يتميّز عيد الفطر في قطر بطقوسٍ تُدخل الفرح إلى قلوب العائلات، وعلى الرغم من تغيّر بعض التفاصيل، حافظ القطريون على طقوسهم المليئة بالأجواء الاحتفالية واللقاءات.
صحيح أن تفاصيل الاحتفال بعيد الفطر ومظاهره تختلف من بلد إلى آخر، إلا أن الجميع يتشاركون بتبادل التهاني والتبريكات بالعيد، للأهل والأقارب والجيران. في قطر، يحرص الناس على أداء صلاة العيد في المساجد والمصليات التي تقام في الهواء الطلق، وزيارة الأقارب والجيران، وتبادل التهاني، والاجتماع في بيت "العود" (كبير العائلة). وتُنظّم الجهات الثقافية والاجتماعية مهرجانات وعروضاً خاصة بالعيد.
يقول الكاتب والروائي القطري جمال فايز، لـ"العربي الجديد"، إن تحضيرات عيد الفطر تبدأ في العشر الأواخر من رمضان من خلال شراء الفاكهة وملابس جديدة، وخصوصاً للأطفال، وتحضير الحلوى مثل اللقيمات والعصيدة. ويستذكر طفولته خلال منتصف سبعينيات القرن الماضي. في ذلك الوقت، كان ثوب العيد يوضع تحت الفراش، نظراً لعدم توافر مكواة. وقبل العيد، تكون الناس قد جهزت زكاة الفطر، واشترت خروف العيد الذي يدخل البهجة إلى البيوت القديمة المبنية من الطين. ويلعب الصغار مع الخروف الذي يوضع في الحوش قبل ذبحه في صباح العيد، ويطعمونه بعض المأكولات.
يضيف أن الاستيقاظ يوم العيد يكون مبكراً جداً. وبعد ارتداء الملابس الجديدة وأخذ ما يطيب من البخور، يرتدي الرجال الثوب الأبيض الذي يمثل اعتزازاً وطنياً بالموروث الشعبي، وهو الثوب الرئيسي والرسمي للرجال في قطر، ويرتديه الكبار والصغار ويتميز بطريقة حياكته المريحة، لكونه فضفاضاً وواسعاً من الوسط حتى القدمين، ويمنح لابسه السهولة في الحركة والمشي. ولا ينسون الغترة (قطعة قماش بيضاء مصنوعة من القطن الخفيف تُثنى بشكل مثلث توضع على الرأس ويقوم العقال بتثبيتها) و"البشت" (عباءة)، وكأنه يوم زفاف وعرس لأحد الأبناء. يسلّم الأبناء الذكور على الآباء و يحبونهم (تقبيل) على رؤوسهم، ليخرجوا جميعاً سيراً على الأقدام (قبل توافر السيارات) إلى المسجد أو المصلى لأداء الصلاة وحضور خطبة العيد.
ويقول إنه بعد انتهاء الخطبة والصلاة، ينهض الناس ويتبادلون عبارات التهاني بالعيد، منها "عساكم من عواده". يرجع الأب إلى المنزل، فيقدم عليه الأبناء والبنات الصغيرات ليعطيهم العيدية التي كانت آنذاك ريالين، وفي أحسن الأحوال لا تتعدى الخمسة ريالات، وليس كما اليوم إذ تتجاوز الـ 500 ريال (حوالى 135 دولاراً في الوقت الحالي). بعدها، يجلس الوالد في المجلس ويستقبل أخوانه الأصغر سناً، ويتبادلون التهاني، ويحتسون القهوة العربية، وتكون المائدة عامرة بالفاكهة المختلفة وبعض المأكولات الشعبية الخفيفة، لتعد بعدها وليمة الغداء ويحضرها جميع أفراد العائلة رجالاً ونساء وصغاراً. وعند العصر، يخرج الرجال ويطوفون على مجالس "الفريج"، بينما يجوب الصغار منازل الحي للمعايدة والحصول على نقود أو حلويات.
