع عن العراق 75% من حقوقه المائية.

وخلال العامين الماضيين، تحدثت الحكومة العراقية في أكثر من مناسبة عن حاجتها لدعمٍ دولي للعراق، لحل أزمة البيئة والتغير المناخي. إلا أنّ البلاد لم تشهد أي مساعدة بهذا الاتجاه، فيما ظلّت المؤسسات الرسمية للدولة العراقية، وتحديداً وزارة البيئة، تعبر عن موقفها عبر البيانات من دون أي جهد على الأرض، بحسب مراقبين وناشطين.

من جهته، يقول وكيل وزارة البيئة جاسم الفلاحي، إنّ "العراق يحتاج فعلاً إلى الدعم الأممي والدولي، وتحديداً لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) والاتحاد الأوروبي، لإعادة ترميم الوضع البيئي المتدهور".

ويوضح في حديثه لـ "العربي الجديد"، أنّ "العمل على المستوى الداخلي والوطني لمواجهة التغيرات البيئية والمناخية لا يمكن أن يحقق نتائج مبهرة، لكن بوجود الدعم الدولي وتبادل الخبرات، سيكون هناك تقدم واضح".

يتابع الفلاحي أنّ "العمل الوطني يتعزز بوجود الدعم الدولي، ويؤدي حتماً إلى نتائج واقعية لمواجهة مخاطر تغير المناخ". ويوضح أن ّ"الحكومة العراقية وضعت استراتيجية للتعامل مع هذا الملف، وتتضمن دور الشباب والنساء ومساهمتهم في مواجهة تغير المناخ وتعزيز المساهمة المجتمعية".

إلى ذلك، يقول الناشط وعضو جمعية "حماة دجلة" حميد العراقي، إنّ "الحكومة العراقية لا تملك المعلومات الكاملة عن الوضع البيئي في العراق. للأسف، فإنها تتحدث عن مشكلة المناخ في المؤتمرات والملتقيات، لكنها لا تتخذ أي إجراءات واقعية. كما أنّ الحوار مع دول الجوار بشأن الحصص المائية خجول".

يتابع العراقي، في حديث لـ "العربي الجديد"، أنّ "الموسم الصيفي المقبل سيفضح الإجراءات الورقية التي تحدثت عنها الحكومتان الحالية والسابقة عن المعالجات الداخلية لمخاطر أزمة البيئة والمناخ"، مبيناً أنّ "العراق على موعد مع موسم جفاف جديد، وشح في الأمطار، بالإضافة إلى ارتفاع في نسب التلوث".

ويُعَدّ العراق من الدول الخمس الأكثر عرضة لتداعيات تغيّر المناخ والتصحّر في العالم، في ظلّ ارتفاع نسبة الجفاف ودرجات الحرارة التي تتجاوز الخمسين درجة مئوية في فصل الصيف على مدى أسابيع، بحسب تقارير دولية.

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، حذّر البنك الدولي من انخفاض بنسبة 20% في الموارد المائية للعراق بحلول عام 2050 بسبب تغيّر المناخ، علماً أنّ نهرَي دجلة والفرات يشهدان شحّاً في المياه بالتزامن مع ارتفاع نسبة جفاف الأنهر الأخرى.

وأدّت الأزمات البيئية في العراق، التي سُجّلت في الأعوام الخمسة الماضية، إلى تغيّرات اجتماعية، من بينها الهجرة الكبيرة لسكان مناطق الأهوار (جنوب)، وتراجع منسوب المياه إلى حدّ جفاف الأنهر، وأبرزها ديالى، عدا عن العواصف الترابية التي باتت تهبّ يومياً وأسبوعياً.

تضررت الأهوار العراقية بفعل الجفاف (أسعد نيازي/فرانس برس)
تضررت الأهوار العراقية بفعل الجفاف (أسعد نيازي/فرانس برس)

كما يعاني العراق من التصحّر نتيجة عمليات جرف الغطاء الأخضر، وسوء إدارة أزمة المياه التي تسبّبت في موجة جفاف حادة، بالإضافة إلى الاعتداء على الغطاء النباتي وتعمّد تدمير البيئة الذي نتج أيضاً من الحملات العسكرية التي استدعت جرف آلاف الهكتارات من البساتين والأراضي الزراعية في مناطق عدّة في البلاد، الأمر الذي حوّلها إلى أراضٍ قاحلة.

المساهمون