يمسك السوري عبد الغني الضحيك بملقط معدني ويطبق به على رأس أفعى سامة اصطادها سابقاً، طالباً من ابنه الابتعاد لمسافة آمنة كي لا يكون عرضة للدغة هذه الأفعى بحال حدوث خطأ، ويمارس الضحيك هوايته في صيد الأفاعي بمنطقة عفرين في ريف حلب الغربي.
ويأمل الضحيك أن تتحول هذه الهواية إلى مهنة، كما أوضح خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، تمكنه من استغلال السم المستخرج من هذه الأفاعي في تصنيع أمصال مضادة، كون هذه الأمصال غير متوفرة في المنطقة التي يقيم فيها، والتي تنتشر فيها الأفاعي بشكل كبير، ويبعد عنها أقرب مشفى مسافة 45 كيلومتراً، ما يهدد حياة أي شخص قد يتعرض للدغة أفعى سامة.
ويقول الضحيك: "أنا من مدينة تلبيسة (ريف حمص) ومن سكان ريف عفرين حالياً، أمارس هواية صيد الأفاعي السامة منذ الصغر في حمص، وبدأت أمارس الهواية هنا، أحاول أن أطورها لمهنة من خلال استخراج المصل. الأفاعي موجودة في كل المنازل، نحاول تخليص السكان من هذه الآفة ونحاول أن نستفيد منها، أبحث حالياً عن أحد يستخلص المصل المضاد لنفع الناس، كونه غير متوفر هنا وأقرب مشفى يبعد 45 كيلومتراً، وهذا قد يقتل من يتعرض للدغ".
ويتعامل الضحيك بحذر شديد مع الأفاعي، والحذر منها مطلوب بشكل كبير، وذلك عند إمساك رأس الأفعى خوفاً من جرح أو لدغة، يضيف: "أضعها في عبوة ولدي مأوى لها في البيت، أطعمها الفئران والعصافير والصيصان النافقة، أستخرج السم بالكأس وأضغط على الغدد السامة لاستخراجه، وأضعه في عبوة بعدها. الناس هنا يعرفون أني صياد أفاعٍ، لذلك يتصلون بي بشكل مباشر لتخليصهم منها".
وكما في القول المأثور "خصلة في الآباء يرثها الأبناء"، ورث محمد الضحيك مهنة أبيه ويقول عن ذلك، لـ"العربي الجديد"، بينما يضع عقرباً على يديه: "عمري 13 عاماً، ومنذ ولدت كان أبي يربي الأفاعي والعقارب، وهنا تنتشر الأفاعي السامة بكثرة، أبي يتعامل معها".
ينقل الطفل العقرب من يد إلى يد، وهو ينظر إليه بثقة من دون خوف من تعرضه للدغ: "أنا أحب الحيوانات غير السامة، لكن هذا العقرب مسلٍّ، أحاول ألا يلدغني، أحب هذه الهواية كثيراً، أحب هذه الحيوانات كهواية، أبي يحب الأفاعي الكبيرة السامة ولا أخاف منها أبداً، أبي دربني على أنواع الأفاعي السام منها وغير السام الذي لا يلدغ، وهناك أفاع سامة قد تؤدي لدغتها للموت، أحياناً نزيل إبرة العقرب كي لا يلدغ، نحاول عدم لمسه".
ويقصد أهالي القرية الواقعة في ريف عفرين عبد الغني للتخلص من الأفاعي التي تهدد حياتهم وحياة أطفالهم، إضافة لحياة ما لديهم من حيوانات، ومنهم عروة عبارة، النازح من حمص، الذي قال لـ"العربي الجديد": "لدينا انتشار كبير للأفاعي في ريف عفرين. كلما وجدنا أفعى نقصد أبو علي (عبد الغني)، نحن نتجنب التعامل مع هذه الأفاعي، نخاف من الاقتراب منها كونها سامة، ولا نعرف كيف نتعامل معها والمشافي بعيدة عن المنطقة. هو يعرف كيف يتعامل مع الأفاعي وهذه مهنته".
وتنتشر في منطقة عفرين العديد من الأفاعي، منها غير السامة وتمتاز بوجود علامة حمراء على جسدها، ومنها السامة كالأفعى البنية والأفعى الصفراء، وقد تكون لدغتها قاتلة بحال لم يحصل المصاب على المصل المضاد في الوقت المناسب، وطبيعة المنطقة الجبلية تشكل أماكن طبيعية لتكاثر هذه الأفاعي في المنطقة.