توصّلت دراسة قادها خبراء من المملكة المتحدة إلى أنّ عقار Keytruda- المعروف أيضاً باسم pembrolizumab- ربما يكون علاجاً مناعياً واعداً، ويمكن أن يقلّل من خطر عودة أنواع مختلفة من سرطان الثدي بنسبة تصل إلى أكثر من الثلث. وبحسب الدراسة التي نُشرت في New England Journal of Medicine، فإنه يمكن اعتماد هذا الدواء مع العلاج الكيميائي قبل الجراحة، ثم مرة أخرى بعد إجراء العمليات الجراحية لاستئصال الأورام، إذ يساعد في تقليل فرصة عودة المرض لدى النساء المصابات بسرطان الثدي الثلاثي السلبي، وهو نوع عدواني من المرض.
وبحسب الدراسة، فإن سرطان الثدي الثلاثي السلبي يصيب 15 في المائة من إجمالي مرضى سرطان الثدي، الذين لا تتجاوب خلاياهم السرطانية مع مستقبلات الاستروجين والبروجسترون وغيرها، الأمر الذي يؤدي إلى نمو السرطان وفشل نسبي في العلاج الهرموني لعدم قدرته على استهداف المستقبلات، فيكون العلاج الكيميائي الخيار الأنسب.
المثير في الدراسة الحديثة، بحسب صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، أنّ هذا العقار أثبت فاعليته لمنع ظهور الأورام لدى العديد من السيدات اللواتي يعانين من سرطان الثدي. ففي تجربة خضعت لها 1174 مريضة، في 21 دولة، في المرحلة الثانية أو الثالثة من سرطان الثدي الثلاثي السلبي غير المعالج سابقاً، تمّ استخدام عقار Keytruda لمعالجتهن، وتبيّن أن المرض لم ينتشر مجدداً خارج الثدي والغدد الليمفاوية. وبعد فترة متابعة استمرّت أكثر من ثلاث سنوات، وجد الخبراء بقيادة جامعة كوين ماري في لندن وBarts Health NHS Trust، وهو واحد من أكبر المستشفيات في المملكة المتحدة، أنّ خطر تكرار المرض كان أقلّ بنسبة 37 في المائة لدى المرضى والمريضات الذين عولجوا بمزيج من الأدوية مقارنة مع أولئك الذين عولجوا بالعلاج الكيميائي وحده.
ويُعرف عقار Keytruda، بحسب الموقع الإلكتروني للشركة المنتجة، بأنه دواء يساعد في معالجة أنواع مختلفة من سرطان الجلد بالدرجة الأولى، كما يستخدم لمعالجة سرطان الرئة والغدد الليمفاوية، ويمكن استخدامه للبالغين والأطفال الذين تبلغ أعمارهم 12 عاماً وما فوق. يعمل الدواء عن طريق مساعدة جهاز المناعة على التعرّف إلى الخلايا السرطانية ومهاجمتها، ويتم إعطاؤه في محلول بالتنقيط في مجرى دم المريض.
نتائج واعدة
يرى رئيس الدراسة بيتر شميد، من مستشفى كوين ماري وسانت بارثولوميو في المملكة المتحدة، أنّ إضافة العلاج المناعي إلى العلاج الكيميائي قبل الجراحة تزيد من استجابة المرضى المصابين بسرطان الثدي الثلاثي السلبي للعلاج وقت الجراحة، وقال، بحسب ما نقلته صحيفة "ذا غارديان": "لدينا الآن نتائج طويلة الأمد تثبت أنّ العلاج المركب يقلّل بشكل كبير من تكرار الإصابة بحوالي 37 في المائة، بما في ذلك الحدّ من سرطان الثدي الثانوي بنسبة 39 في المائة".
هذه النتائج تشير إلى أنّ معدل الشفاء من هذه السرطانات يزداد بشكل ملحوظ. وتشير التقديرات إلى أنه في الولايات المتحدة وحدها، حيث تمت الموافقة على هذا العلاج أخيراً من قبل إدارة الغذاء والدواء، أنقذ العلاج ما يصل إلى 10 آلاف شخص سنوياً من عودة سرطان الثدي.
ورحّبت الدكتورة كوترينا تيمسينايت، من جمعية "سرطان الثدي الآن" (مؤسسة خيرية بريطانية تقدم أبحاثاً على مستوى عالمي حول سرطان الثدي)، بنتائج الدراسة، وقالت "إنّ خطر عودة سرطان الثدي السلبي الثلاثي وانتشاره إلى أجزاء أخرى من الجسم في السنوات القليلة الأولى بعد العلاج أعلى من سرطانات الثدي الأخرى، لذا فإنّ نتائج هذه الدراسة قد تساعد في حماية النساء من عودة السرطان".
دراسة سابقة
وكانت دراسة سابقة نشرت في مجلة Nejm الطبية البريطانية في العام 2020، قد أظهرت أنّ استخدام عقار pembrolizumab، أو Keytruda، يساعد كمضاد للأورام السرطانية. ففي دراسة عشوائية تمّت على عدد من المرضى الذين يعانون من سرطان الثدي الثلاثي السلبي، والذين تمّ تقسيمهم إلى مجموعتين، في المجموعة الأولى، حصل المرضى على دواء pembrolizumab مع العلاج الكيميائي، فيما المجموعة الثانية حصل أفرادها على علاج وهمي. تبيّن في التحليل المؤقت الأول أنّه من بين أول 602 مريض خضعوا للتجربة، كانت النسبة المئوية للمرضى الذين أظهروا استجابة مناعية كاملة 64.8 في المائة، وهذه الفئة كانت من ضمن مجموعة العلاج الكيميائي مع استخدام عقار pembrolizumab، فيما المجموعة الثانية التي تضمّ العلاج الوهمي، فقد وصلت النسبة المئوية لاستجابة أفرادها المناعية إلى 51.2 في المائة، أي أن الفرق في العلاج المقدر كان نحو 13.6 في المائة.
لم تقف حدود الدراسة عند هذا الحد، بل أظهرت أيضاً أنّ 58 مريضاً من أصل 784، أي ما نسبته 7.4 في المائة في مجموعة العلاج الكيميائي pembrolizumab، و46 مريضاً من أصل 390 مريضاً في مجموعة العلاج الكيميائي الوهمي، عانوا من تطوّر المرض، ولم يستجيبوا لأي علاج.
وخلصت الدراسة حينها إلى أنّه من بين المرضى الذين يعانون من سرطان الثدي الثلاثي السلبي المبكر كانت النسبة المئوية للاستجابة المرضية الكاملة أعلى بشكل ملحوظ بين أولئك الذين تلقوا pembrolizumab بالإضافة إلى العلاج الكيميائي المساعد الجديد من أولئك الذين تلقوا العلاج الوهمي بالإضافة إلى العلاج الكيميائي المساعد الجديد.