استمع إلى الملخص
- **تحالف اليسار وبرنامجه**: تصدر تحالف اليسار نتائج التصويت، مقدماً مشروعاً لدعم المهاجرين، يتضمن إلغاء قانون "درمانين"، تسوية أوضاع المهاجرين، وتسهيل الحصول على تأشيرات وتصاريح إقامة طويلة الأمد.
- **أهمية ملف الهجرة**: ملف المهاجرين كان محورياً في الحملات الانتخابية الفرنسية، حيث وعد اليسار بدعم طالبي اللجوء، تسهيل حصولهم على الجنسية، وإنشاء صفة "نازح بسبب المناخ".
عاش آلاف المهاجرين التونسيين كابوس اقتراب اليمين المتطرف من الحكم خلال الدور الأول من الانتخابات البرلمانية الفرنسية الأخيرة، بعدما تصدر التجمع الوطني وحلفاؤه الدورة الأولى، أما اليوم فهم أكثر تفاؤلاً بمستقبلهم مع تفوق اليسار.
ينظر المهاجر التونسي وجيه التستوري إلى مستقبله في فرنسا بتفاؤل أكبر بعد الانتخابات البرلمانية الجديدة، وهو يتطلع إلى تسوية وضع إقامته في البلاد التي كان دخلها بطريقة غير نظامية عام 2013.
كان التستوري (34 عاماً) من بين مئات المهاجرين الذين دفعت بهم قوارب الهجرة إلى الضفة الشمالية للبحر المتوسط بعد الثورة في تونس عام 2011، وكان يطمح بعد وصوله إلى فرنسا لتسوية وضع إقامته خلال فترة وجيزة. يقول لـ"العربي الجديد": "حاولت مرات خلال فترة إقامتي في فرنسا إيجاد حل لملفّي، لكنني لم استطع الحصول على وثائق إقامة دائمة، وظل هاجس الترحيل يطاردني".
وبات الأمل في تسوية وضع المهاجرين أكبر بعد إعلان نتائج الانتخابات التشريعية التي أفرزت برلماناً موزعاً بين ثلاث كتل، وتراجع اليمين المتطرف المعارض للمهاجرين الذي تصدر الجولة الأولى من الانتخابات.
ويرى التستوري أن التحالفات السياسية الجديدة الممكنة في السلطة يمكن أن تنظر إلى ملف المهاجرين بتشدد أقل، وتحاول إيجاد حلول لتسوية إقامات المهاجرين وحفظ حقوقهم.
وتصدر تحالف اليسار نتائج التصويت في الجولة الثانية من الانتخابات، فيما جاء تحالف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في المركز الثاني متقدماً على تحالف اليمين المتطرف وسط أكبر إقبال للناخبين منذ عام 1997، بنسبة تجاوزت 67% بحسب وزارة الداخلية.
ويرى التستوري أن التحالف الجديد لليسار الذي حصد 182 مقعداً في البرلمان قدّم مشروعاً يعتبر من بين الأكثر وضوحاً لملف المهاجرين، ومن أبرز نقاطه إلغاء قانون "درمانين" للجوء والهجرة الذي أقرّ في يناير/كانون الثاني الماضي.
وكان قانون درمانين منح السلطات مزيداً من الصلاحيات من أجل تسريع إجراءات ترحيل بعض المهاجرين، وتسوية أوضاع العاملين الأجانب في المهن التي تعاني نقصاً في اليد العاملة قبل أن تسقطه المحكمة الدستورية.
وتعدّ فرنسا دولة الاستقبال الأولى للمهاجرين التونسيين داخل الفضاء الأوروبي، بنسبة تتجاوز 56%، وتقيم فيها أعلى نسبة من التونسيين الذين لم تتجاوز أعمارهم 18 سنة، وهم أساساً من أجيال المهاجرين الجديدة، وتقدّر نسبتهم بـ14.8% من مجموع المهاجرين التونسيين في منطقة اليورو.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي المتخصص في ملفات الهجرة والمقيم في باريس، نزار الجليدي، لـ"العربي الجديد": "كان ملف المهاجرين من أبرز الأوراق التي استعملتها الأحزاب الفرنسية في حملاتها الانتخابية، فالهجرة تعيش في فلك القرارات السياسية".
يتابع: "ما هو معلن الآن هو أن اليسار الفرنسي، أقوى تكتل سياسي، سيعمل لسن قانون للهجرة بعد فشل قانون درمانين الذي كان يمينياً أكثر من اليمين ذاته، وأفشلته المحكمة الدستورية".
ويرى أن "فرنسا في وضعها الاقتصادي الحالي تحتاج إلى قانون للهجرة من أجل ضخ دماء جديدة في اقتصادها، فهي تسعى إلى يد عاملة إضافية لتعزيز مصالحها التي تهدف إلى معالجة التهرّم الديمغرافي لمواجهة التحديات الاقتصادية، وربما العسكرية".
ويشير الجليدي إلى أن "الرأي السائد هو أن التكتلات السياسية تصنع سياسات الهجرة، لكن الإدارة الفرنسية تملك فعلياً اليد العليا في الملف، وتكيّف العرض والطلب على المهاجرين، وتتخذ كل الإجراءات الممكنة على صعيد إيجاد التسويات
الممكنة لملفاتهم وأساليب التعامل معهم، ولا يمكن بالتالي سن أي قانون في هذا الملف من دون الرجوع إليها".
ويشير إلى أن "ملف الهجرة الأساسي في حملات الانتخابات البرلمانية الفرنسية والأوروبية الأخيرة قد يفضى إلى تغييرات مع صعود اليسار استجابة لاحتياجات ديمغرافية واقتصادية وأمنية في الأساس، تؤدي إلى تسوية أوضاع المهاجرين وتشكل في الوقت ذاته وسيلة لمراقبة وجودهم على التراب الفرنسي".
وخلال حملته الانتخابية وعد اليسار الفرنسي بضمان الدعم الاجتماعي وترخيص العمل لطالبي اللجوء، وتسهيل الحصول على تأشيرات، وتسوية أوضاع العمال والطلاب وأولياء أمور أطفال أجانب ملتحقين في المدارس، واعتبار تصريح الإقامة لمدة عشر سنوات تصريح إقامة مرجعياً. كما وعد تكتل اليسار بإنشاء قنوات هجرة قانونية وآمنة تحل بدلاً من الطرق غير القانونية التي تستغلها عصابات تهريب المهاجرين مع وضع حدّ للإجراءات المهينة في دراسة طلبات اللجوء.
ووعد تكتل اليسار أيضاً بإنشاء صفة "نازح بسبب المناخ" التي ستسمح للأشخاص الذين نزحوا من بلدانهم بسبب تدهور المناخ والجفاف وارتفاع درجات الحرارة بالحصول على وضع قانوني في فرنسا مع ضمان الحقوق الكاملة للأطفال المولودين في فرنسا، وتسهيل حصولهم على الجنسية الفرنسية.