تسبب الانفلات الأمني، وغياب السلطات الرادعة، وانتشار السلاح العشوائي، في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية "قسد" شمال شرق سورية، بتعزيز قضايا الثأر والخلافات العشائرية التي تقوّض السلم الأهلي في المجتمع، والتي تقابل بالرفض من السكان.
أحدث الخلافات العشائرية شهدتها بلدة الصفصافة، قرب مدينة الطبقة بريف محافظة الرقة شمال غرب سورية، أمس السبت، وأسفرت عن مقتل 3 أشخاص بدافع الثأر، متسببة بحالة من الذعر والخوف للأهالي
أوضح محمود الإبراهيم، من بلدة الصفصافة، لـ"العربي الجديد": "بالعموم كنا نعيش حياة هادئة مستقرة بعيدة عن هذه المشاكل، بعد عام على حادثة مشابهة وقعت في 2023، واليوم نعيش حالة الخوف ذاتها، رغم وجود حواجز لـ"قسد" وفرض حظر تجوال"، مشيراً إلى أن "شبّاناً طائشين يحملون السلاح تسببوا بارتباك البلدة بأكملها وأرعبوا الأطفال".
الثأر موروث يضرّ بالمجتمع في الرقة
ومن الأسباب التي تؤدي لوقوع هذه الحوادث غياب العدالة وضعف الضبط الأمني، خاصة من جانب "قسد"، وقلة الوعي المجتمعي بمخاطر الانجرار وراء موروث يضر بالمجتمع وهو الثأر.
علي الملا من سكان منطقة الطبقة بريف الرقة قال لـ"العربي الجديد" إن حوادث إطلاق النار العشوائية متكررة في المنطقة"، مضيفاً: "نحن اليوم نعيش في حالة من الاستهتار وغياب القانون الذي لا يطبق إلا على الضعفاء".
وأرجع الملا أسباب حادثة الأمس إلى خلاف سابق، قائلاً: "الحادثة التي وقعت أمس في الصفصافة سببها عدم محاسبة من ارتكب الجريمة الأولى، التي وقعت العام الماضي، وهذا ما دفع بذوي القتيل إلى التمسك بالثأر، حيث إن أحد وجهاء عشيرة المغلطان قُتل العام الماضي على يد عشيرة الناصر، وبقي الخلاف قائماً بسبب عدم ملاحقة القتلة، وتطور الأمر وعاد ليتجدد أمس".
بدورها أوضحت الباحثة الاجتماعية، عليان البكر، لـ"العربي الجديد" أن القتل أخذاً بالثأر هو عرف قبلي وعادة موروثة عن الجاهلية، ويحمل معتقد أن الدم لا يغسل إلا بالدم، وأن روح القتيل لا تستقر وتستريح إلا بالأخذ بثأره من قاتله، ويعيش أهل القتيل حالة من الاستنفار والترصد والملاحقة لأهالي القاتل لأخذ الثأر، وفي وضح النهار وعلى أعين الجميع، إن لم يكن من الفاعل نفسه فمن أحد أقربائه من الدرجة الأولى سواء من ابنه أو أبيه أو أخيه أو عمه، وعادة ما يتباهى الفاعل بجرمه ويعلنه أمام الجميع، دون أي اعتبار لما سوف يترتب عليه من عقوبات بعد ذلك.
وقالت البكر: "ترجع أسباب تفشّي الظاهرة للفوضى، ولغياب القانون، والانفلات الأمني، والتسليح، وفقدان هيبة الدولة واحترام القانون، وتوزع مناطق السيطرة، وسهولة مغادرة البلاد، وعدم جدية المحاكم القائمة على تقصي الحقائق ورد المظالم، ووضع حد رادع لتلك الممارسات الإجرامية التي تحولت إلى ظاهرة".
وفي محافظة دير الزور أصيب 3 أشخاص بجروح جراء اقتتال عشائري بين عائلتين في قرية حمّار العلي في الريف الغربي للمحافظة، وذلك إثر خلاف على قسمة أرض زراعية، أمس السبت، حيث نقل المصابون إلى مستشفى الكسرة ضمن المنطقة التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، وفق تقرير صدر عن المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وبلغ عدد الاشتباكات العائلية والعشائرية وفوضى انتشار السلاح بين المدنيين، ضمن مناطق "الإدارة الذاتية" منذ مطلع العام الجاري، 10 اشتباكات، أسفرت عن مقتل 5 وإصابة 16 شخصاً بجراح، توزعوا على النحو الآتي: 7 في دير الزور أسفرت عن 14 جريحاً، واشتباكان في الرقة أسفرا عن مقتل 5 أشخاص، واشتباك في ريف حلب أسفر عن إصابة شخصين.