سورية: أجواء عيد الأضحى رمزية وتضامنية

16 يونيو 2024
توزيع مساعدات في مخيم بإدلب (رامي السيد/ Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- السوريون يواجهون تحديات معيشية وأزمات مثل ارتفاع درجات الحرارة ونقص المياه والكهرباء، مما يؤثر سلبًا على استعداداتهم لعيد الأضحى، لكنهم يحاولون الاحتفال بتفاؤل والحفاظ على تقاليده.
- في دمشق والسويداء، تظهر جهود للحفاظ على روح العيد من خلال الاعتماد على الحوالات المالية والالتزام بالعادات، بينما تساهم الجمعيات الخيرية والمبادرات الشعبية في دعم الأسر الفقيرة.
- استعدادات العيد تختلف بين المناطق، حيث تواجه بعضها تحديات مثل أزمة الكهرباء، لكن السوريون في مختلف المناطق، بما في ذلك مخيمات النزوح، يحتفلون بما يتوفر لديهم، معبرين عن أملهم في مستقبل أفضل.

يكتفي السوريون بالقليل القليل من أجواء عيد الأضحى، ففي أي مكان يوجدون فيه يشعرون بوطأة الظروف الصعبة، ويتعايشون مع الأزمات التي تمنعهم من العيش طبيعياً، والتمتع بأفراح المناسبات المهمة في حياتهم.

انعكست الظروف الصعبة التي يعيشها السوريون سلباً على تحضيرات عيد الأضحى التي كانت قليلة، وتأثرت بغياب أفراد الأسر، ومشكلات الواقع المعيشي، وارتفاع درجات الحرارة، وأزمات المياه والكهرباء. لكن ذلك لم يمنع استقبالهم العيد بنوع من التفاؤل، وبذلهم جهوداً للحفاظ على أجوائه وخصوصياته، وسط التحديات الكثيرة.

في دمشق، تعتمد معظم العائلات على الحوالات المالية التي يرسلها أفرادها في بلاد اللجوء، وهذه حال عائلة أحمد الحاج الذي يقول لـ"العربي الجديد": "ينقصنا اجتماع العائلة مع حلول العيد. أرسل لي اثنان من أبنائي حوالة مالية من ألمانيا سمحت لي بأن أستعد للعيد، لكن التحضيرات لا تقارن بالسنوات السابقة، فكل شيء مختلف اليوم. في السابق كانت أسواق دمشق تنبض بالحياة قبل العيد بأسبوع أو أسبوعين، أما في الوقت الحالي فالأمر مختلف تماماً، ووجوه الناس في الأسواق شاحبة، ومن لديه القدرة على الاستعداد للعيد يواجه مشكلة تفرّق شمل أسرته، وهذا من بين أسباب عزوف كثيرين عن مواكبة التحضيرات".
وفي السويداء (جنوب)، يحرص الأهالي على الالتزام بكل تفاصيل عادات وتقاليد استقبال عيد الأضحى، وعلى الرغم من أن الظروف الاقتصادية والأمنية معقدة، فإن الحركة جيدة في الأسواق التي قصدتها العائلات لشراء ثياب العيد والحلوى.
أيضاً شهدت مقار الجمعيات الخيرية، وتلك لأصحاب المبادرات الشعبية، استنفاراً لكوادرها من أجل تغطية احتياجات الأسر الفقيرة والأرامل والأيتام عبر تبرعات يومية، يوفرها مقتدرون وتحويلات من مغتربين، جرى تخصيصها لهذه المناسبة التي يعتبرها أبناء الجنوب السوري عموماً أياماً للفرح والتسامح.

يقول فايز الصحناوي (أبو كنان) لـ"العربي الجديد": "من معه مال يحمل عائلة كاملة، والجميع سيكونون سعداء بهذا العيد الذي يعتبر فرصة لالتقاط الأنفاس، والتقرب إلى الله، وجبر الخواطر للأشخاص الذين يعانون فقراً وعوزاً وحاجة".
يضيف: "تصل الهدايا والمساعدات المادية بطرق مختلفة إلى مستحقيها في عيد الأضحى، فلا يشعر أحد بالنقص في ظل مبادرات الجمعيات والمنظمات والوقف الذي يساهم في تغطية العجز".

الأطفال الأكثر حماسة في العيد (عز الدين قاسم/ الأناضول)
الأطفال الأكثر حماسة في العيد (عز الدين قاسم/ الأناضول)

ويشارك أهالي جبل العرب في الأعمال المنزلية التي تنفذها نساء خلال العيد، ومن بينها صنع الحلويات، والمأكولات الشعبية، والخبز العربي الشهير في جبل العرب، وهذه عادة دائمة وخطوة لدعم المشاريع الصغيرة، وأيضاً فرصة كي يكرّم المجتمع المحلي النساء اللواتي يعملن في هذه المهن.
وبالنسبة إلى استعدادات عيد الأضحى في مدينة جبلة بمحافظة اللاذقية، يقول محمد سلام لـ"العربي الجديد": "زادت أزمة الكهرباء والارتفاع الحادّ في درجات الحرارة ساعات التقنين، وتسببت في انقطاع المياه. وهذا ما شغل الناس قبل عيد الأضحى. وأكثر ما يخفف عن الأهالي أنهم يستطيعون لقاء بعض الأقارب، ما يعيد نوعاً ما الحركة، في حين تبقى الأجواء العامة عادية جداً، ولا شيء يُذكر على صعيد تحضيرات الضيافة أو الحلويات أو الملابس. الناس الذين تضرروا من زلزال 6 فبراير/ شباط 2023، والذين لا يزالون يعانون من آثاره ينتظرون من يمد لهم يد العون، والحقيقة أن الوضع يرثى له، وبالنسبة لي وزوجتي نكتفي بما يرسله لنا الأولاد من خارج سورية للعيش، ويمكن القول إن المال متوفر لكن لا حماس للعيد".

بدوره، يقول عيدو السطم، من سكان مدينة القامشلي لـ"العربي الجديد": "أثرت الأزمات كثيراً فينا. جاء بعض الأقارب من أوروبا إلى المدينة أخيراً ما سيُعيد بعض أجواء الألفة. يُقيم أحد أشقائي في ألمانيا منذ سبع سنوات، واستطاع زيارتنا بعدما حصل على الجنسية الألمانية. وبالنسبة إلى ملابس العيد لم نشترِ أي منها، بعدما فعلنا ذلك في العيد الماضي، فنحن نحاول تخفيف المصاريف بقدر الإمكان، لأن الوضع لا يحتمل. أصبحت الأوضاع صعبة خلال السنوات الأربع الماضية، والعيد الحالي يختلف عن السابق".
وفي تجمّع مخيمات دير حسان بريف إدلب (شمال غرب)، تقول إيمان الحلبي لـ"العربي الجديد": "لا نملك القدرة على شراء ملابس العيد أو الحلويات. نتدبر أمورنا بالكاد والوضع سيئ، لكن يبقى للعيد خصوصيته. لن أصنع حلويات في ظل درجات الحرارة المرتفعة. نظفت المنزل في المخيم، وجهّزت بمساعدة ابنتي ملابس العيد الماضي. أترقب العيد من أجل أطفالي الثلاثة، فهم ينتظرون صباح العيد للحصول على العيدية، وهم طلبوا الحصول على 20 ليرة تركية (0.62 دولار) لكل واحد منهم في يوم العيد. يشعرني هذا بنوع من الحزن، لأننا غير قادرين على بذل المزيد لهم. في النهاية نواسي أنفسنا بأننا نعيش في ظل ظروف استثنائية في المخيمات".

المساهمون