يختار العديد من الشباب الجزائري من مختلف الفئات العمرية العمل في مهن موسمية خلال فصل الصيف وموسم الاصطياف. ومن بين هذه المهن بيع المثلجات والشاي والخبز المنزلي والوجبات الخفيفة والمياه المعدنية والعصائر وتأجير الكراسي والطاولات والمظلات على الشواطئ، بالإضافة إلى بيع الفاكهة والغلال الموسمية، في محاولة لكسب الرزق، في ظل ظروفهم المعيشية الصعبة. كما يلجأ إليها العديد من تلاميذ المدارس وطلاب الجامعات من أجل ادخار بعض النقود التي تساعدهم على تأمين مستلزمات العام الدراسي.
ربح أكبر في نهاية الأسبوع
على شاطئ مطاريس في ولاية تيبازة الواقعة على ساحل البحر الأبيض المتوسط غربيّ الجزائر، حيث العديد من الآثار التي تعود إلى العهد الروماني، يتجول ياسر، وهو شاب عشريني من سكان ضواحي المدينة، حاملاً صينية عليها حلوى "البيني" (كعك محلى بالسكر والعسل)، وينادي المصطافين لشرائها. ويقول لـ "العربي الجديد" إن "بيع حلوى البيني أصبح تجارة مربحة بالنسبة إليّ وإلى عدد من الشباب على الشاطئ"، لافتاً إلى أن هذا العمل يتطلب الصبر. يضيف: "أعمل طوال اليوم وأتحمل حر الشمس لأبيع ما أمكن". يضيف أنه عادة ما يجني ربحاً أكبر خلال عطلة نهاية الأسبوع بسبب زيادة عدد المواطنين والسياح الذين يقصدون الشواطئ لاسيما خلال هذه الفترة من السنة.
ويغتنم شباب عزلة بعض الشواطئ وبعدها عن المحال التجارية لبيع "خبز الدار" الذي يصنع في البيت ويباع للمصطافين بشكل خاص الذين يقبلون على شرائه وتناوله كوجبة غداء. وعلى شاطئ شنوة في الولاية نفسها، يبيع محمد (17 عاماً) الشاي. ويقول: "هذه ليست المرة الأولى التي أبيع فيها الشاي متجولاً، وقد تعلمت كيفية إعداده منذ سنوات. أمشي مسافات طويلة على الشاطئ القريب من البيت لبيع الشاي"، مشيراً إلى أن الصيف فرصة لمساعدة عائلته، في ظل الغلاء المعيشي والاستعداد لبدء العام الدراسي الجديد". كذلك يعتمد بعض الشباب على بيع الذرة المشوية على الفحم.
منذ أربع سنوات، اعتاد علي، وهو طالب جامعي من ولاية تيميمون الصحراوية جنوبيّ الجزائر، التوجه إلى منطقة شرشال الساحلية (120 كيلومتراً غرب العاصمة الجزائرية)، بعدما باتت تربطه علاقة بإحدى العائلات في المنطقة، حيث يقضي عطلته الصيفية فيها بعيداً عن حر الصحراء. في الوقت نفسه، يستغل الإجازة لبيع الشاي. ويقول: "اشتريت إبريق شاي من الحجم الكبير، أو ما يعرف باسم البراد، مع قاعدة فيها سلة حديدية يمكن أن يوضع فيها الجمر ليبقى الشاي ساخناً". يضيف أنه يبيع الفول السوداني المملح مع الشاي لتوفير دخل يساعده على تأمين حاجياته قبل بدء العام الدراسي.
البحر باب للرزق
في المدن الساحلية وعلى الطرقات المؤدية إلى الشواطئ والأماكن القريبة من البحر، يعرض بعض الشباب الكراسي الصغيرة والطاولات والمظلات التي يحتاجها المصطافون لتأجيرها، بالإضافة إلى بعض المستلزمات كملابس البحر وألعاب الأطفال والسترات البلاستيكية لتفادي الغرق والمثلجات، حيث يتوقف المصطافون للتزود بما يلزمهم للاستمتاع بالبحر.
ويؤكد وسيم الذي يتحدر من بلدة حمر العين أنه ينتقل قبيل الموسم الصيفي إلى مدينة العلمة (تابعة لدائرة العلمة بولاية سطيف)، وهي منطقة تجارية تشتهر بالبيع بالجملة، لاقتناء كمية من الكراسي والطاولات ومستلزمات البحر والاصطياف، لعرضها على الطريق المؤدي إلى الشاطئ، مع الإشارة إلى أن بلدته تُعَدّ الممر الرئيسي للمصطافين القادمين من عدة ولايات كالبليدة وعين الدفلى والشلف والمدية إلى البحر، وهو ما يدرّ عليه عائداً مالياً معقولاً. ويقول: "أحقق من خلال عملي هذا أرباحاً كثيرة". يضيف: "مع بداية فصل الصيف، كان الطلب على هذه المستلزمات ضئيلاً ليزداد بعد عيد الأضحى وإعلان نتائج شهادة البكالوريا".
ويعرض بعض الشباب مستلزمات البحر من كراسيّ ومظلات وطاولات للإيجار بمبلغ مقبول. ويحوّل عدد منهم الشواطئ والموانئ ليلاً إلى منطقة حيوية نشطة تجارياً. ففي ميناء تيبازة الصغير المخصص لمراكب الصيد، يكثر باعة المرطبات والمشروبات والآيس كريم، وتنتصب خيم صغيرة توضع فيها طاولات وكراسيّ تتيح للعائلات الجلوس المريح وتناول ما يحلو لهم. وبعض هذه الخيام تقليدية وتعرف بالموروث الصحراوي. ويستغل بعض الشباب من محترفي الصناعات التقليدية كالفخار والفضة والتحف فصل الصيف وإقبال السياح والمصطافين على الشواطئ، لبيعهم بعضاً من مصنوعاتهم الحرفية كتذكار.