غزة: صوت الأذان يصدح من مساجد مدمرة

01 ابريل 2024
يصلون على أنقاض مسجد الفاروق (ياسر قديح/ الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في غزة، رغم الدمار الذي لحق بالمساجد جراء الغارات الإسرائيلية، يستمر صوت الأذان بالصدح، مع مسجد العودة كرمز للصمود حيث بقيت مئذنته شامخة.
- المساجد، التي كانت مراكز للعبادة والتعليم الديني، تحولت إلى ركام، مما أثر على الروحانيات والتقاليد الدينية خاصة في رمضان، مخلفةً حزناً عميقاً بين السكان.
- الاحتلال الإسرائيلي دمر 224 مسجداً كلياً و290 جزئياً في غزة، في عمل يعكس حقداً ضد الأماكن الدينية ويهدف إلى إسكات صوت الأذان، مما يشير إلى حالة من العجز وكراهية الأديان الأخرى.

رغم تدمير جيش الاحتلال الإسرائيلي عشرات المساجد في قطاع غزة، إلا أن صوت الأذان لا يزال يصدح من تلك المساجد المدمرة في مواقيته. وفي شمال القطاع، بقيت مئذنة مسجد العودة صامدة وحدها، بينما دمرت الغارات الإسرائيلية المسجد نفسه خلال الحرب المستمرة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. ويواصل المؤذن نداء المصلين إلى الفلاح لإقامة الصلاة، مثلما كان يفعل قبل الدمار الذي لحق بالمسجد.

وإلى جانب المئذنة الشامخة يمتد الدمار والركام، وتتناثر أنقاض المسجد الذي كان يستقبل مئات المصلين ويدرّس داخله القرآن الكريم وأحكامه. وفي شهر رمضان، بات المسجد ذكرى للمصلين، حيث كان سكان شمال القطاع يقصدونه دائماً للاعتكاف فيه خلال شهر الصوم والعبادة.

وكان رواده يعتادون على تزيينه لاستقبال شهر رمضان. لكن هذا العام تغيرت الأجواء وألمت بهم حالة من الحزن والقهر بسبب الدمار الذي لحق بالمسجد.

قبلة المعتكفين في رمضان

في رمضان من كل عام، كان المسجد يحتضن مئات المصلين قبيل أذان المغرب، حيث يجتمعون لتلاوة القرآن الكريم ويقدم المشرفون عليه طعام الفطور للمحتاجين. وفي ساعات الليل، كان يأتي رواد المسجد ليستمتعوا بالدروس الدينية وجلسات المواعظ التي يقدمها مجموعة من الدعاة. ويقع مسجد العودة الذي تم بناؤه قبل ما يقارب 50 عاماً في مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين.

ما بقي من مسجد الهدى (أحمد حسب الله/ Getty)
ما بقي من مسجد الهدى (أحمد حسب الله/ Getty)

هنا مسجد يزين

على مقربة من المسجد، يشعر الفلسطيني عوض الشُرَفا (55 عاماً) بالحزن الشديد جراء القصف والتدمير الذي طاول المساجد والمنازل. ويقول: "كنا في رمضان نحتفل ونزين المساجد التي كانت تضم مئات المصلين والأطفال، ولكن بسبب الحرب غاب كل شيء". يضيف: "الاحتلال خلف دماراً في كل مكان، دمر منازلنا ومساجدنا وشرد الفلسطينيين وقتلهم، وأزال الفرحة والاحتفالات بشهر رمضان".

ويسترجع الشرفا ذكريات الشهر خلال السنوات الماضية داخل المسجد، حيث كان يتم تزيينه ويزدحم بالمصلين الذين يعتكفون، ولكن اليوم يبدو أن كل شيء قد اختفى. يتمنى الرجل أن تنتهي الحرب وتعود المساجد وتُعمر من جديد حتى تصدح بالأذان مرة أخرى، ويعود الناس إلى العيش بسلام وأمن.

يرفع الأذان رغم الدمار

وتعرض مسجد المحطة في حي التفاح بمدينة غزة إلى الدمار بشكل كامل جراء الهجمات الإسرائيلية. مع ذلك، يستمر صوت الأذان في الصدور من بين الركام. ولا يتردد الشاب ياسر حسونة (23 عاماً) في الذهاب إلى المسجد في كل موعد صلاة، حيث يؤذن ويتلو القرآن على أنقاضه في تحد لإسرائيل.

يقول حسونة: "في ظل حرب الإبادة ومحاربة المساجد بالقصف والتدمير، نأتي كل يوم إلى مسجد المحطة ونرفع الأذان". يضيف: "نحن مصرون على أن نأتي إلى بيت الله لنقيم الصلاة ونرفع الأذان في ظل حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة". وتمنى الشاب الفلسطيني أن تنتهي الحرب الإسرائيلية وتعمر المساجد ويعود المسلمون جميعاً للصلاة في المسجد.

علوم وآثار
التحديثات الحية

أرقام وإحصائيات

بدوره، يقول مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة، إسماعيل الثوابتة: "دمر جيش الاحتلال خلال حرب الإبادة الجماعية على غزة 224 مسجداً بشكل كلي و290 مسجداً بشكل جزئي". يضيف: "كان تدمير هذه المساجد من خلال إلقاء صواريخ وقنابل عليها يزن بعضها ألفي رطل من المتفجرات، ما أدى إلى تدميرها بشكل مباشر وعنيف، بما يدل على حقد وإجرام الاحتلال".

يتابع الثوابتة: "هذه ليست المرة الأولى التي يستهدف فيها الاحتلال الإسرائيلي المساجد بالقصف والتدمير، لكنها الأعنف". ويلفت إلى أن "جريمة الاحتلال باستهداف وهدم المساجد وكذلك الكنائس أخفى صوت الأذان من عشرات الأحياء المنتشرة في الأوقاف، وأوقف طرق أجراس الكنائس أيضاً".

ويعتبر أن "استهداف المساجد يعبر عن حالة الإفلاس والعجز التي وصل لها الجيش، وكذلك الحقد وكراهية الأديان الأخرى وإلغاء مفاهيم التسامح والتقارب التي لا يؤمن بها هذا الاحتلال المجرم".

(الأناضول)