بدأت رحلة لجوء الحاجة رضية مبدر سليمان، وهي من بلدة صفورية في قضاء الناصرة في فلسطين، عندما كانت في العاشرة من عمرها. في بلدها، كانت تعيش مع عائلتها المؤلفة من خمس بنات وأربعة صبيان وأمها وأبيها، حياة آمنة. أما اليوم، فتعيش في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا (جنوب لبنان). تقول: "ما زلت لاجئة أعيش بعيداً عن أرضي ووطني. خرجت من فلسطين مع عائلتي وأنا في العاشرة من عمري، وقضيت بقية عمري غريبة". تتحسّر على تلك الأيام التي حرمت منها. "في فلسطين، كنا فلاحين، وكان معظم الناس يملكون بساتين ويزرعون القمح والذرة والشعير والسمسم وأشجار الفاكهة كالرمان والتين والحامض. كما كانوا يزرعون الخضار المتنوعة كالملوخية والخيار والملفوف والخس والبقدونس والباذنجان والنعناع". تضيف أن أصحاب الأراضي لم يعتادوا بيع المحصول، بل كانوا يتبادلون ما ينتجون.
وعن خروجها من فلسطين، تقول: "في البداية، دخل الصهاينة بلدة شفا عمرو المجاورة لبلدة صفورية، فهجّروا أهلها إلى الأخيرة. وبعد أيام، وصلنا خبر بأن الإسرائيليين سيدخلون بلدة صفورية، فعمد الشباب إلى حراستها من كل المداخل، لكن الصهاينة تمكنوا من الدخول بعد خروج الحراس منها"، لافتة إلى أن الأسلحة كانت كفيلة بإخراج شباب البلدة. بعدها، عمد الصهاينة إلى قصف صفورية، فخرج أهلها منها ومعهم مفاتيح منازلهم على أمل العودة إليها بعد انتهاء المعارك.
بعد ذلك، توجهت العائلة إلى لبنان، ومكثت في منطقة بنت جبيل الجنوبية تحت الأشجار لمدة ثلاثة أشهر، وكانت تحصل على المعونات من منظمة الصليب الأحمر الدولية. أما أولئك الذين كان في حوزتهم المال، فاستأجروا بيوتاً.
وبعد نحو عام، انتقلت العائلة للعيش في مخيم عين الحلوة، وسكنت في شوادر (الخيم). تضيف: "عانينا كثيراً في سنوات لجوئنا الأولى، وما زلنا نعاني حتى اليوم". وعن السكن في المخيم، تقول: "عشنا في الشوادر مدة طويلة قبل أن نتمكن من تشييد منازل". تضيف أنها تزوجت حين كانت في العشرين من عمرها، وسكنت في المخيم، وأنجبت ثمانية أولاد. وتختم حديثها قائلة: "لم نعرف الراحة في بلاد اللجوء. من يخرج من بلده يُهان، ونحن أُهنّا وتعبنا بعد خروجنا، وعرفنا الجوع والفقر والتهجير". والحاجة رضية ما زالت حتى اليوم تحلم بالعودة إلى بيت أهلها في صفورية والموت في قريتها.