من طبريا في فلسطين، خرج والد أم نضال طفلاً مهجراً على يد الاحتلال الإسرائيلي عام 1948، لكن ابنته، التي ولدت وعاشت حياتها في مخيم اليرموك جنوبي دمشق، كانت على موعد تهجير آخر، ربما يكون أكثر قسوة، متزامناً مع تقدمها في العمر، وحمل لها كثيراً من الهموم التي خلفتها الحرب السورية عليها.
تقول أم نضال: "فقدت أبي وأخي وأولادي، لم يعد لدي أمل"، تسيطر عليها حرقة الفقد والذكريات المؤلمة، علاوة على معاناة التهجير والنزوح، وتغرق عيون أم نضال بالدموع وهي تخبرنا عن حياتها السابقة: "كنت أستيقظ صباحاً لأصنع القهوة وأشربها مع أولادي، حرم الله من حرمني إياهم".
محطات عدة تنقلت بينها أم نضال حتى وصلت إلى بلدة عقربات شمالي إدلب، مصطحبة معها أحفادها من أبنائها الأربعة الذين فقدتهم جميعاً في قصف لقوات النظام على مخيم اليرموك، مبقيةً لها ابناً وحيداً من ذوي الاحتياجات الخاصة .
تفرق الأحفاد عنها مع أمهاتهم بعد مقتل آبائهم، وبقي معها من يؤنس وحدتها الموحشة، لتمضي هذه الأيام الثقال وسط الحرمان وفقدان أدنى مقومات الحياة.
تشير أم نضال إلى أن "الغربة صعبة، ولم يعد لدي أمل بالحياة، الحياة جميلة مع العائلة ومن دونها لا شيء نفعله، كان أولادي يدخلون المنزل ينادون: أين أمي؟ أين أبي؟ أين أخي؟ أما الآن فلا أحد".
وتضيف: "اليوم أدخل إلى المنزل مع ما جلبته من حاجيات، أضعها في المطبخ وأنتوي إلى غرفتي وحيدة، بلا أمل، أصبحت الحياة لأتناول لقمتي وحسب"، لا تزال أصوات القصف ومشاهد فقدان أبنائها في مخيم اليرموك، تسكن مخيلتها وتأبى مفارقتها، تتقاسم ذلك مع أكثر من 1500 عائلةٍ فلسطينية هجرت عن اليرموك وغيره من المخيمات الفلسطينية الأخرى في البلاد، نحو الشمال السوري، تشترك جميعها برحلة تهجير ثانية على يد النظام السوري، بعد أن كان الاحتلال الإسرائيلي نفذ المهمة الأولى.