انتحر سجين عراقي شنقاً، أمس السبت، داخل سجن "الحوت" المركزي بمحافظة ذي قار، جنوبي البلاد، وهو السجن الذي تُثار حوله شبهات كثيرة بحالات تعذيب وانتهاكات مستمرة، على الرغم من تشكيل وزارة العدل، أخيراً، لجاناً للتحقيق في ذلك.
والحادث ليس الأول من نوعه الذي يُسجّل في سجن الحوت، إذ سبق أن سُجلت حوادث انتحار مشابهة في الفترات السابقة، كما أن النائب رعد الدهلكي كان قد حذّر الشهر الماضي من أن "التعذيب الممنهج" داخل السجن يدفع السجناء نحو الانتحار.
ووفقاً للمصادر الأمنية التي نقلت عنها وكالات أنباء عراقية محلية، فإنّ "نزيلاً يبلغ من العمر 40 عاماً انتحر أمس السبت شنقاً، داخل حمامات سجن الناصرية المركزي (الحوت)"، مبينة أن "السجين هو من أهالي محافظة البصرة، وهو محكوم بالإعدام".
ولم تصدر إدارة السجن أي توضيح بشأن الحادث، كما أنها لم تنف وقوعه.
وينتقد مختصون في مجال حقوق الإنسان ضعف الإجراءات التحقيقية بملف التعذيب والانتهاكات داخل السجون، خاصة سجن الحوت، وقال الناشط الحقوقي، منير الزيدي، لـ"العربي الجديد": "الانتحار داخل سجن الحوت بات الحل الوحيد للتخلص من التعذيب والانتهاكات، التي تسجل داخل السجن".
وأكد أن "الحكومة على علم بما يحدث في السجن، وقد تحدّثت عن تشكيل لجان للتحقيق في ذلك، إلا أننا لم نر أي تحقيق وأي نتائج"، موضحاً أن "الحكومة شريكة بتلك الانتهاكات ما لم تكشفها وتحاسب مرتكبيها".
ويقع سجن "الحوت" في مدينة الناصرية، ضمن محافظة ذي قار جنوبي العراق، ويضمّ نحو 40 ألف معتقل، وهو أكبر السجون العراقية بعد إغلاق سجن "أبو غريب"، ويلقبه مراقبون بالسجن العراقي "صاحب الصيت السيئ".
وكان المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب قد كشف في تقرير له، نهاية العام الماضي، وفاة نحو 50 معتقلاً نتيجة "عمليات التعذيب والإهمال الطبي في السجون التابعة لحكومة بغداد"، وأوضح أنّه في المدّة المتراوحة ما بين يناير/ كانون الثاني الماضي وأغسطس/ آب توفّي 49 معتقلاً؛ 39 منهم في سجن الناصرية المركزي، وثمانية في سجن التاجي (شمالي بغداد)، بالإضافة إلى توثيق حالة انتحار في مراكز شرطة إجرام الموصل في محافظة نينوى (شمال)، ووفاة واحدة في مركز تابع لمكافحة الإجرام في العاصمة بغداد.
كذلك، رصد المركز عن "احتجاز السلطات الحكومية عشرات الآلاف من المعتقلين في ظروف غير إنسانية، بوضعهم في زنازين مكتظة وغير مهيأة صحياً لسنوات عدّة بدوافع انتقامية وطائفية"، لافتاً إلى أنّ "الظروف الصحية معدومة في معتقلاتهم، وأنّها ذات درجة حرارة ورطوبة عاليتَين، ممّا يؤثّر على صحتهم بشكل مباشر".
وملف السجناء بالعراق من الملفات المعقدة والتي تعاني من إدخال للممنوعات وانتهاكات وخروقات واكتظاظ.
ولا توجد إحصائية رسمية لعدد السجناء في البلد، لكن أرقاماً متضاربة تؤكد أنها تقرب من المائة ألف سجين تتوزع على سجون وزارات العدل والداخلية والدفاع، إضافة إلى سجون تمتلكها أجهزة أمنية مثل جهاز المخابرات والأمن الوطني ومكافحة الإرهاب والحشد الشعبي، وسط استمرار الحديث عن سجون سرية غير معلنة تنتشر في البلاد وتضم آلاف المعتقلين.
وتعاني السجون العراقية من إهمال كبير، وغياب للدور الرقابي من قبل الجهات الحكومية والجهات المسؤولة عن حقوق الإنسان، في وقت يجرى الحديث فيه عن سيطرة بعض الجهات السياسية على السجون.