- ياسين، الذي كان يعمل في أعمال هامشية ويخطط للزواج، أقدم على فعلته بعد مصادرة بضائعه وتعرضه لسوء معاملة من قبل الأمن، مما أثار غضب وألم كبيرين في المجتمع.
- الحادثة تسلط الضوء على ظاهرة الانتحار بين الشباب في تونس، مدفوعة بالأعباء المعيشية والأسرية الثقيلة والأزمات النفسية، مع تأثير أكبر في المناطق الحضرية مقارنة بالريف.
شهدت منطقة بوحجلة بمدينة القيروان، وسط تونس، ليل أمس الخميس، تعزيزات أمنية تحسباً لحصول حالة احتقان بين السكان بسبب وفاة الشاب العشريني ياسين السالمي متأثراً بحروق بالغة من الدرجة الثالثة طاولته بعدما أضرم النار في جسده أمام مركز أمني في المنطقة، الثلاثاء الماضي. وأفاد شهود بأن "الواقعة حصلت إثر خلاف نشب بين الشاب وعنصر أمني، ما أجج غضبه وجعله يشعل النار في جسده".
وقال صديق للمتوفى يدعى أيوب الضيفاوي لـ"العربي الجديد": "زاول ياسين أعمالاً هامشية مثل البناء، ثم اشترى بضائع وتجوّل لبيعها قبل أن تحجزها قوات الأمن، فتوجه إلى مركز المنطقة حيث تعرّض لسوء معاملة وإهانة، فحزّ الأمر في نفسه ودفعه الغضب الشديد إلى سكب بنزين على جسده"، وتابع: "لدى ياسين شقيق واحد وخطيبة، وكان ينوي الزواج وتكوين أسرة لكن الموت غيّبه، وخلّفت وفاته غضباً وألماً كبيرين لدى كل من عرفه".
وقال أحد سكان منطقة بوحجلة، ويدعى عبد المجيد، لـ"العربي الجديد": "جرى نشر تعزيزات أمنية في المنطقة للتعامل مع حالة الاحتقان بعدما خلّفت الحادثة غضباً كبيراً لدى السكان وأصدقاء الفقيد. نشب خلاف بين ياسين وعنصر أمن، الثلاثاء الماضي، لكن يبدو أنه تطوّر، وهو ما أغضب ياسين، الذي قرر في لحظة يأس سكب بنزين على نفسه أمام مركز الأمن، وقد نقِل إلى مستشفى الأغالبة بالقيروان، ثم إلى مستشفى بن عروس للحروق في العاصمة تونس قبل أن يفارق الحياة". وأفادت مصادر أمنية بأن "التحريات الأولية أشارت إلى أن المتوفى عاطل من العمل، وحاول الانتحار خلال العام الماضي عبر تناول كمية من الأدوية".
ويفسّر ناشطون اجتماعيون وحقوقيون في تونس ظاهرة الانتحار في صفوف الشباب بثقل الأعباء المعيشية والأسرية الملقاة على عواتقهم، وهو ما يتسبب في أزمات نفسية حادة، ويقولون إن أرقام حوادث الانتحار أكبر بكثير مما يجري رصده وتوثيقه، علماً أنها تعتمد على رصد حالات تنشرها وسائل الإعلام التي باتت بدورها أكثر تحفظاً في التعاطي مع ظاهرة الانتحار.
ويوضح هؤلاء أن "الأحياء الفقيرة في محيط العاصمة تشكو من هشاشة كبيرة، ما يؤثر على الصحة النفسية لسكانها، علماً أن الأزمة الاقتصادية التي تتبعها أزمات نفسية تكون أكثر وطأة في المناطق الحضرية منها في الريف نظراً إلى اختلاف المتطلبات المعيشية، ما يفسر قلة حالات الانتحار في الأرياف، وأيضاً بين النساء".