- الحصار الإسرائيلي يفاقم الأزمات الإنسانية في غزة، مسببًا شح في الغذاء والماء والدواء، وقد أدى إلى مجاعة أسفرت عن وفاة عدد من الفلسطينيين بما في ذلك أطفال.
- استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة رغم الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار، مخلفة دمارًا هائلًا وخسائر بشرية جسيمة، وتحديات كبيرة في توزيع المساعدات الإنسانية بسبب القيود الإسرائيلية.
يكافح الفلسطيني المسن جميل الفيومي وأفراد عائلته للبقاء والصمود داخل خيمة مؤقتة نصبوها بجوار أنقاض منزلهم المدمر، بعد فقد أبنائهم الثلاثة في هجمات إسرائيلية على حي الشجاعية شرقي مدينة غزة.
وبدأ الفيومي وعائلته التي تصر على البقاء فوق أنقاض منزلها المدمر، عمليات البحث والتنقيب عن مقتنيات وممتلكات يمكن استصلاحها بعد استخراجها من تحت الركام. حيث يجول الرجل المكلوم بناظريه في المكان، متأملا الدمار الكبير الذي حل بالمنطقة بعد الاستهداف والتدمير الإسرائيلي، ويقول: "المنطقة بأسرها مقلوبة وأصبحت خراباً ودماراً، ولا أعرف ماذا أفعل، الوضع صعب للغاية والأوضاع المعيشية معقدة".
ويقف الفيومي (63 عاماً) بضع دقائق بجوار الركام الناجم عن الاستهداف الإسرائيلي العنيف، قبل أن يجلس على كرسي وضعه أمام خيمته المؤقتة في المكان، بعد شعوره بالتعب والإرهاق بسبب الهزال الشديد الناجم عن سوء التغذية، آملاً أن تنتهي الحرب الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة في أقرب وقت، وعودة الحياة إلى ما كانت عليه قبل 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
الحياة على أنقاض ما تبقى في غزة
وأشار الفيومي إلى صعوبة الأوضاع المعيشية وتفاقم الأزمات الإنسانية والصحية والبيئية، فضلاً عن شح الغذاء والماء والدواء مضيفاً: "عندي 3 شهداء وآخر مصاب، والوضع واضح ولا يحتاج إلى وصف، نريد فقط أن نعيش ونأكل ونشرب مثل باقي البشر".
ومع اشتداد الحصار الإسرائيلي المطبق على قطاع غزة وعزل الشمال عن الجنوب، في ظل استمرار حرب إسرائيل المدمرة، أصبح الجوع وسيلة أخطر على الفلسطينيين من الصواريخ، إذ يعانون نقصاً حاداً في المياه والغذاء حوّل حياتهم اليومية إلى كابوس يؤرقهم.
وتسببت المجاعة شمالي غزة في تفاقم الأزمات الإنسانية غير المسبوقة جراء الحرب الإسرائيلية المتواصلة على القطاع منذ السابع من أكتوبر الماضي، واستشهاد عدد من الفلسطينيين ولا سيما الأطفال، حيث "استشهد 28 طفلاً بسبب المجاعة"، وفق المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.
وتجلس أم محمد زوجة الفيومي على الأرض أمام خيمتها الصغيرة تنظر إلى منزلها المدمر، قائلة إنّ "الوضع يزداد سوءاً كل يوم، فنحن نعيش هنا بين الأنقاض. لا طعام ولا ماء. ولم نحصل على مساعدات"، مضيفة: "ما المساعدات التي نحصل عليها؟ 5 كيلوغرامات من الدقيق مرة واحدة منذ بداية الحرب. الأوضاع تتدهور والمفاوضات ونتائجها المعلنة هي مجرد مسكنات لأوجاعنا وتخديرنا، فلا يوجد حل".
وتطالب العالم أجمع بوقف الحرب الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة، والوقوف إلى جانب الفلسطينيين في ظل الإبادة الجماعية التي يتعرضون لها، وتقديم كل أشكال الدعم اللازم لنصرتهم، مستذكرة بحزن ودموع الألم على وجنتيها، أبناءها الثلاثة الشهداء والرابع الذي بترت قدمه، وتتساءل مستنكرة: "ألا يكفي ذلك؟ تناولنا أكل الحيوانات، وتقبلنا كل شيء، لكن لم يعد هناك قدرة على التحمل".
وتقيّد سلطات الاحتلال الإسرائيلي، منتهكة القوانين الدولية، وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة الذي يسكنه نحو 2.3 مليون فلسطيني، ولا سيما براً، وتدعوها الأمم المتحدة إلى فتح المعابر البرية لإغراق القطاع بالمساعدات قبل أن تلتهم المجاعة مزيداً من السكان.
وفي محاولة لتدارك الأزمة، تواصل دول عربية وأجنبية تعاونها من أجل إنزال المساعدات جواً على مناطق شمال القطاع، إلا أنها تظل غير كافية ولا تسد الاحتياجات العاجلة للفلسطينيين هناك، ولا تحقق عدالة في التوزيع.
ومنذ 7 أكتوبر 2023، تواصل إسرائيل حربها على قطاع غزة مخلفة أكثر من 110 آلاف بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، ودماراً هائلاً ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين، وفق بيانات فلسطينية وأممية. كما تواصل إسرائيل الحرب رغم صدور قرار من مجلس الأمن بوقف إطلاق النار فوراً، ورغم مثولها أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب "إبادة جماعية".
(الأناضول، العربي الجديد)