لا تبدو الحياة الجامعية سهلة لطلاب تونس من أبناء العائلات الفقيرة أو متوسطة الدخل، حيث يطاول ارتفاع تكاليف الحياة هذه الفئة رغم المساعي الحكومية لتمكين نحو نصف طلاب الجامعات من منح وقروض، غير أنّ ضعف الإمكانيات المادية وعدم تقنين العمل الطلابي يكدّران صفو سنوات الدراسة.
ويشكو الطلاب في تونس من تأثير الغلاء وارتفاع الأسعار على حياتهم الجامعية، وأحياناً على مردودهم الدراسي، في غياب قوانين تنظّم عمل من يدرسون في الجامعات لساعات محدّدة بما يمكّنهم من الحصول على مداخيل، إضافة إلى ما يحصلون عليه من أسرهم أو المنح الحكومية.
ويعتبر طلبة الجامعة أنّ أغلبهم غير قادر على مجاراة المصاريف الأساسية من إيجار وأكل ومستلزمات الدراسة، سيما وأنّ الدراسة عن بُعد أصبحت تفرض عليهم نفقات ضرورية للربط بشبكة الإنترنت بنسبة تدفق عالية.
ويقول ياسين الغربي (21 عاماً)، وهو طالب بالسنة النهائية بمعهد للدراسات التكنولوجية في العاصمة تونس إنه يتقاسم بيتاً للإيجار مع 3 من زملاء الدراسة بـ500 دينار (حوالي 175 دولاراً أميركياً)، مؤكداً أنّ الحد الأدنى من نفقاته الشهرية يتراوح ما بين 250 و300 دينار.
في المقابل يقول الغربي إنه يحصل على منحة جامعية لا تتجاوز الـ100 دينار (حوالي 35 دولاراً أميركياً)، حصل عليها في يناير/ كانون الثاني الماضي؛ أي بعد نحو 3 أشهر من انطلاق السنة الجامعية، وأشار إلى أنّ "كلفة التسجيل في الجامعة وتأمين الكراء واشتراك النقل بلغت أكثر من 600 دينار".
ويعتبر الغربي أنّ "الوضع المالي والاجتماعي لجزء كبير من طلاب الجامعات الحكومية سيئ، فضلاً عن التراجع الكبير في نوعية خدمات الإعاشة والأكل بالمطاعم الجامعية، التي تقدم وجبات غير جيدة بالمرة ومنفّرة للطلاب".
وانتقد الطالب الجامعي تأخّر صرف المنحة الجامعية إلى شهر يناير/ كانون الثاني، فضلاً عن طول إجراءات دراسة الملفات التي يقدمها الطلاب لديوان الخدمات الجامعية بهدف الحصول على المساعدات المالية.
وتمنح الحكومة المنح والقروض الجامعية لأكثر من 88200 طالب جامعي، موزّعة على المراحل الجامعية المختلفة بقيمة تتراوح ما بين 1320 دينار (حوالي 460 دولاراً أميركياً) لطلبة الإجازة و3000 دينار (حوالي ألف دولار أميركي) سنوياً لطلبة الدكتوراه.
وتمنح تونس المنحة للطلاب بناء على دراسة لوضعهم الاجتماعي، بعد تقديم مؤيدات من 10 وثائق تؤكد أنّ الدخل الأسري للطالب لا يتجاوز 4887 ديناراً سنوياً، شرط عدم قيامهم بأي عمل يتقاضون عليه أجراً.
وتنتقد الطالبة جيهان السعيداني، في تصريح لـ"العربي الجديد"، التشدّد في شروط الموافقة على المنح الجامعية للطلبة، مؤكدة أنّ الأسر التي يتجاوز دخلها الشهري الـ600 دينار لا يمكن لأبنائها التمتع بالمساعدة، معتبرة أنّ هذه الشروط تحتاج إلى مراجعة شاملة.
وأوضحت جيهان أنّ "الـ600 دينار لم تعد كافية لتأمين مصاريف طالب واحد في ظلّ ارتفاع كلفة الدراسة والسكن والنقل والمعيشة". وأشارت إلى أنّ "الطلاب كانوا إلى حدود الثمانينيات يصنّفون ضمن الفئة الميسورة إذ تمنحهم الدولة منحاً تضاهي أجور الموظفين، وهو ما يسمح لهم بالدراسة في ظروف جيدة لا تؤثر على نفسياتهم ومردودهم الدراسي".
وقالت إنّ "الرفاهية باتت ممنوعة على جزء كبير من الطلبة التونسيين من أبناء العائلات المتوسطة والضعيفة الدخل".
وطالبت جيهان بـ"وضع أطر قانونية للعمل الطلابي وتنظيم هذا القطاع على غرار العديد من الدول الأوروبية، من أجل تمكين الطلاب من مصادر دخل إضافية في أطر قانونية تحمي حقوقهم وواجباتهم"، وشدّدت على أنّ الارتقاء بوضع هذه الفئة يساعدهم على تحقيق التميّز الدراسي.