وعن تجهيزات المرأة القطرية وكيفية قضائها العيد، تقول الباحثة المتخصصة في الاستدامة ميرفت إبراهيم، لـ"العربي الجديد"، إن النساء يخترن أجمل العباءات لإطلالاتهن في العيد. وتتميز المرأة القطرية بعباءتها الفضفاضة. أما عباءة الرفع الحريرية، فتلبس مع شيلة خفيفة مطرزة أو مشغولة بالخرز بأشكال دقيقة. وتحرص المرأة على تخضيب يديها بالحناء، وارتداء العباءات التي تحمل طابع التراث القطري وتتمتع بالتصاميم والخامات الملونة والجميلة. تتابع قائلة إن الاحتفال بالعيد لا يقتصر على ملابس العيد فقط، بل لا بد من إعداد الكعك والبسكويت ومشتقاته مثل "الغريبة" و"البيتيفور". ويعتبر ذلك من مظاهر عيد الفطر، سواء أُعدّ في المنزل أو اشتُري من السوق. ويعتبر العيد فرصة للزيارات العائلية واستقبال الضيوف للتهنئة.
وتؤكد إبراهيم حرص الكثير من القطريات على أداء صلاة العيد في المساجد الكبرى أو المصليات التي تخصص فيها أماكن للنساء. كذلك تخرج الكثير من النساء مع أولادهن إلى الساحات والحدائق ومراكز التسوق الكبرى والحي الثقافي "كتارا" وسوق واقف التراثي، لقضاء وقت ممتع مع أفراد العائلة والاقارب والأصدقاء، والاستمتاع بالفعاليات.
واحتفالاً بالعيد، تعطل الجهات الحكومية والقطاع العام مدة 11 يوماً تبدأ في 19 إبريل/ نيسان الجاري. ويستقطب سوق واقف التراثي أعداداً كبيرة من المواطنين والمقيمين في أمسيات العيد، وخصوصاً مع استقرار درجات الحرارة ليلاً عند معدلات متوسطة، وكأنها أجواء ربيعية. وأعدّت مراكز التسوق الكبرى برنامج فعاليات وعروضاً متنوعة خلال العيد. وأعلنت المؤسسة العامة للحي الثقافي "كتارا" برنامجها الاحتفالي الخاص بعيد الفطر، وسيجد الجمهور بمختلف فئاته العمرية باقة متنوعة من الفعاليات والأنشطة الترفيهية التي تبدأ الساعة الرابعة عصراً وتستمر حتى العاشرة مساءً.
وتنطلق الفعاليات بعرض لفرقة موسيقية في ساحة الحكمة، كذلك يشارك معهد تدريب الشرطة بعرض موسيقي على كورنيش كتارا طوال أيام العيد.
ويكون الأطفال على موعد مع عيدية "كتارا" التي توزع على مدى ثلاثة أيام العيد. ومن الفعاليات مسرحية "عالم 2030"، من إخراج حنان صادق وتأليف مها حيدر وبطولة مجموعة من الفنانين، منهم علي الخلف وعلي الشرشني وسلمان سالم. وسيكون جمهور "كتارا" على موعد مع الألعاب النارية أول وثاني أيام العيد، التي باتت تشكل فقرة مميزة ورئيسية من فقرات برنامج العيد في الحيّ الثقافي. وتحتفل "مشيرب قلب الدوحة" بعيد الفطر من خلال مجموعة من الأنشطة والفعاليات، ويستقبل الزوار في أول أيام العيد بالورود لبدء رحلتهم المميزة في الحيّ الذكي. وفي براحة مشيرب تجربة شاملة تتميز بالعروض الموسيقية التي تقدمها مجموعة عازفين على آلات الكمان والبيانو والسكسفون.
ويقدم "مهرجان السكة" طوال أيام العيد من الساعة الـ5 وحتى الـ11 مساءً، عروضاً فنية جوالة من تقديم قطر للسياحة، ويتحرك الفنانون المتجولون بأزيائهم المميزة ومهاراتهم الراقصة. وتُقدَّم عروض فنية، مثل ألعاب الخفة والرقص والألعاب التفاعلية.