غيّبت جائحة كورونا أجواء الاحتفال بعيد الطفل لهذا العام، فبعد سنة صعبة منذ ظهور الوباء تعمّق شعور أطفال تونس بحرمانهم المرح والترفيه، وتزايد حجم مخاطر الاضطرابات النفسية وأمراض القلق والاكتئاب.
وتعيش تونس عادة خلال هذين الأسبوعين من السنة زخماً من البرامج والأنشطة والاحتفالات الموجهة للطفل وللعائلة عموماً، تزامناً مع إحياء اليوم الوطني للطفل في الحادي عشر من يناير/ كانون الثاني من كل عام، غير أنّ جميع التظاهرات ألغيت بسبب تواصل تفشي وباء كورونا وفرض تدابير صحية وقائية.
واعتاد التونسيون في السنوات السابقة استغلال هذه الفترة للترويح عن أبنائهم وإشراكهم في مختلف البرامج التي تعدها السلطات والمنظمات الأهلية، على غرار مهرجان الطفل والسينما الموجهة للطفولة ومهرجان مسرح العرائس والكورال والسيرك، وغيرها.
ولعل أبرز التظاهرات المؤجلة التي حزّت في نفوس الأطفال والأهالي، "مهرجان نيابوليس الدولي لمسرح الطفل" في دورته الـ 34، إذ أعلنت الهيئة المنظمة أسفها لعدم انعقاده هذا العام بسبب خطورة الوضع الصحي.
واليوم، تواجه العائلات ضغطاً مضاعفاً بعد امتحانات الفصل التعليمي الأول وعطلة غاب عنها الترفيه حيث تمرّ الأيام ثقيلة كئيبة.
وأكدت رفيقة مذكور، مديرة "روضة أطفال ديزناي"، لـ"العربي الجديد"، اليوم الاثنين، أنه لم تُنظَّم أي تظاهرة للأطفال خلال عيد الطفولة التزاماً بالتدابير الوقائية الصحية، مشيرة إلى أن سلامة الأطفال وصحتهم "مسؤولية وأمانة".
ولفتت إلى أنه يُتَّبَع بروتوكول صحي مشدد خلال أيام العمل، من خلال تقليص عدد الأطفال في كل فصل إلى 10 على الأقصى وفرض التباعد بين مناضدهم والتعقيم الدوري والمستمر للألعاب والفضاءات وتهوية الفضاءات والحرص على منع الاختلاط.
وبيّنت مذكور صعوبة التعاطي مع الأطفال في هذه السن المبكرة، إذ يحتاجون إلى الاختلاط وتشارك الألعاب والأنشطة، كذلك إن غالبية الألعاب والأنشطة تتطلب من القائمين عليها التواصل المباشر والاختلاط مع الأطفال، و"هو ما أصبح صعباً في ظل هذه الظروف".
وأشارت إلى أن وباء كورونا "أثّر نفسياً في الأطفال من خلال فرض تدابير وقائية قاسية على نفسية الطفل، وإكراهه باستمرار على استعمال المعقمات وفرض التباعد وتكرار المحذورات كالمصافحات ولمس الأشياء والعناق، التي أصبحت مصدر قلق للأطفال".
وشددت مذكور على أن اللعب والمرح بالنسبة إلى الأطفال في هذه السن "مسألة أساسية في تكوينهم النفسي، والتضييق على هذه الحاجة الحياتية يعد تهديداً لسلامتهم النفسية وخطراً على استقرار وتوازن شخصيتهم وبنيتها".
واعتبرت أنّ من الصعب خلق برامج بديلة للترفيه عن الطفل، فلا مناص من الأنشطة الجماعية المباشرة والتشارك من أجل ضمان اندماج الطفل في محيطه المجتمعي، محذرة من أنّ فرض التباعد من شأنه أن يخلق جيلاً معزولاً منكمشاً من شباب المستقبل".
وتفيد تقارير سابقة لمنظمة الصحة العالمية، بأنّ التونسيين يعانون اكتئاباً بشكل كبير، حيث تحتل تونس المرتبة الثالثة من بين الدول الأفريقية الأكثر اكتئاباً.
وحذّر اختصاصي الأمراض النفسية عماد الرقيق، في حديث لـ"العربي الجديد"، من المخاطر النفسية طويلة الأمد لجائحة كورونا على الأطفال في ظل تواصل الضغوط والتأثيرات السلبية المترتبة عنها منذ ما يقارب السنة، مشيراً إلى خطورة تداعيات حرمان الطفل اللعب واللهو والاستمتاع.
وأشار الرقيق إلى إمكانية ظهور اضطرابات نفسية لدى الأطفال جراء الحرمان أو كثرة الضغوط، من بينها مشاكل اضطرابات القلق والضجر والحزن واضطرابات سلوكية ناجمة عن هذه الأسباب، وقد تنعكس في فقدان الشهية للأكل أو فقدان الوزن أو العكس تماماً.