يواصل طلاب الطب وطب الأسنان والصيدلة في المغرب تصعيد احتجاجاتهم، التي أطلقوها قبل 45 يوماً ضدّ وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية، من خلال تظاهرة وطنية بعد غدٍ الخميس في مدينة وجدة (شرق) تحت عنوان "الخميس الأسود".
وكان هؤلاء الطلاب قد بدأوا احتجاجاتهم في 16 ديسمبر/ كانون الأول الماضي بإضراب مفتوح عن التدريب في المستشفيات والدروس النظرية والتطبيقية إلى جانب مقاطعة الامتحانات، احتجاجاً على تغييرات تطاول دراسة الطب والصيدلة في المغرب ومتعلقة أساساً بقرار تقليص سنوات الدراسة من سبع إلى ستّ سنوات. ويطالب هؤلاء كذلك بهيكلة السلك الثالث، ووضع تصوّر واضح حول طب الأسرة بهدف إضافته في السنة السادسة.
وأفادت "اللجنة الوطنية لطلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة"، في بيان أصدرته اليوم الثلاثاء، بأنّ كليات الطب والصيدلة في المغرب ما زالت تعاني من أزمات تطاول كلّ الجوانب التنظيمية والتربوية، على الرغم من تبدّل المسؤولين.
وانتقدت اللجنة الوطنية، في بيانها، "سياسة التجاهل واللامبالاة" التي انتهجها المعنيون إزاء "المطالب العادلة والمشروعة لأطباء وصيادلة الغد"، بالإضافة إلى "نشر المغالطات وتضليل الرأي العام، مع عقد مجالس الكليات من أجل جدولة الامتحانات من دون أدنى اعتبار للمطالب الأساسية العالقة في الملف المطلبي، وفرض سياسة الأمر الواقع والتهديد غير المباشر بغية زعزعة الجسد الطالبي".
وشدّدت اللجنة الوطنية على أنّ "الإصلاح يبدأ بالتخلي عن سياسة التضليل والتعتيم، ويبدأ باتخاذ وتنزيل قرارات توافقية واقعية وملموسة"، داعية المسؤولين إلى "الدخول في حوار جاد ومسؤول بعيداً عن أساليب اللفّ والدوران، ومن دون تجاهل للمحاور الأساسية للملف المطلبي من أجل وضع حدّ للأزمة الحالية واستئناف السنة الجامعية واستكمالها في ظروف جيدة".
وفي الإطار نفسه، قال منسّق "اللجنة الوطنية لطلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة" محمد المهدي بن حميدا لـ"العربي الجديد" إنّ "قرار تخفيض عدد سنوات التكوين وزيادة عدد الوافدين مثّل النقطة التي أفاضت الكأس"، موضحاً أنّ "تقليص عدد سنوات التكوين من سبع إلى ستّ سنوات وزيادة عدد الوافدين يعنيان ضياع الطالب في نحو 600 ساعة من التكوين، وهو أمر سوف يكون على حساب صحة المواطن".
أضاف بن حميدا أنّ "قرار تقليص عدد سنوات التكوين من شأنه أن يعود بالتكوين الطبي في المغرب إلى الخلف، إذ لا يوجد بلد في العالم يسمح للطالب بأن يمارس الطب منذ السنة السادسة".
وبيّن بن حميدا أنّ "مطلب اللجنة الوطنية واضح وهو جودة التكوين، لأنّ جودة التكوين هي صحة المواطن، ولأنّ التراجع في مستوى التكوين يهدّد الاعتراف الذي يحظى به الطبيب المغربي في الخارج".
وقد أتى إعلان تصعيد الاحتجاحات في وقت أفاد فيه وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار عبد اللطيف ميراوي، أمس الاثنين، في مجلس النواب (الغرفة الأولى من البرلمان المغربي)، بأنّه تمّت الاستجابة للمطالب التي تخصّ طلاب كليات الطب بمعظمها.
وأوضح ميراوي، في معرض ردّه على سؤال محوري خلال جلسة الأسئلة الشفوية حول "تكوين طلاب الطب وطب الأسنان والصيدلة في ظلّ التطوّرات الحالية"، أنّ وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية "استجابتا لـ45 مطلباً من أصل 50 تقدّمت بها تنسيقية طلاب كليات الطب، في حين أنّ النقاش ما زال قائماً بشأن النقاط الخمس المتبقية".
وتابع ميراوي أنّ وزارته عملت بمعية القطاعات الوزارية المعنية، خصوصاً وزارة الصحة والحماية الاجتماعية وكذلك رئاسة الحكومة، على تجويد عمليات التكوين الخاصة بطلاب الطب والصيدلة، من خلال مراجعة دفاتر الضوابط البيداغوجية (التربوية) الوطنية الخاصة بهذه العمليات، بما في ذلك مراجعة تقليص عدد سنوات التكوين من سبع إلى ستّ من أجل تكوين دكتور في الطب.
ولفت وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار إلى أنّ مجموعة من الدول تحدّد عدد سنوات التكوين بستّ، وهي ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وأيرلندا، فيما تحدّد الولايات المتحدة الأميركية سنوات التكوين بأربع بالإضافة إلى أربع سنوات للتخصّص، أمّا السنوات السبع فلا تعتمدها إلا فرنسا وعدد من الدول الفرنكوفونية.