تتنقل معاناة السوريين المتعلقة بآلية توزيع الخبز عبر ما يعرف بـ"البطاقة الذكية" من محافظة إلى أخرى. ومع بدء توزيع الخبز بهذه الآلية في محافظة القنيطرة، في أقصى الجنوب السوري، وجدت الكثير من العائلات والأشخاص أنفسهم من دون خبز، لأسباب من قبيل سوء الشبكة ووجود خلل في البيانات وعدم معرفة معتمدي بيع الخبز التعامل مع التكنولوجيا.
يقول أبو محمد الأسعد (57 عاماً)، من القنيطرة، لـ"العربي الجديد": "يوم أمس الثلاثاء، اصطحبت البطاقة الذكية وتوجهت إلى معتمد الخبز في الحي الذي أعيش به، ووجدته غارقاً مع الناس والبطاقات، بسبب عدم معرفته بكيفية استخدام الجهاز الخاص بقطع المخصصات، فيتصل بزملائه المعتمدين وآخرين في البلدية طالبا مساعدتهم لتشغيل الجهاز. في النهاية، استطاع أن يقطع بعض البطاقات، لكنه طلب من كثير من الأشخاص، ومنهم أنا، مراجعة البلدية بسبب وجود مشكلة في البطاقة".
يتابع: "عادت البلدية ووعدتنا بأن تحل المشكلة. واللافت أن المسؤولين يقولون إن اعتماد البطاقة يهدف إلى ضبط بيع الخبز وإيصاله إلى مستحقيه وعدم هدره. لكن في الواقع، هناك كمية ليست قليلة من الخبز تباع في السوق السوداء، في وقت ارتفع فيه سعر الربطة من جراء زيادة الطلب".
من جهتها، تقول حسناء (45 عاماً)، لـ"العربي الجديد": "أعيش وحدي ولم أستطع الحصول على الخبز لأنني لا أملك بطاقة ذكية، ولا أستطيع شراء الخبز من السوق السوداء لارتفاع سعر الربطة. وعندما ذهبت إلى المعتمد، أرسلني إلى المختار لأسجل اسمي حتى يتم وضعي في قائمة خاصة للحصول على ربطة خبز"، متسائلة: "ألم يكن من الممكن أن تتم هذه الإجراءات قبل تطبيق القرار؟".
تضيف: "المضحك المبكي أن المعتمد الذي كان يوزع مخصصاته من الخبز خلال ساعة من الزمن، استغرق اليوم أكثر من 3 ساعات، بسبب سوء الشبكة وانقطاعها مرات عدة، بالإضافة إلى الجدل مع الناس من جراء الأخطاء في تحديد المخصصات". وتقول: "صرنا نترحم على أيام الورقة والقلم؛ فاستخدام التكنولوجيا في المعاملات الرسمية في سورية يتم بأسوأ أشكاله من جراء سوء شبكة الإنترنت وقلة الخبرة".
إلى ذلك، يتحدث مصدر مطلع في القنيطرة، طلب عدم الكشف عن هويته، لـ"العربي الجديد"، عن واقع توزيع الخبز، ويقول إن "أصحاب القرار يريدون تطبيقه من دون أي مراعاة للواقع. لم تحصل مئات العائلات على بطاقات ذكية، كما لم تنته عملية تنظيم قوائم الأشخاص الذين لا يملكون بطاقات ذكية".
يضيف أن "البيانات المتوفرة لدى شركة تكامل ضعيفة جداً وهناك أخطاء عديدة في النظام، وخصوصاً لناحية تحديد المخصصات بحسب عدد أفراد العائلة، والمشكلة الأكبر أن المخصصات لا تتناسب مع عدد الأفراد. وفي دمشق وغيرها من المحافظات، ساهمت البطاقة الذكية برفع سعر ربطة الخبز في السوق السوداء، الذي أصبح سوقاً نشطاً مع ازدياد الطلب على الخبز، الذي يعتبر المادة الغذائية الرئيسية اليوم لدى غالبية السوريين".
من جهته، يقول مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في محافظة القنيطرة حمدي العلي، إنه تم توزيع 216 جهازاً على المعتمدين البالغ عددهم 201 معتمد، بالإضافة إلى المخابز العامة والخاصة، ووجهت دوريات وعناصر حماية المستهلك إلى المعتمدين لتدارك الأخطاء وتمكينهم من استخدام الأجهزة بالطريقة الصحيحة وقمع المخالفات التموينية، وخصوصاً المتعلقة بنقص وزن الخبز والعمل على سحب تراخيص الأفران في حال تكرار مثل هذه المخالفات".
ويلفت إلى وجود تسعة مخابز عاملة على أرض محافظة القنيطرة، ثلاثة منها عامة وستة منها خاصة، تعمل جميعها وفق مخصصات يومية من مادة الدقيق تراوح ما بين 43 و45 طناً. ويتم إنتاج الخبز وتوزيعه على جميع القرى والبلدات من خلال معتمدين وتحت إشراف الوحدات الإدارية وبنوعية مقبولة لأبناء المحافظة.
يضيف أن المكتب التنفيذي في القنيطرة أصدر القرار رقم 118 والمتضمن أجور نقل الخبز من الأفران إلى المعتمدين في القرى والبلدات. وراوحت التعرفة ما بين 220 و225 ليرة سورية (نحو 0.06 دولار) للربطة الواحدة ولأبعد نقطة بالمحافظة، ويضاف إلى سعر ربطة الخبز من المخابز التموينية الخاصة مبلغ 10 ليرات سورية، ليكونوا ملتزمين بتأمين كل ربطة بكيس نايلون وعدم جمع أكثر من ربطة في كيس واحد وتحميلها للمعتمدين.
يشار إلى أن النظام اعتمد نظام توزيع الخبز على السوريين في مناطق سيطرته عبر البطاقة الذكية من خلال شرائح مرتبطة بعدد أفراد الأسرة، وذلك باعتباره من المواد المدعومة، ففي حين يبلغ السعر الرسمي للربطة المكونة من 7 أرغفة 200 ليرة (نحو 0.05 دولار)، يقول النظام إن كلفتها أكثر من ألف ليرة. ويشير إلى وجود هدر واستخدام الخبز كعلف للحيوانات. لكن على الرغم من ذلك، ما زال الخبز يباع في السوق السوداء، عدا عن الغش في الأفران في ما يخص الوزن وغيره من المعايير.