شتاء غزة يهدد المنازل

01 ديسمبر 2020
أضرار خطيرة في مخيم الشاطئ (محمد الحجار)
+ الخط -

دخلت سيول الأمطار الأخيرة إلى كثير من المنازل في مخيمات قطاع غزة ومناطقه الشرقية، كما غرقت عشرات الشوارع، ما أثار الخشية من أصعب شتاء مرتقب

عام كورونا مشؤوم في مختلف أنحاء العالم، لكنّه في قطاع غزة أسوأ، إذ يتحالف الفيروس مع كثير من الأزمات، لا سيما الحصار. وفي الشتاء تزداد الأزمات سوءاً، ففي العادة، يحاول السكان ما أمكنهم إجراء بعض الإصلاحات في منازلهم، لمنع تسرّب المياه إلى داخلها، كما يضعون حواجز أمام مداخل المنازل للغرض نفسه. لكنّ الأوضاع هذا العام كانت أصعب، إذ واجهوا ظروفاً معيشية هي الأشدّ، بعدما تسببت ظروف انتشار الفيروس في تعطيل عمل عشرات الآلاف منهم، وعدم حصول الموظفين العموميين إلاّ على نسبة من رواتبهم.
في مخيم الشاطئ، غربي مدينة غزة، يحتاج كثير من المنازل لإصلاح الجدران لمنع تسرب المياه، خصوصاً في الجزء الغربي من المخيم المواجه لشاطئ البحر. كذلك، تضررت شوارع المخيم بفعل شتاء السنوات الماضية.

المرأة
التحديثات الحية

تضرر منزل منذر حميد (32 عاماً) في الشتاء السابق، حين ضرب منخفض جوي المدينة في بداية فبراير/شباط الماضي، كما تضرر مجدداً، صباح الخميس 26 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ولا يملك المال اللازم لإصلاح الضرر وسدّ الثغرات التي تسمح بتسرب المياه إلى المنزل الذي يعيش فيه مع أشقائه الأربعة، حيث يواجهون أسوأ ظروف معيشية، علماً أنّهم عاطلون من العمل. يقول حميد لـ"العربي الجديد": "منازل المخيم متلاصقة، والضرر لا يلحق منزلاً بعينه، فإذا كان الشارع يسمح للمياه بالتسرب، هذا يعني أنّ 10 منازل ستتضرر في وقت واحد للأسف. في كثير من السنوات الماضية خرجنا من البيوت لنضع سواتر رملية لمنع تسرب المياه. وبالرغم من ذلك، تتسرب المياه للأسف، وحالياً أنا لا أملك المال لوضع حاجز إسمنتي يمنع تسرب المياه إلى منازلنا".

مخيم الشاطئ2- محمد الحجار
مخيم الشاطئ4- محمد الحجار
مخيم الشاطئ3- محمد الحجار

يتوقع الغزيون أن يكون ضرر المنخفضات الجوية هذا العام كبيراً جداً، بعد الانتشار السريع لفيروس كورونا الجديد، بالترافق مع المنخفض الأول، إذ تصل الإصابات إلى نحو 1000 يومياً، كما أنّ حظر التجول يبدأ عند الخامسة مساءً ويعطل كثيراً من الأعمال، وسيزيد من نسب الفقر بشكل أكبر، ولن تتمكن الأسر من تلبية احتياجاتها في مواجهة المنخفضات الجوية المقبلة. وفي مخيم الشاطئ أيضاً، أمضى محمد السفروتي (40 عاماً) ليلتين ومياه الأمطار تسيل من سطح المنزل المكون من ألواح الأسبستوس (ألياف معدنية)، وحاول في بعض المرات سدّ الثغور لكنّه لا يستطيع، فهو اعتاد في كلّ عام إحضار مادة الفيبرغلاس (ألياف زجاجية) لسدّ تلك الثغور، وفي بعض السنوات كان يضع ألواحاً من البلاستيك حتى ينقل المياه إلى الشارع لكنّه يعيش في ظروف معيشية صعبة، فلا يتمكن في بعض الأوقات من تأمين الطعام لأبنائه. يقول السفروتي لـ"العربي الجديد": "هذا العام كان كارثياً علينا، إذ أمضي كلّ أوقاتي أفكر في كيفية توفير الطعام لأبنائي الأربعة، بينما أنا في الأساس عاطل من العمل منذ ثلاثة أعوام. قبل ذلك كنت أعمل في مجال البناء، والآن لا شيء يعينني غير المساعدات الغذائية من الأونروا، مرة كلّ شهرين أو ثلاثة. وبينما يحلّ الشتاء قاسياً علينا، فإنّ منزلي لا يصلح للعيش في الأساس، فهو بارد جداً". ويشير السفروتي إلى أنّ كثيرين من سكان المخيم اعتادوا على أجواء الجلوس جماعياً أمام موقد يجهزونه من حطب الأشجار عندما ينقطع التيار الكهربائي عن مدافئهم في فصل الشتاء من كلّ عام، لكنّ هذه الأجواء حتى، حُرموا منها، بسبب انتشار الفيروس هذا العام، في ظل التباعد الاجتماعي.

وقع جدار خارجي في منزل شوقي أبو حمد (50 عاماً) في حي الشيخ رضوان، غربي مدينة غزة، نتيجة الأمطار الشديدة، وتدفق المياه عليه وعلى باب المنزل، ما أضعف الأساسات وأسقطه. لكنّ أبو حمد لم يتمكن من إعادة بناء الجدار، فهو لا يملك المال، بالرغم من أنّه موظف يتبع السلطة الفلسطينية في رام الله، وهو من أصحاب الديون الكبيرة كما يشير. لم يستطع أبو حمد توفير احتياجات أسرته في فصل الشتاء هذا العام من ملابس وأغطية نوم وغيرها، فهو وموظفو السلطة الفلسطينية في غزة يتقاضون نصف رواتبهم منذ أكثر من عام كما يشير، وقد تراكمت ديون عليه لتغطية احتياجات أسرية سابقة. يشير إلى أنّ فصل الشتاء في ظلّ أزمة كورونا لن يرحمهم، وستزيد الأزمات المعيشية والنفسية عليهم. يقول أبو حمد: "هذا الشتاء، أتوقع أن يقع عدد من المنازل خصوصاً في المناطق النائية. معظمنا يحتاج إلى مساعدات لهذا الشتاء، وحتى أنا لديّ ابن مريض بالسرطان ويتلقى مساعدات لتأمين علاجه وبعض احتياجاته، لأنّ وضعي صعب جداً وما أتحصل عليه من الراتب يذهب إلى الديون حتى لا أسجن، لكن منذ أشهر لا يحصل ابني على أيّ مساعدة".

المساهمون