زيادة مفاجئة في عدد الوفيات بالدنمارك: موسم الذروة للفيروسات وكبار السن الأكثر عرضة للخطر
أعلن معهد الأمصال والأمراض المعدية الدنماركي، أمس الخميس، عن أن الوفيات في البلد الإسكندنافي الصغير (5.9 ملايين نسمة) تزايدت في الأسابيع الأخيرة بصورة لم يعتد عليها مجتمع الرفاهية منذ أكثر من خمس سنوات.
وبحسب ما ذكر معهد "ستاتنز سيروم إنستيتيوت" المتخصص ببيانات وأبحاث الأمصال والأمراض، فإن "الوفيات الزائدة بين السكان في الأسابيع الأخيرة شهدت زيادة بشكل غير عادي، وهو معدل لم يكن لدينا حتى في شتاء 2017-2018"، وفق تصريحات طبيب جناح في المعهد الوطني للأمصال، لاسا فيسترغورد للصحافة المحلية.
واعتبر فيسترغورد أن معدل الوفيات خلال الأسابيع الأخيرة فقط، وفقا لبيانات المعهد، أعلى حتى من تلك التي سُجلت في فترة وباء كورونا، وأنه "يجب العودة إلى ما قبل 5 سنوات حين ضربت البلاد موجة إنفلونزا شديدة لمقارنة هذا التزايد في الوفيات".
وكانت الدنمارك اضطرت في ربيع 2020 إلى إغلاق جزئي بهدف منع فيروس كورونا من الانتشار، لدرجة أن المستشفيات في البلد وصلت إلى وضع لم يعد بإمكانها القيام بوظائف اعتيادية، كحالات التوليد، بسبب الضغوط الهائلة للمراجعين. ومع نهاية ذلك العام، اضطرت كوبنهاغن إلى العودة لإغلاق شامل بسبب اكتظاظ مشافيها.
وفي شتاء العام الماضي، تم فرض قيود جديدة مع الكشف عن متحور أوميكرون ضرب البلد بعنف، إلى حد أن ما يقدر بنحو 70 في المائة من السكان انتهى بهم الأمر إلى الإصابة به. ومع ذلك، فإن التطعيم على نطاق واسع، إلى جانب حقيقة أن أوميكرون كان أسوأ من المتحورات السابقة في التسبب في مرض خطير لدى البعض، لم تشهد المستشفيات الضغط نفسه كما كان الحال خلال الموجات السابقة.
لكن في الشتاء الحالي، ومع انتشار التهابات الجهاز التنفسي بدون وجود قيود كورونا السابقة، عاد القطاع الصحي إلى حالة ضغط غير مسبوق. ويعتبر المتخصصون والقائمون على القطاع الصحي أن موسم الذروة للفيروسات بات أكثر خطرا من فترة الحظر الذي فرض على التجمعات أثناء جائحة كورونا. صحيح أن التطعيم ضد كل من كورونا والإنفلونزا يساهم في الحد من عدد المصابين بأمراض خطيرة تؤدي إلى الوفاة، وخصوصا من تلقوا اللقاح المعزز ممن هم فوق الـ50 ويعانون أمراضا أخرى، إلا أن معهد الأمصال يعترف بأن ذلك ليس فيه حماية بنسبة 100 في المائة، واللقاح المعزز ضد كوفيد19 يقلل خطر المرض بنسبة 73 في المائة.
زيادة الوفيات الإجمالية في الأسابيع الأخيرة، بحسب معهد الأمصال في كوبنهاغن، تضرب الفئة العمرية فوق الـ75 سنة. واعتبر المعهد أن ثلاثة فيروسات تتسبب بتلك الوفيات، وجميعها تؤدي إلى مضاعفات خطيرة على الجهاز التنفسي، فإلى جانب الإنفلونزا يجد المتخصصون أن فيروس كورونا والفيروس الخلوي التنفسي يساهمان في معدل الوفيات المفرط. ويذكر فيسترغورد أن كورونا يتحمل مسؤولية ثلث الوفيات الإضافية بينما الفيروس المخلوي يتحمل مسؤولية أكثر من الثلث بقليل والإنفلونزا أقل من الثلث.
وشكّلت الوفيات الزائدة مادة جدلية خلال الأيام الماضية، إذ التقى برلمانيون دنماركيون مع وزيرة الصحة والداخلية، صوفيا لودي، لمناقشة الانتشار الكبير في البلد لعدوى فيروسات الجهاز التنفسي الثلاثة.
ومع انتشار كورونا مجددا، واتخاذ سلطات أوروبية بعض الإجراءات الضرورية، إثر الموجة الصينية الأخيرة، كارتداء الكمامات إلزامياً في بعض قطاعات النقل، كما في قطارات وحافلات ألمانيا، يدخل الدنماركيون في سجال صحي ومجتمعي حول ما إذا كانت زيادة الوفيات بين كبار السن تتطلب اتخاذ إجراءات من نوع ما للحد من فائض الموت. وبالأخص مع توقع معهد الأمصال الوطني أن تتزايد الوفيات بالعدوى خلال الأسابيع القليلة القادمة، كما ناقشت اللجان البرلمانية المعنية بقطاع الصحة عن مختلف الأحزاب أول من أمس الأربعاء، العودة إلى فرض قيود كما جرى في بدايات كورونا، بعد أن لم يعد يصنف كمرض خطير للمجتمع.
ومع ذلك، يبدي مسؤولو القطاع الصحي في مختلف الأقاليم الدنماركية قلقا من منحى الإصابات بكورونا أسبوعيا، 1381 في أعياد الميلاد، ثم 1234 في الأسبوع الأول من العام الحالي، وزيادة في انتشار الإصابة بالإنفلونزا التي تؤدي إلى أمراض كثيرة في المدارس وسوق العمل، كما يؤثر على كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، ويؤدي ذلك إلى تأجيل العديد من العمليات الجراحية المبرمجة، بسبب اكتظاظ المشافي وانشغال الطواقم برعاية المسنين.