شهادات من مستشفى الناصرية المنكوب: باب واحد ومواد سريعة الاشتعال حوّلت المكان إلى فرن
رجّح مسؤولون بوزارتي الداخلية والصحة العراقيتين ارتفاع عدد ضحايا فاجعة مستشفى الناصرية إلى أكثر من 120 قتيلاً وجريحاً خلال الساعات المقبلة، بسبب استمرار استخراج رفات الضحايا، وتجميع عدد آخر من الرفات وفرزه، في حين يواصل ذوو الضحايا التجمع عند بوابات دائرة الطب العدلي أملاً بالتوصل إلى التعرف على مصير ذويهم.
ولا تزال نحو 30 جثة مجهولة الهوية تنتظر إجراءات الفحص للتعرف على أصحابها، وهو ما قد يأخذ وقتاً أطول.
ووفقاً للمشرف على عمليات الإنقاذ والإطفاء في الموقع، أحمد الأسدي، فإنّ "المستشفى عبارة عن بيوت كرفانية جاهزة من الصفيح، ومادة عازلة قابلة للاشتعال، ولها باب واحد للدخول والخروج، ما جعل المكان يبدو كأنه فرن ألقي به الضحايا".
وأضاف الأسدي، لـ"العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، أنّ "المكان تم تشييده داخل المستشفى كمركز للعزل، لكنه غير مطابق لأي اشتراطات للسلامة، بما فيها المواد التي استخدمت في بنائه، وهي 20 كرفاناً حديدياً تم وضع أسرة داخلها، مع قاعة انتظار خارجية وبابين؛ الأول كان مغلقاً ولم يستطع الضحايا الخروج منه، والثاني كان بعيداً نسبياً، وكانت النار قد تمكنت من كامل المكان"، مشيراً إلى أنّ "هناك مواد مستخدمة في مركز العزل ساعدت على اتساع رقعة النيران، كما لم تكن هناك أي مصادر للتهوية، ونعتقد أنّ بعض الضحايا قضوا خنقاً قبل أن تصل إليهم النار".
ورجّح أنّ "المرضى كبار السن ماتوا لأنهم لم يستطيعوا الركض أو القفز، وهناك عوائل نكبت بعدة أشخاص من المرضى ومرافقيهم، كما أنّ هناك ضحايا من الطاقم الطبي".
وأكد الأسدي أنّ "التحقيقات الحالية مستمرة لمعرفة مصدر الشرارة الأولى، وتوجد فرضيتان: الأولى شرارة كهربائية بفعل تماس حصل نتيجة التشييد السيئ للمكان، والأخرى هي انفجار قنينة أوكسجين من تلك المخصصة لمرضى ضيق التنفس".
وأكد الناشط الحقوقي، علي طالب، أنّ فرق الإطفاء وصلت إلى المكان سريعاً، لكن تعذر دخولها إلى القاعة المشتعلة رغم كثافة المياه والمواد التي تم ضخها لإخماد النيران، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أنّ "مستشفى حديثاً شيدته شركة تركية، كان يفترض أن يفتتح قبل أشهر لنقل المرضى إليه، لكن بسبب غايات انتخابية وسياسية، لم يتم افتتاحه".
ومن بين الضحايا أب وثلاثة من أبنائه كانوا في مركز العزل لحظة الحريق، كما قضى رجل وزوجته، وامرأة مع والدتها، ولم يتم حتى الآن التوصل لثلاثة من أفراد أسرة واحدة ما زالت في عداد المجهولين.
وقام مواطنون غاضبون بإحراق سيارتين للشرطة، وأخرى ضمن موكب قائد أمني كبير، بعد وصوله إلى مكان المستشفى المنكوب، كما هاجم آخرون مستشفيات أهلية، أحدها مرتبط بسياسي نافذ في أحد الأحزاب الدينية، وعيادة طبية تتبع رئيس دائرة صحة ذي قار، صدام الطويل، والذي قدم استقالته في ساعة متأخرة من ليلة أمس، لكن قراراً حكومياً أمر باحتجازه على ذمة التحقيق مع مسؤولين آخرين.
وردد المتظاهرون شعارات غاضبة عند باب دائرة الطب العدلي، وخلال تشييع عدد من الضحايا، متوعدين بإعادة التظاهرات مجدداً ضد الأحزاب والحكومة.
#الناصريه | العشرات من مُحتجي الحبوبي يغلقون كافة المُستشفيات الاهلية في المدينة . pic.twitter.com/s0RhXAidW3
— بسام النصرالله (@Bassam_nasralla) July 13, 2021
في السياق، أكدت وزارة الداخلية العراقية، في بيان، أنّ مركز العزل كان مشيداً بمادة سريعة الاشتعال داخل "مستشفى الحسين التعليمي" في مدينة الناصرية بمحافظة ذي قار، وأنه تم منع امتداد النيران لباقي أجزاء المستشفى.
وتناقل ناشطون صوراً لبقايا عظام بشرية في موقع الحريق، صباح اليوم الثلاثاء، ما يرجح ارتفاع حصيلة الضحايا بشكل أكبر.
ووفقاً لأحدث حصيلة، فقد تجاوز عدد الضحايا التسعين، وهناك عشرات آخرون بعضهم في حالة حرجة للغاية يرقدون في مستشفيات أخرى.
وعلى باب دائرة الطب العدلي، يتجمع العشرات بانتظار التعرف على ذويهم، أو تسلم الجثامين. وقال صادق المحمداوي (43 سنة)، إنه بانتظار تسلم جثمان شقيقه البالغ من العمر 60 سنة، وأضاف لـ"العربي الجديد"، أنّ "هناك آخرين أعرفهم قضوا في الحريق. نحن في ورطة. العراق كله في ورطة مع حكم هذه الأحزاب".
وبعد إعلان الحداد العام في محافظة ذي قار، شهدت مدن عراقية حملات لجمع التبرعات، وإرسال مساعدات عاجلة لمدينة الناصرية، وأبرزها البصرة، وبغداد، والأنبار.
Pure pain. A young Iraqi screams in pain as he identifies his mother’s body among dozens dead in yesterday’s fire at a Covid ward in a Nasiriya hospital. pic.twitter.com/a1YFOwj0DU
— Arwa Ibrahim (@arwaib) July 13, 2021