سوريون يعودون إلى الديار بعد سنوات من النزوح

02 ديسمبر 2024
سوري يبدي فرحته بالعودة إلى حلب (رامي السيد/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تستعد العديد من العائلات السورية النازحة للعودة إلى مدنها مثل حلب ومعرة النعمان وسراقب، رغم الدمار الواسع، معبرة عن حماسها لإعادة الإعمار رغم قلة الإمكانات.
- يروي النازحون قصصهم المؤثرة، مثل فاضل جبريل وفراس الحمود، الذين عادوا ليجدوا منازلهم مدمرة لكنهم مصممون على الترميم والصيانة، معبرين عن فرحهم بالعودة.
- تعكس قصص النازحين مشاعر الفرح والحنين للعودة، مؤكدين تصميمهم على إعادة بناء منازلهم والعيش فيها، معتبرين العودة لا تقارن بحياة النزوح.

تستعد عائلات سورية نازحة تقيم في مخيمات أرياف إدلب ومنازلها للعودة إلى مدنها وقراها التي سيطرت عليها فصائل المعارضة المسلحة في حلب ومعرة النعمان وسراقب وغيرها، وذلك بعد سنوات من النزوح منذ أجبرتهم قوات النظام السوري ومليشياته على المغادرة.
وفور إعلان مغادرة قوات النظام للمدن والبلدات، عاد كثيرون لتفقّد منازلهم، والغالبية متحمسون للعودة رغم الدمار الواسع الذي طاول المنازل والبنية التحتية، ويؤكدون تصميمهم على إعادة الإعمار رغم قلة الإمكانات المتاحة.
عقب سيطرة فصائل المعارضة السورية على مدينة معرة النعمان، كبرى مدن محافظة إدلب، في 30 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عاد العديد من الأشخاص لتفقّد منازلهم في المدينة التي غادروها مكرهين بعد حملة عسكرية وقصف مكثّف في عام 2019، ورغم الدمار الكبير الحاصل في المدينة، ونهب شبيحة النظام للممتلكات وتخريب البنية التحتية.
تبدو مدينة المعرة شبه مدمّرة؛ والبيوت غير المدمرة نُهبت، والبنية التحتية والخدمات غائبة تماماً، فلا توجد شبكات مياه أو كهرباء، لكنّ العودة باتت خياراً محسوماً بالنسبة لمعظم سكانها النازحين.
نزح فاضل جبريل (42 سنة) من مدينة معرة النعمان إلى إدلب، ويؤكد أنه عاد إلى مدينته بعد ساعات من إعلان سيطرة فصائل المعارضة عليها. يقول: "شعوري لا يمكن وصفه مع العودة بعد خمس سنوات قضيتها بعيداً عن المعرة. لم أتمالك نفسي عند وصولي إلى الشارع الذي يقع فيه بيت عائلتي، وبكيت. الخراب في كل مكان، وشبيحة النظام لم يتركوا حجراً على حجر في المدينة، حتى أنهم نزعوا نوافذ المنازل وأبوابها، وبعض الأسقف حُطّمت لسرقة الحديد منها".

يضيف: "الحطام على حاله منذ سنوات، وفجوات الجدران شاهدة على قصف الدبابات. دخلت بيت أهلي فوجدت نوافذه وأبوابه مسروقة، كما سُحبت من الجدران أسلاك الكهرباء. المنزل بحالة يُرثى لها، لكني سأعود مع شقيقي خلال الأسبوع القادم لبدء أعمال الصيانة والترميم. سئمنا حياة النزوح في إدلب، وأمي تقيم في تركيا، وستعود في بداية الشهر القادم لتقيم معنا في منزل العائلة".

عائلة سورية نازحة عادت إلى حلب (رامي السيد/Getty)
عائلة سورية نازحة عادت إلى حلب (رامي السيد/Getty)

قرر النازح فراس الحمود عدم تجديد إيجار بيته في مدينة غازي عنتاب التركية، والعودة إلى مدينته سراقب. ويقول لـ"العربي الجديد": "حزمت أمتعتي للعودة إلى مدينة إدلب خلال الأيام المقبلة، فهناك يقيم أهلي، وأخي زار سراقب لتفقد منزلنا، ووجده تعرّض للكثير من الأضرار، لكن صيانته ممكنة. سأقيم لفترة مع عائلتي في إدلب، ريثما نجري صيانة البيت، وبعدها سأنتقل إليه مع عائلتي. ما حدث أمر كنا نحلم به طوال سنوات، وحالياً نشعر بالقهر لأنّ منازلنا خربت، لكننا في الوقت ذاته فرحون لأنه بات يمكننا العودة".
يتابع الحمود: "بات البيت بلا سقف ولا نوافذ ولا بلاط ولا شبكة كهرباء، حتى أنهم اقتلعوا أشجار الزيتون المحيطة به كأنهم التتار. لقد خرّبوا كل شيء في المدينة، حتى الأرصفة لم تسلم منهم".
بدوره، يقول النازح من حلب إلى إدلب، مصطفى شاشو: "زوّجت أولادي، وذهبت إلى الحج، لكن لا شيء يعادل فرحة العودة إلى حلب. منذ أيام لا أستطيع النوم، وحين عدت إلى بيتي وأرضي غرقت في نوم عميق، فهذه مدينتي وهذا بيتي. حين عدنا هالنا حجم الدمار في البيوت والمحلات، لكني أخبرت أولادي أننا سنبنيها من جديد. كنت أعيش حياة جيدة في إدلب، ولي فيها الكثير من الأصدقاء، وبعضهم نازحون من حمص وحماة، لكن العودة إلى حلب أمر مختلف".
ويقول الإعلامي السوري إسماعيل الرج، لـ"العربي الجديد": "لم أدخل مدينتي حلب منذ 13 عاماً، لذا فإن شعور العودة لا يمكن وصفه. بكيت حين وصولي، وكنت أبكي عند رؤية أي شخص أعرفه في المدينة. فرحتي كبيرة بالعودة إلى حلب التي دمرها نظام الأسد، لكنها تحررت، ولن نغادرها مجدداً".

عاد الثلاثيني محمد أبو قاسم، إلى مدينة معرة النعمان يوم السبت، ويقول لـ"العربي الجديد": "نزحت إلى مدينة الباب، وعدت فوراً إلى المعرة. بقيت ست ساعات على الطريق، لكن تحقق حلم العودة إلى المدينة التي لم أكن أتخيل أنني سأتمكن من العودة إليها. لا أصدق أن هذه معرة النعمان، فلم نتركها هكذا، لكن سنعيد بناءها من جديد، وسنعيش فيها مع أبنائنا".
بدوره، عاد مصطفى الأحمد إلى مدينة عندان في ريف حلب، ويذكر لـ"العربي الجديد": "فور وصولي ذرفت الكثير من الدموع بشكل لا إرادي، فقد عدت إلى البيت الذي قضيت فيه طفولتي بعد سنوات من النزوح، وأحمد الله أن الدمار ليس كبيراً. سأصلحه خلال الأسابيع المقبلة، وأنتقل إليه مع أولادي الذين يقيمون حالياً في مدينة الدانا، فالعودة إلى البيت لا تقارن أبداً بحياة النزوح".

المساهمون